لبنان لم يبلغ بوصول «يو إس إس كول».. والحكومة حريصة على عدم دخولها المياه الإقليمية

نائب رئيس المجلس الشيعي يذكر أميركا بما حصل للمارينز عام 1983

TT

أحدث وصول البارجة الاميركية «يو إس إس كول» الى قبالة المياه الاميركية اللبنانية هزة في الشارع اللبناني الذي انقسم في قراءة اهداف واسباب وصولها الذي تزامن مع تحركات عسكرية اسرائيلية قرب الحدود مع لبنان. وفيما رأت المعارضة اللبنانية في الخطوة «تدخلا واستفزازا» وسط دعوات وإنذارات بضربها اذا دخلت المياه الاقليمية، تلقت الحكومة اللبنانية وفريق الاكثرية ما حصل باستغراب كبير، وخصوصا انه لم يتم ابلاغ لبنان رسميا بهذه الخطوة ـ كما اكد مصدر حكومي لـ«الشرق الاوسط» ـ مشيرا الى ان ما يهم الحكومة هو عدم دخول هذه البارجة المياه الاقليمية اللبنانية. واعتبر ان ما يحصل هو نتيجة التوتر الحاصل في المنطقة.

وأكد وزير الاتصالات، مروان حمادة، ان الحكومة اللبنانية والغالبية النيابية «لم تستدرجا اي تحركات عسكرية من اي جهة كانت»، غير انه قال لـ«الشرق الاوسط»: «ان تقويمنا لما يجري انه يأتي نتيجة تحويل لبنان الى ساحة صراعات لا علاقة له بها، واعلان الحروب المفتوحة في كل اتجاه مما يجعل بلدنا في عين العاصفة. وما نريده نحن في لبنان، حكومة وغالبية شعبية ونيابية، هو إخراج البلد من دائرة التطاحن بين البر السوري ـ الايراني والجو الاسرائيلي والبحر الاميركي». ورأت مصادر في قوى «14 اذار» ان ارسال البارجة «كول» يرتبط، على الارجح، بوضع إقليمي أبعد من الساحة الداخلية اللبنانية. وقالت المصادر لـ«الشرق الاوسط» ان ما حصل «يثبت وجهة نظر الاكثرية التي تقول بوجود اخطار كبرى تحيق بلبنان وان الأوان ليس أوان تقديم فواتير على حساب لبنان، لا لسورية ولا لإيران» مشددة على ضرورة «تحييد لبنان عن الصراع الاقليمي» واعتبرت ان ما حصل يثبت هذا الامر. وقد استدعى السنيورة امس القائمة بالاعمال الاميركية ميشال سيسون وطلب منها ايضاحات بشأن قرار الادارة الاميركية ارسال سفن حربية الى شرق البحر المتوسط وخارج المياه الاقليمية اللبنانية وذلك للاطلاع على المعطيات والخلفيات التي كانت وراء القرار. وأفاد بيان صدر عن مكتب السنيورة بأن سيسون ابلغته ان «السفن الاميركية في شرق المتوسط عادة ما تقوم بتحركات روتينية، وهي موجودة هناك لدعم الاستقرار الاقليمي» مؤكدة «هذه السفن موجودة في المياه الدولية».

وفي كلمة القاها امام السفراء العرب في بيروت، أكد السنيورة أن «لا وجود لسفن حربية أجنبية في المياه الإقليمية اللبنانية» مشددا على أن «ليس في هذه المياه إلا سلاح البحرية اللبنانية والقوات الدولية التي تساعد لبنان في تأمين حدوده البحرية حسبما نص عليه القرار 1701» مجددا تأكيد «موقف الحكومة الثابت في الدفاع عن استقلال لبنان وسيادته ومصلحته العليا فلا يكون ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية.. ومن نافلة القول إننا لم نستدع أي بوارج حربية من أي جهة كانت» واضاف: «إني أجدد تأكيد موقفنا الثابت في الدفاع عن استقلال لبنان وسيادته ومصلحته العليا فلا يكون ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية.. وقد حذرنا مرارا من خطورة سياسات يلجأ إليها البعض وتؤدي في حقيقة الأمر إلى استخدام لبنان لأغراض خارجية على حساب أمن اللبنانيين وعمران بلدهم وعيشهم المشترك». وكانت وكالة «اسوشيتد برس» قد ذكرت، نقلا عن مصدر عسكري اميركي، ان سلاح البحرية ارسل «ثلاث سفن على الاقل» الى شرقي البحر المتوسط ، بينها سفينة هجومية برمائية «وذلك في عرض للقوة وسط التوتر القائم مع سورية والغموض السياسي في لبنان». هذا، وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية اللبنانية أنه مع وصول البارجة الأميركية اول من أمس تحرك الإسرائيليون في محاذاة السياج الحدودي على امتداد القطاع الشرقي في الجنوب. وقام وفد من كبار ضباط أركان الجيش الاسرائيلي بجولة ميدانية في المنطقة الممتدة من مستوطنة المطلة غربا حتى المرصد الإسرائيلي عند الطرف الجنوبي من جبل الشيخ شرقاً. وشوهد رتل من الآليات العسكرية الاسرائيلية بينها خمس سيارات جيب تقل عشرات الضباط الكبار تتقدمها ناقلات جند مدرعة وسط حراسة عسكرية مشددة. كما شوهدت عشرات الآليات الأخرى موزعة خلف سواتر ترابية ودشم اسمنتية على امتداد الطريق التي سلكها الوفد العسكري الذي توجه بعد جولته ليكملها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة. وهذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها آليات عسكرية إسرائيلية في محاذاة السياج منذ اغتيال القيادي في حزب الله، عماد مغنية، والتهديد الذي أطلقه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله.

وعلى صعيد هذا التطور رأى «تجمع العلماء المسلمين في لبنان» في بيان أصدره امس أن «ارسال المدمرة الاميركية الى شواطئنا محاولة لإخافتنا وبعث روح جديدة في أعوان الولايات المتحدة لمزيد من الصمود». ودعا «شباب المقاومة الاسلامية الى الاستعداد لضرب رأس الافعى الاميركية إن هي حاولت الدخول الى مياهنا الاقليمية أو حاولت الاعتداء علينا». وقال رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية المنضوية تحت لواء «14 اذار»، علي الشيخ عمار، في تصريح ادلى به امس: «الجميع يدرك ان الاراضي او المياه اللبنانية ليست مهددة بعدوان خارجي، حتى تأتي السفن الحربية الاميركية لحمايتها، ولا هي في وارد إنزال قوات اميركية على الاراضي اللبنانية لحماية الامن ودعم السلطة فيه، لانها سبق ان فعلت مثل هذا ثم اضطرت الى الانسحاب عام 1983. وان هذا الاجراء سوف يكون مرفوضا ومدانا من جميع اللبنانيين».

وطالب الحكومة اللبنانية بـ«أن تبادر الى مطالبة الولايات المتحدة الاميركية بسحب سفنها فورا من السواحل اللبنانية، لانها اولا لن تساعد على نشر الامن والاستقرار في البلد، وثانيا سوف تشكل ذريعة في يد المعارضة لتدين الحكومة بانها تفرط باستقلال لبنان، وانها تستعين بقوات اجنبية معادية من اجل دعم موقفها السياسي». ورأى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، الشيخ عبد الامير قبلان، انه اذا دخلت البارجة الاميركية المياه الاقليمية «فانها تكون اعتدت على الحدود اللبنانية». وذكر الولايات المتحدة بما جرى للمارينز (عام 1983) وللبارجة التي كانت تحمل العلم الاسرائيلي التي دمرت قبالة شاطئ لبنان». وتساءل اذا كانت هذه البارجة «تحمل تهديدا لسورية او للمقاومة؟ وفي كل الحالات نحن نحذر اميركا وننصحها بان لا تلعب بالنار». وسأل وزير الزراعة المستقيل، طلال الساحلي، القريب من رئيس البرلمان نبيه بري: «هل أفلست الدبلوماسية الاميركية حتى تلجأ الادارة الاميركية الى دبلوماسية البوارج والاساطيل؟».

ورأى عضو كتلة حزب الله، النائب حسن حب الله، أن ارسال المدمرة الاميركية هو «للضغط الامني والسياسي لان فريق الموالاة لم يعد قادرا على تحقيق ما تريده الادارة الاميركية في لبنان». هذا، واعلن وزير التنمية الادارية، جان اوغاسبيان، ان الحكومة فوجئت بخبر ارسال الولايات المتحدة البارجة «يو إس إس كول» الى قبالة السواحل اللبنانية، وقال: «لقد سمعنا بالخبر وفوجئنا، لاننا لسنا على علم بالموضوع. وفي الوقت عينه ثمة استغراب في هذه المرحلة بالضبط وما هي ابعاد، وما هو المقصود، من وراء هذا الموضوع. الحقيقة ان لا اجوبة لدي على هذه القصة». وأمل في «ألا تكون الخطوة الاميركية مرتبطة بما يحدث اليوم في لبنان والمنطقة، وان لا تكون عملية ضغط على أحد». وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب عزام دندشي إن «الاكثرية فوجئت بقدوم السفن الحربية الاميركية» لكنه اضاف: «طالما هي في المياه الدولية، فهذا شأنها، اما اذا دخلت المياه الاقليمية اللبنانية فسنتخذ الموقف المناسب. ويبدو ان اميركا لديها معلومات ما عن تحضيرات سورية ـ ايرانية تفجيرية بعد التهديدات التي اطلقت اثر اغتيال مغنية. ولذا تراعي مصالحها بخطوات وقائية».