الخرطوم: فتح فصيل مسلح بدارفور مكتبا في إسرائيل دليل على دور اللوبي اليهودي

زعيم حركة تحرير السودان: نعم لدي مكتب في إسرائيل وليس بيني وبينها عداء

TT

في أول رد فعل رسمي، قالت الحكومة السودانية إن فتح «حركة تحرير السودان المسلحة» في إقليم دارفور بزعامة عبد الواحد محمد نور مكتبا لها في دولة إسرائيل «دليل مادي محسوس على أن قضية دارفور تحرك بأيد أجنبية ولوبي يهودي»، قبل ان يعتبره عملا «يستهدف السودان في عقيدته ووحدته»، فيما اعتبر نور الخطوة من جانبه بأنها «أمر عادي.. وانه ليس لدية أي عداء مع إسرائيل أو أية دولة أخرى في العالم».

واعترف نور صراحة في تصريحات له نقلت في الخرطوم بان لحركته مكتبا في إسرائيل، وقال «نعم لدينا مكتب في إسرائيل مثلما لدينا مكاتب في مصر وليبيا وكينيا واميركا وبريطانيا وغيرها من الدول، خاصة ان لدينا لاجئين ذهبوا لإسرائيل نتيجة للحرب الدائرة في دارفور ووجدوا أنفسهم قادرين على تقديم العون لأهلهم فقاموا بفتح مكتب للحركة في إسرائيل.

وكان نور واضحا في كلامه انه ليس لديه عداء مع إسرائيل، وقال «نحن ليس لدينا عداوة لأي دولة او شخص في العالم، ومن ناحية مبدئية فاننا كحركة فعلاقاتنا مع الآخرين مبنية على عدم نشر الكراهية ضد الدول أو الأشخاص وأمنياتنا ان تنتشر المحبة بين الناس، حتى اذا فشلنا في تحقيق ذلك فاننا نقف ضد أيه كراهية بين الدول والناس، والشعب السوداني عامة وشعب دارفور خاصة ضحية للكراهية التي أوجدتها الحكومة بين الناس»، واضاف «يا ريت كل شعوب الأرض والشعب السوداني على وجه الخصوص يرفض هذا الأمر».

وحول ما إذا كانت الخطوة بمثابة اللعب بالنار من جانبه، قال نور «أنا أرفض الإرهاب الفكري، والثورة تعني التغييب، وأنا لو كنت أؤمن بالأشياء الموجودة لما دخلت الغابة وتمردت أو أعلنت قيام الثورة، لذلك فان إسرائيل بالنسبة لي مثل بقية الدول، وانا لا أكن اية عداوة لاي انسان بسبب جنسه أو عرقه أو دينه، ولا توجد لدي مثل هذه الافكار»، واضاف قائلا «فاذا كانت الناس تكره إسرائيل فانا لا اكره إسرائيل، وحتى بالنسبة للمشكلة الخطيرة المتمثلة في القضية الفلسطينية فاننا كحركة مبادئنا الثابتة هي ان يعيش الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي في دولتين متجاورتين في امن وسلام وان تعترف كل دولة بالاخرى»، وتابع: «ليس هذا فحسب فنحن اذا وجدنا طريقة او فرصة لشجعنا على فتح سفارة لإسرائيل في اية دولة وفق مبادئنا التي ذكرناها»، وكرر «انا مقر بان يعيش الشعبان في دولتين في إطار الأمم المتحدة ومثل بقية دول العالم.

وردا على سؤال اخر له، قال نور انه لا يخاف لا من الإسلاميين ولا من العروبيين، وإذا كان هناك انسان يريد ان يدافع عن الإسلام أكثر مني فانني مسلم وأحفظ القرآن وأهلي يحفظون القران، واذا كان هناك شخص يريد ان يدافع عن العروبة اكثر مني فانني مجتمع عربي وإسلامي، ليس بكراهية الآخرين، بل بنشر القيم الفاضلة والسامية في المجتمع السوداني الذي انا واحد منه وفي المجتمع الإقليمي، سواء كان في الدول المجاورة أو افريقيا أو الشرق الأوسط أو المجتمع الدولي.

وفي رد فعل حكومي على قرار نور، اعتبر الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني ومسؤول ملف دارفور في الحكومة السودانية أن فتح نور مكتبا لحركته في اسر ائيل دليل مادي محسوس على أن قضية دارفور تحرك بأيد اجنبية ولوبي يهودي، وقال في تصريحات ان نور من خلال افتتاحه هذا المكتب اراد ان يقيم علاقات مباشرة مع إسرائيل بدلا من أن يتعامل مع اللوبي الإسرائيلي في اميركا، واضاف نافع ان القضية المهمة في هذا الصدد هي ان نور بهذه الخطوة يقدم أهلنا «الفور» لإسرائيل لتهنأ بتهويدهم، ونحن مطمئنين بأن هذا العمل مستفز لأهلنا في السودان وقبيلة الفور، ولفت الانتباه إلى أن هذا العمل الذي اقدم عليه نور يستهدف السودان في عقيدته ووحدته وسيكون له انعكاسات كبيرة وسط قبيلة الفور.

وتوقع مساعد الرئيس ان يأسف نور على فعلته هذه وان ينفض من حوله كثير من أبناء الفور وآخرين من حركته. وحول دعوة نور الحكومة لاتخاذ خطوات مماثلة قال دكتور نافع عندما تشعر الحكومة بان نور يقدم على خطوات راشدة ويهتم بقضايا أهل السودان وأهل دارفور عندها يمكن ان تقتنع الحكومة بان نور يقدم رأيا يمكن ان ينظر فيه.

وعلى غرار نافع، وصف دكتور كمال عبيد وزير الدولة بوزارة الإعلام والاتصالات الخطوة من نور بأنه يؤكد على سعي من نور للارتماء في أحضان العمالة ومحاولة تصعيد الصراع وتمزيق النسيج الاجتماعي لدارفور، وقال في تصريحات صحافية ان ذلك يتطلب موقفا قويا من ابناء دارفور التي عرفت منذ التاريخ بأنها ارض القرآن والإسلام، واضاف ان هذا المسلك جاء في الوقت الذي بدأ فيه الكثير من النازحين بالمعسكرات بالعودة إلى مناطقهم، وأكد أن هذه الخطوة ستواجه برد فعل ليس على الصعيد الرسمي فحسب وانما على المستوى الشعبي وخاصة من ابناء دارفور. من جهته قال حافظ حمودة مستشار رئيس حركة تحرير السودان للشؤون الاستراتيجية: أمورنا واضحة خاصة في ما يتعلق بالأمور الحساسة وقرار فتح مكتب لنا في إسرائيل له أسبابه الموضوعية.

وأضاف حمودة لـ«الشرق الأوسط» إن من أهم الأسباب التي دعتنا لفتح مكتب في إسرائيل أن هناك أعدادا كبيرة من السودانيين في إسرائيل خاصة من أبناء دارفور واغلب هؤلاء من كوادر وقواعد حركة تحرير السودان.

ومن جانبه قال محمد آدم الحسن أمين الإعلام لحركة العدل والمساواة في القاهرة، إن إقدام حركة تحرير السودان على هذه الخطوة مخالف لكل معتقداتنا وقناعاتنا المنطقية التي نشأنا عليها، واعتبرها خصما سلبيا من رصيد نضال حركة تحرير السودان ومن قضية دارفور نفسها في إطار المفهوم الوطني والقومي لدى السودانيين والعرب والمسلمين، مشيرا إلى أنهم في حركة العدل والمساواة يرفضون اي نوع من التطبيع مع اسرائيل.

وطالب آدم حركة تحرير السودان بإعادة تقييم هذه الخطوة على أن تحسبها هذه المرة بحسابات وطنية وقومية، واصفا القرار بأنه فردي، خاصة بعد دخول مدير مكتبهم في القاهرة إدريس أرباب ومسؤوله الإعلامي موسى بابكر إلى إسرائيل ضمن الذين تسللوا اليها من ابناء دارفور وغيرهم، مما يؤكد غياب المؤسسية داخل الحركة.