القصف الإسرائيلي يشرد مئات الأسر الفلسطينية

TT

في حين كان أولاده السبعة يجسلون واجمين في الشارع، كان محمد أبو عيده، 60 عاماً، وزوجته وزوجات ثلاثة من اولاده وبناته الخمسة، وستة من احفاده، يفكرون في ملاذ وهم يفترشون أرضية الشقة السكنية التي يقطنونها في منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة، التي لحقت بها اضرار جسيمة فلم تعد صالحة للسكن، اثر قيام طائرات «أف 16» الاسرائيلية بتدمير مبنى مقر نقابات العمال الفلسطينية المجاور.

فإلقاء قنبلتين فراغيتين تزن الواحدة منهما طنا، على مقر النقابة لم تحولاه الى حطام فحسب، بل إنهما الحقتا اضرارا كبيرة وبمئات الشقق التي تنتظم في عشرات من الأبراج السكنية في المنطقة، ولم يعد بإمكان أصحابها مواصلة العيش فيها، بسبب تصدعها او فقدان نوافذها لا سيما في ظل أجواء الشتاء القارس، الى جانب انقطاع المياه والتيار الكهربائي بشكل كامل عن هذه المنطقة. بين الفينة والأخرى كان أبو عيده الموظف المتقاعد، يجري اتصالات من هاتفه الجوال مع اقاربه، ويشرح لهم ما حل بشقته السكنية التي تدمر عدد من الجدران فيها، الى جانب تحطم النوافذ والابواب، التي طار بعضها الى مسافة عشرات الأمتار بعيداً عن البرج السكني الذي توجد فيه هذه الشقة، كما تعرض اثاث المنزل للتلف. ولم تقتصر الأضرار على الشقة فحسب، بل طالت حتى سيارة العائلة التي كانت تقف أمام البرج. وقبل أبو عيده اقتراحا من قريب في الحي الغربي من معسكر جباليا شمال القطاع بأن يقطن، هو وعائلته في شقة سكنية يمتلكها في المعسكر. ورغم أن محمد ظل يأمر بناته وزوجات ابنائه بجمع المتاع تمهيداً للانتقال الى معسكر جباليا، إلا أنهن كن يطلبن منه الانتظار حتى يحصلن على قسط من الراحة من التعب وإلاجهاد، اللذين حلا بهن. المتجول في منطقة الصفطاوي، صباح أمس كان يشاهد اصحاب الشقق يتحلقون أمام الأبراج السكنية في انتظار ملجأ يقيهم شر البرد، في حين كان الأوفر حظا يحمّل حاجياته في شاحنات نقل أو على عربات تجرها البغال والحمير تمهيداً للانتقال للعيش لدى اقاربهم. وشوكت حسن النجار، 45 عاماً، موظف في احدى المؤسسات المدنية في السلطة، هو ايضاً احد اصحاب الشقق التي تضررت في عملية القصف. وقد أصيب أبناؤه الاربعة بجروح متفاوتة، جراء سقوط زجاج المنزل عليهم وهم نيام، في حين تحطم ايضا الأثاث والأجهزة الكهربائية. بالنسبة لشوكت وابنائه، فإن كل ما يعنيهم هو ترك المنطقة وبأسرع وقت ممكن، وانفرجت أساريره بعدما عثر لدى على أحد اقاربه، على شقة سكنية في حي النصر في غزة. وبعض أرباب الأسر التي تركت أسرهم المنطقة، ظلوا يحرسون شققهم ومنازلهم، مثل أم عصام، 58 عاما، التي ارسلت عائلتها للاستقرار في المنطقة الوسطى من القطاع حتى يتسنى ترميم المنزل. هذا هو الوضع بالنسبة لنسبة قليلة من ذوي الحظوظ، لكن السواد الأعظم من الأسر القاطنة في هذه الشقق، مضطرة للبقاء فيها لعدم توفر البدائل، أو لضيق الحال الذي يحول دون استئجار شقق سكنية بديلة.

وما يزيد من احباط الناس هناك، هو حقيقة أنه وبسبب عدم توفر مواد بناء، وذلك جراء الحصار، فإنهم مضطرون للانتظار طويلا، قبل إعادة تأهيل شققهم السكنية.