بريطانيا تسحب الأمير هاري من أفغانستان.. والمدونون يكشفون خفايا «تسريب» الخبر

مجلة أسترالية نشرت القصة قبل شهرين.. وموقع أميركي شهرها خلال يومين

TT

قررت وزارة الدفاع البريطانية أمس سحب الامير هاري، نجل ولي العهد البريطاني الامير تشارلز، «فورا» من الخدمة العسكرية في افغانستان بعد تسرب نبأ وجوده على جبهة القتال قبل يومين الى وسائل الاعلام.

وقالت الوزارة في بيان: «بعد تقييم مفصل للمخاطر اجرته قيادة العمليات، تم اتخاذ قرار سحب الامير هاري من افغانستان فورا». وقالت ان السبب الرئيسي في قرار اعادة الامير هاري الى بريطانيا هو ان «التغطية الاعلامية لوجود الامير هاري في افغانستان يمكن ان تؤثر على امن المنتشرين في المنطقة التي يوجود فيها والمخاطر التي يمكن ان يتعرض لها كجندي».

وأضافت ان قرار «بعض العناصر في الاعلام الاجنبي نشر خبر وجود الامير هاري في افغانستان دون التشاور مع وزارة الدفاع، هو قرار مؤسف». وتابعت «الا اننا كنا دائما ندرك هذا الوضع واعدننا خطط طوارئ لمواجهته». وتصدرت صورة النجل الأصغر لولي العهد البريطاني، الأمير هاري، الصفحات الأولى للصحف البريطانية الصادرة صباح أمس، وانشغلت القنوات المحلية ووسائل إعلام عدة بمناقشة كيف اضطرت وزارة الدفاع البريطانية إلى الإعلان عن مشاركة الأمير الشاب في القتال إلى جانب قوات بلاده في أفغانستان طوال 10 أسابيع، وذلك بعد ورود أخبار عن «تسريب» القصة عبر وسائل إعلام أجنبية، ذكر منها مجلة «نيو آيديا» و«بيلد» الالمانية.

إلا أن أمرا لافتا لم ينتبه إليه الكثيرون، ففيما بدا لوهلة وكأن الـ«تسريب» حصل مؤخرا، فإن الحقيقة بأن مجلة «نيو آيديا» الاسترالية (وهي من النوع الشعبي ومخصصة للنساء وتعنى بأخبار المشاهير وفضائحهم) نشرت خبر وجود الأمير هاري في أفغانستان قبل نحو شهرين، وتحديدا في السابع من يناير الماضي، وما جرى على الأرجح أن أحدا لم ينتبه إلى الخبر حين نشر... إلى أن التقطه موقع الكتروني أميركي هو «درادج ريبورت» (وهو مدونة شهيرة تتابع الشؤون السياسية) خلال هذا الأسبوع، وهو ما كان السبب وراء انتشار الخبر فعليا أول من أمس، حتى أن صحيفة «غارديان» البريطانية نسبت كشف الخبر اليه (معتبرة ان الفضل كان له في التقاط القصة من المجلة الألمانية) في قصتها المنشورة صباح أمس. ونقلت شبكة الإذاعة الاسترالية (المعروفة باسم «أي.بي.سي») عن بيان صحافي لمجلة «نيو آيديا» يقول انها لم تكن على دراية بوجود حظر إعلامي على خبر وجود الأمير هاري في أفغانستان. وأضافت المجلة في بيانها: «تم نشر القصة في السابع من يناير الماضي، ولم نسمع أو نستلم أي تعليق من وزارة الدفاع البريطانية منذ ذلك الوقت»، لكنها قالت في نفس الوقت في بيانها «نحن نأخذ هذه الأمور على محمل الجد ولم نكن لنكسر الحظر عن عمد، ونشعر بالندم عن أي قضايا أثارها اكتشاف هذه القصة في أميركا اليوم».

وكان الامير هاري البالغ من العمر 23 عاما ارسل الى ولاية هلمند جنوب افغانستان في منتصف ديسمبر (كانون الاول) تحت غطاء من السرية عقب اتفاق تم التوصل اليه بين وسائل الاعلام والجيش البريطاني. والامير هاري هو اول افراد الاسرة المالكة الذين يتم ارسالهم الى منطقة قتالية منذ اكثر من ربع قرن. وتشارك الكتيبة التي ينتمي اليها في القتال ضد متطرفي طالبان في هلمند حيث يتمركز غالبية الجنود البريطانيين المنتشرين في افغانستان وعددهم 7700 جندي.

وفي اطار الاتفاق بين الجيش والاعلام على الابقاء على سرية مهمة الامير هاري، تبين انه سمح لمجموعة من الصحافيين البريطانيين بزيارته في افغانستان شرط عدم الكشف عن التفاصيل الا بعد مغادرته افغانستان. وتم ابرام الاتفاق بعد ان الغيت خطط ارسال الامير الى العراق العام الماضي بسبب المخاطر الامنية التي يمكن ان يسببها له الاعلام.

ونشرت المقابلات التي اعدها الصحافيون البريطانيون مسبقا الخميس الماضي بعد ان انتشرت انباء وجوده في افغانستان، كما تم بث شريط فيديو له وهو يطلق النار من بندقية ويستخدم هاتفا ميدانيا ويحاول على ما يبدو تشغيل دراجة نارية متوقفة.

وفي احدى المقابلات تندر مع زملائه حول لقبه «مغناطيس الطلقات». وقال انه لو كانت والدته الراحلة الاميرة ديانا على قيد الحياة لشعرت بالفخر به بسبب مشاركته في افغانستان. وأقر الامير هاري بان مشاركته في القتال في افغانستان يمكن ان تجعل منه «هدفا رئيسيا» للمتطرفين، مضيفا «كل شخص يؤيدهم سيحاول استهدافي».

واعرب عن امله في يكون رد الفعل الشعبي على ارساله الى افغانستان ايجابيا وانتقد بعض ما وصفوه بالجبان بعد ان منعه الجيش من التوجه الى العراق. وقال «اتمنى ان يتراجعوا عن كلامهم الان». ووصف رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الامير هاري بانه «جندي مثالي يخدم بكل اخلاص ووفقا لارفع تقاليد القوات المسلحة».

وكان الامير هاري فكر في الاستقالة من الجيش بعد قرار عدم ارساله الى العراق، وأعيد تدريبه كمراقب جوي في المعارك لاعداده للتوجه الى افغانستان. وتوجه الى افغانستان جوا في 14 ديسمبر حيث امضى بضعة اسابيع في غارمسير بولاية هلمند. وتم نقله من غارمسير، ولا يعرف مكان وجوده بدقة لاسباب امنية. ولم يشأ البيت الابيض التعليق على قرار وزارة الدفاع البريطانية سحب الامير هاري من افغانستان. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض غوردون جوندرو «انه موضوع يتعلق بالحكومة البريطانية».