حرب: بقاء الحال على ما هي عليه سيؤدي إلى انفلات الأمور وسقوط الدولة اللبنانية

حذر من خطورة ألا يعود هناك رئيس مسيحي في العالم العربي

TT

دعا النائب بطرس حرب (أحد أركان قوى 14 آذار) إلى «التفتيش عن وسيلة لإعادة تكوين السلطة، بدءا من رئاسة الجمهورية»، منبهاً إلى «خطورة ألا يعود هناك رئيس مسيحي في العالم العربي». وحذر من انه «إذا استمرت الحال على ما هي عليه فسيؤدي الأمر إلى انفلات الأمور وسقوط الدولة اللبنانية».

وقال في تصريح أدلى به عقب زيارة قام بها أمس إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير: «الزيارة هي للتشاور مع غبطته بالنظر إلى دور هذا الصرح الكبير في تاريخ لبنان وفي المحطات الخطيرة والأزمات وخصوصا هذه ألازمة، لذلك كان من الطبيعي لقاء غبطة البطريرك للتشاور والتداول في الحالة القائمة وفي الخطورة الكبيرة التي بلغتها والتي باتت تهدد مستقبل لبنان واللبنانيين وعملية التوازن الوطني ولا سيما الوجود المسيحي ودور المسيحيين في لبنان والتي تستدعي مقاربة مختلفة عن المحاولات التي قمنا بها والتي أدت، بكل أسف، إلى الفشل الكامل الذريع والى التراجع، عنيت بذلك عملية إطلاق الحوار قبل انتخاب رئيس للجمهورية وربط انتخابه بالحوار السياسي. واعتقد أن هذا الأسلوب الذي قصدنا منه تسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية وتوفير التوافق على رئيس للجمهورية بغية الالتفاف حوله لإنقاذ لبنان، هذا التوجه وهذا الأسلوب ثبت أنهما لم ينجحا، بل على العكس من ذلك أديا إلى تعقيد الأمور أكثر فأكثر والى التراجع وتأزيم الحالة. وهذا ما يستدعي، كما بحثت مع غبطته، النظر إلى الحالة القائمة من منظار آخر، أي التفتيش عن الوسيلة التي تسمح بالعودة إلى الدستور اللبناني والأصول الديمقراطية التي تسمح بإعادة تكوين السلطة من أعلى الهرم، أي على مستوى رئاسة الجمهورية وإيجاد مرجعية للبنان قادرة على إطلاق الحوار ورعايته ومتابعته وتحصين الوضع في لبنان ومنع انفلات الأمور في لبنان ووقوع ما نخشاه من اصطدامات قد تؤدي إلى انهيار الصيغة الوطنية وضرب لبنان ووحدته الوطنية وصيغة العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين».

وأضاف: «إن القلق الذي يشكل هاجسا لنا هو القلق نفسه لدى غبطة البطريرك إن لم يكن اكبر. وجميعنا أصبح مدركا انه إذا استمرت الحال على ما هي عليه فسيؤدي الأمر إلى انفلات الأمور وسقوط الدولة اللبنانية وتحويل المجتمع اللبناني من مجتمع ترعاه قوانين وأنظمة إلى مجتمع ترعاه شريعة الغاب يتحكم به الخارجون على القانون والدولة وأنظمتها.

وهذا ما لا يبشر بالخير لمستقبل كل اللبنانيين أكانوا في المعارضة أم في الموالاة. وهذا القلق الكبير يدعونا إلى التفتيش عن مخارج. ونحن في هذا الصدد ونعمل على هذا الأساس. وهناك توجه جديد سأطرحه قريبا بوجوب الخروج من هذه الدوامة والحلقة المفرغة التي ندور فيها والعودة إلى الأصول الدستورية لا سيما أن هناك اتفاقا على شخص رئيس الجمهورية وانطلاقا من المعادلة التي تقول انه إذا كان هناك من أزمة سياسية بين الأطراف السياسيين فمن الأفضل أن نواجه هذه الأزمة وللبنان رأس ومرجعية بدل أن نواجهها وليس للبنان رأس ومرجعية، وجود رئيس جمهورية لا سيما أننا متفقون حول شخص الرئيس، معارضة وموالاة، هذا إذا كان هناك صدق في هذا القول ولم تكن القصة مناورة. لذلك اعتبر انه ما دمنا متفقين فلننتخب الرئيس وليتول مسؤولياته وإطلاق الحوار بين اللبنانيين واتفاقهم على كل القضايا، لا سيما أن هناك بعض القضايا تم الاتفاق عليها من خلال الحوار المعقود كتغيير قانون الانتخابات أو الانطلاق من قانون العام 1960 لننطلق من القضاء في اتجاه قانون عصري أكثر ندخل عليه التعديلات الواجبة لكي يصح التمثيل ونحمي حقوق المسيحيين في التمثيل، خصوصا القوانين الجائرة التي وضعت أيام الوصاية وأدت إلى تهميش دور المسيحيين. وهناك بعض القضايا التي اتفقنا عليها يمكن أن تشكل انطلاقة صالحة في يد رئيس الجمهورية الذي سننتخب والذي تؤهله هذه القضايا لإطلاق مشروع حوار أو طاولة حوار يترأسها هو ويتابعها مع الأطراف. وهذا أفضل من أن نكون في هذه الحال ننتظر مجيء (الأمين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى أو موفد آخر أو امثولات يوجهها هذا أو ذاك المبعوث الأجنبي ودعوة اللبنانيين إلى التيقظ للخطر الذي يحدق بلبنان».

وتابع حرب: «إذا كان هناك لدى أي طرف قرار بتعليق الدستور ورفضه فليعلن ذلك. أما أن نبقى معلقين انتخاب رئيس الجمهورية كي نتفق على كل القضايا فهذا أمر يؤدي بالناس إلى أن يعتادوا العيش من دون رئيس ويعتادوا أن عملية عدم وجود المسيحيين في السلطة أمر طبيعي. وهذا الأمر لا يجوز التكلم به، لا سيما أنني أتكلم من بكركي الصرح الذي يمثل الوجود الماروني والمسيحي في لبنان وفي الشرق. وإذا أردنا اليوم اللعب في هذه المواضيع وفي هذه المقدسات فرئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في العالم العربي هو رئيس جمهورية لبنان. وموضوع أن نعتاد فكرة عدم وجود رئيس مسيحي في العالم العربي وأن تفرغ سدة الرئاسة المسيحية المارونية في لبنان ولا يعود هناك رئيس مسيحي في العالم العربي، فلندرك مدى خطورة هذا الأمر وما هي الأخطار التي تعرض لها الوجود المسيحي الحر الفاعل في لبنان من خلال مواقف وصراعات على قضايا يمكن أن تحل حول طاولة حوار وضمن الأسس والأصول الدستورية ومؤسساتنا الدستورية. وليس في يدنا أن نحاسب أحدا، إنما في يد الرأي العام أن يحاسب. وعلى اللبنانيين أن يقرروا من هو على خطأ ومن هو على صواب. والتاريخ سيكون قاسيا جدا على من عطل آلية السير ومن ضرب صيغة العيش المشترك والدستور».