أحمدي نجاد يستهل زيارته إلى بغداد بانتقاد واشنطن واتهامها بزعزعة استقرار العراق

مطالب عراقية لإنهاء التدخل الإيراني في شؤونهم وحل القضايا العالقة بين البلدين

TT

وجه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد انتقادات واسعة الى واشنطن عشية زيارته العراق، معتبرها مسؤولة عن زعزعة امن العراق لتبرير انتشار قواتها في البلاد. وشدد احمدي نجاد على حرصه من اجل تقوية علاقة بلاده في العراق قبل قيامه بأول زيارة لرئيس ايراني الى العراق منذ الثورة الاسلامية عام 1979. ونقلت وكالتا «فارس» و«ارنا» الايرانيتان عن أحمدي نجاد، قوله ان الذين «يحتلون العراق ينسقون غياب الأمن والخلافات والتوتر»، في اشارة الى الولايات المتحدة»، نافيا من جديد الاتهامات الاميركية بالتدخل الايراني في شؤون العراق. وأضاف: «اننا نعتقد بأن الشعب العراقي قادر على توفير أمنه وإدارة شؤون بلاده بنفسه، وإذا كان الآخرون يهمهم مصلحه الشعب العراقي فمن الافضل لهم المساعدة في تطبيق قرارات هذا الشعب». وتابع ان «الدول التي لم تدعم العراق في هذه الظروف الصعبة ستندم على ذلك».

واتهم أحمدي نجاد الولايات المتحدة بالتملص من مسؤوليتها في العراق، قائلا: «من طبيعة الولايات المتحدة عندما تهزم، ان تقدم الآخرين على انهم المسؤولون». وتساءل «أليس من الغريب ان يقوم الذين لديهم 160 ألف عسكري في العراق باتهام الآخرين بالتدخل؟».

واعتبر أحمدي نجاد أن المحادثات الايرانية ـ الاميركية حول الامن في العراق ساهمت كثيرا في تحسين الظروف الامنية وتغيير وجهات نظر الاميركيين إزاء العراق. ونقلت وكالة انباء «ايرنا» عن الرئيس الايراني قوله: «ان هدف ايران من المحادثات مع الاميركيين هو لمساعدة الحكومة العراقية على ترسيخ وجهات نظر الشعب العراقي»، موكدا أن زيارته للعراق هي لإعلان دعمه للعراق حكومة وشعباً. وفي ما يخص العلاقات الثنائية بين العراق وايران، اعرب احمدي نجاد عن امله في ترسيخ العلاقات بين البلدين بعد عشرين عاما على الحرب التي وقعت بينهما. وبعدما خاضت الدولتان بين 1980 و1988 حربا اوقعت اكثر من مليون قتيل، أدى سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في 2003 الى فتح الطريق امام تحسن واضح في العلاقات بين الدولتين. وأكد الرئيس الايراني ان «العلاقات الاقتصادية بين ايران والعراق في أوج توسعها». وتعتزم إيران منح العراق قرضا بقيمة مليار دولار لمشاريع يمكن ان تنفذها شركات ايرانية، كما اعلن نائب وزير الخارجية الايراني علي رضا شيخ عطار.

وصرح احمدي نجاد بأن بلاده «تشجع جميع الفئات والشرائح العراقية على الوحدة والاخوة، والدليل على ذلك اننا نعتبر أمن العراق بمثابة امننا، ذلك لأنه في حاله زعزعة الامن فان معظم التأثيرات السلبية لمشاكل العراق تنتقل الى ايران». واستمرت الاستعدادات العراقية أمس لاستقبال الرئيس الايراني. واكد مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية العراقية لـ«الشرق الاوسط» أنه تم تهيئة كافة الامور للزيارة الرئاسية التي لا تستغرق اكثر من يومين سيحل فيها الرئيس الايراني ضيفا على الرئيس طالباني، موضحاً أن زيارته ستكون محصورة في العاصمة بغداد فقط.

وقال نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي ان زيارة احمدي نجاد ستشهد حل قضايا عالقة بين البلدين بما فيها تحديد الحدود المائية بينهما. وقال عبد المهدي في حديث لوكالة «رويترز» امس: «هذه الزيارة مهمة وجميع الاطراف تعمل على انجاحها»، مضيفاً: «البلدان خاضا حرباً لأكثر من 8 سنوات خلفت لنا الكثير من المشاكل التي علينا ان نعمل لحلها». وتابع: «أهم قضية هي حل المشاكل العالقة مثل القضايا المالية والحدود ولكننا سنعمل على توثيق العلاقات وتقويتها». من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي الدكتور وائل عبد اللطيف «ان العلاقة بين العراق وايران لها جوانب مهمة عديدة جدا، ولها تأثير كبير على الوضع الداخلي في البلاد، وهذا واضح من خلال  الدور الذي لعبته ايران في العراق بالسنوات الخمس الماضية». ودعا عبد اللطيف  المسؤولين العراقيين الذين سيجتمعون بالرئيس الايراني الى تناول ملفات مهمة وان «لا تكون مجرد زيارة للمجاملات وإقامة موائد الطعام، فلا بد من التباحث حول ملفات عالقة بين طهران وبغداد». وأضاف: «لا بد من التوصل الى حلول للنتائج التي خلفتها الحرب العراقية ـ الايرانية، ومناقشة الوضع الامني في العراق والتدخل الايراني ومدى تأثيره».  ووصف عبد اللطيف هذه الزيارة بـ«زيارة المصالح» لأن الهدف المعلن للزيارة فقط اقتصادي خدماتي، فضلا عن المصالح التي ترغب طهران بتحقيقها من هذه الزيارة والرسائل التي تريد ارسالها للمجتمع الدولي بأنها لاعب أساسي بالمنطقة.

وكان الناطق الرسمي للحكومة العراقية علي الدباغ قد أكد في تصريح صحافي بأن زيارة الرئيس الايراني للعراق ستتم الأحد المقبل على رأس وفد كبير يضم وزراء الخارجية والمالية والكهرباء وعددا من كبار المسؤولين. واستبعد الدباغ أن يتم خلال الزيارة بحث موضوع ترسيم الحدود بين البلدين وقضية الحقول النفطية، قائلا «الزيارة لن تبحث هذا الأمر لأنه سبق أن تم بحثه خلال لجنة مشتركة لتثبيت العلامات على الحدود البرية بين البلدين، اما موضوع الحدود النهرية فقد تم بحثه خلال لجنة أخرى وتم الاتفاق على عودة وضع الحدود الى وضعها الأصلي قبل أن يتغير مجرى النهر».

من جهته، أعرب نائب وزير الخارجية العراقي محمد الحاج حمود في تصريحات خاصة لـ«الشرق الاوسط» عن أمله في ان يتم خلال الزيارة «وضع النقاط فوق الحروف» حول العديد من الامور بين الجانبين. وأضاف: «ونأمل من الاصدقاء الايرانيين ان يتفهموا وضع العراق وأن يبتعدوا عن التدخل في شؤون العراق». وشدد على ان بلاده لا تقبل بالدور الايراني في المنطقة ولا أي دولة اخرى تتدخل في شؤون العراق الداخلية.