بعد 8 أيام.. الجيش التركي ينهي حملته العسكرية في شمال العراق

الحكومة العراقية ترحب.. وأنقرة تنفي تعرضها لضغوط وتقول: حققنا أهدافنا

عربة عسكرية تقل جنودا أتراكا عائدين من شمال العراق بالقرب من الحدود أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت قيادة الجيش التركي انتهاء الحملة العسكرية التي استهدفت مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وان الوحدات التي كانت تنفذها بدأت صباح أمس العودة الى قواعدها، بينما رحبت الحكومة العراقية بهذه الخطوة وقالت إن هناك طرقا اخرى لحل أزمة المسلحين الأكراد.

وقال البيان الذي نشر على موقع الجيش على الانترنت، ان «الحملة حققت اهدافها وعادت قواتنا الى قواعدها في البلاد (..) صباح 29 فبراير (شباط)». وأشار البيان الى ان 240 مسلحا كرديا على الاقل قتلوا خلال ايام الحملة الثمانية مقابل مقتل 27 من عناصر القوات المسلحة التركية.

وهدد الجيش التركي بالعودة الى جبال شمال العراق لمحاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني مجددا إذا اقتضى الامر. وأوضح البيان «ستتم مراقبة نشاطات الارهابيين في شمال العراق عن كثب ولن يتم التسامح مع اي تهديد ينطلق من هذه الاراضي ضد تركيا»، مشددا على ان «مكافحة الارهاب داخل البلاد وخارجها ستتواصل بتصميم»، حسبما اوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت هيئة الاركان العامة في بيانها، انه ليس هناك أي تأثير اجنبي على قرار سحب القوات. وجاء هذا الاعلان بعد يوم واحد من دعوة الرئيس الاميركي جورج بوش أنقرة لسحب قواتها من شمال العراق بأسرع وقت ممكن. ورحب الرئيس العراقي جلال طالباني بقرار تركيا سحب قواتها من العراق، قائلا في بيان صادر عن مكتبه أمس: «هذا الانسحاب أكد مصداقية الحكومة التركية بأن الحملة العسكرية محدودة ومؤقتة». وأضاف: «كما جاء تأكيداً لما تفضل به الرئيس عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من عواطف الاخوة والمحبة الكريمة تجاه اخوتهم كرد العراق». واعتبر طالباني ان «هذا القرار التركي الرشيد يدل على صواب سياسة ضبط النفس والتعامل العقلاني والسياسي الهادئ مع الازمة الاخيرة ونجاحها في المحصلة النهائية، كما مارستها القيادة الكردية، وكذلك يدل على أضرار وفشل سياسة الضجيج الاعلامي الصاخب والتشنج والتوتر». وخلص طالباني بالقول انه «يتطلع بشوق الى تلبية الدعوة الكريمة» لزيارة تركيا. من جهته، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح، ان وقف التوغل التركي يجب ان يمثل «نهاية لسلسلة التوغل العسكري في الاراضي العراقية»، مضيفاً: «آن الأوان لمتابعة جميع المبادرات السياسية والدبلوماسية للوصول الى حل لأسباب هذا النزاع». وأكد ان «العراق، وبما فيه حكومة اقليم كردستان، ملتزم بالعمل مع تركيا في هذا الاطار لضمان أمن الحدود ومنع اية اعمال معادية تطلق من اراضينا». وفي كردستان العراق، عزا اللواء جبار ياور وكيل وزارة شؤون قوات البيشمركة والناطق الرسمي باسم قوات حماية اقليم كردستان العراق انسحاب القوات التركية من العراق الى جملة من الاسباب، أبرزها فشل العملية العسكرية في تحقيق أهدافها وعجز القوات التركية عن التوغل في العمق أكثر من بضعة كيلومترات، الى جانب الضغوط الدولية التي تعرضت لها تركيا والتي طالبتها بإنهاء عملياتها العسكرية. واستبعد اللواء ياور ان تعمد القوات التركية الى شن عمليات مماثلة على المدى القريب لأنها »منيت بهزيمة كبرى في المعارك الاخيرة»، على حد تعبيره.

من جانبه، قال محمد خوشناو السكرتير الاعلامي لرئيس حكومة اقليم كردستان، إن أنباء الانسحاب التركي من كردستان تثبت صحة ما اكده رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني منذ البداية من ان قضية حزب العمال الكردستاني لا يمكن حلها إلا بالوسائل السلمية.

من جهته، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان التوغل التركي الذي استهدف حزب العمال الكردستاني في شمال العراق انتهى صباح أمس وان القوات التركية بدأت بالانسحاب من شمال العراق. وقال زيباري «نرحب بهذه الخطوة، وطالما قلنا إن هناك طرقا اخرى لإنهاء حزب العمال الكردستاني».

وكان أحمد دانيس المتحدث باسم العمال الكردستاني قد صرح في وقت سابق، ان القوات التركية بدأت انسحابا «محدودا» لقواتها من شمال العراق. وقال دانيس مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب ان «الجيش التركي قام بانسحاب محدود في منطقة زاب القريبة من مثلث الحدود العراقي التركي الايراني». وزاب هي ثاني اهم المناطق التي يتحصن فيها المقاتلون الاكراد كما انها مقر لتدريبهم. واضاف «نشاهد تحركا عسكريا كبيرا للجيش التركي هناك ناقلات جنود فارغة وصلت من تركيا وعادت محملة بالجنود الى داخل الحدود التركية».

وكان دانيس قد توعد برد قاس على القوات التركية ما لم تنسحب الاخيرة من شمال العراق، وقال «ندعو الحكومة التركية الى سحب قواتها من كردستان العراق وإذا لم تفعل ذلك فأنها ستعيد جميع جنودها الى تركيا في نعوش (...) سيكون ردنا قاسيا لا يمكن تخيله». وتابع دانيس «نؤكد مرة اخرى اننا لا نريد الحرب ونريد السلام. فاذا تخلوا عن هذه الهجمات فنحن على استعداد لمعالجة هذه المشاكل بالطرق السلمية والحوار». لكنه حذر من انه «اذا لم تتخل تركيا عن خيار الحرب واستمرت في هجماتها، سنبدأ القتال الفعلي من اجل انهاء احتلالها لاراضي اقليم كردستان العراق». وعبر دانيس عن استغرابه ازاء ارسال تركيا «هذا العدد الكبير من الجنود مدججين بأحدث انواع الاسلحة والدبابات والطائرات والمروحيات لمهاجمة عناصر الحزب (...) لم نتوقع مثل هذا الهجوم الكبير رغم اننا اتخذنا جميع الاستعدادات اللازمة». ورأى ان «الهدف من التوغل التركي هو القضاء على المكتسبات الكردية وإفشال التجربة الكردية وإضعاف الحزبين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) والاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال طالباني)». وكان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق قد قال في بيان أمس، إن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لتركيا بالهجوم على الأراضي العراقية بعد أن وضعت بعض الخطوط التي لم يلتزم بها الجانب التركي. وقال بارزاني «لولا الضوء الأخضر الأميركي ما كان باستطاعة تركيا أن تهاجم وبهذه الكيفية التي رأيناها، مع هذا وضعت هذه الإدارة مجموعة من الخطوط ولكن الجانب التركي لم يلتزم بها حيث تم خلال الهجمات تدمير مجموعة من الجسور الحيوية والتجمعات السكنية».