الحكومة اللبنانية: اتهام المعارضة «ذر رماد في العيون» ولن نتعامل مع المشاركة في القمة بالافتراضات

حزب الله يتهم السلطة بأنها «شريك كامل» في قضية «كول»

TT

قضيتان تشغلان الساحة السياسية اللبنانية: الاولى غياب اي تصور لمشاركة لبنان في القمة العربية التي ستعقد في دمشق في 28 و29 الحالي، انطلاقا من استمرار الأزمة المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي عدم وجود رئيس توجه اليه الدعوة، إضافة الى التشنج القائم بين النظام السوري والحكومة اللبنانية، والذي عبر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل واضح مساء الاول من أمس في حديث تلفزيوني، عندما قال انه «ليس ضد دعوة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى القمة»، مضيفا أنه يعتقد «ان السنيورة لن يذهب اليها حتى لو دعي». بعض المصادر تشير الى ان الحكومة اللبنانية، لا يمكن ان تشارك في القمة بأي شكل من الاشكال، اذا لم تكن المملكة العربية السعودية مشاركة، لا سيما ان المملكة ربطت مشاركتها بانتخاب رئيس لبناني، ولم تحدد حتى اليوم موعدا كان طلبه وزير الخارجية السوري ليسلم الدعوة. الا ان مصادر السنيورة اعتبرت أن «التعامل مع حضور لبنان القمة العربية، لا يتم بالافتراضات. الدعوة لم توجه. والموضوع غير مطروح ويؤخذ في حينه. وبطبيعة الحال يجب ان توجه الدعوة الى رئيس الجمهورية، اذا تمت عملية الانتخاب قبل موعد القمة». وكان وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ، قد صرح أنه لن يشارك في قمة دمشق، لأنه مستقيل من الحكومة. وهو يصرف الاعمال الادارية فقط. رئيس المجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري قال لـ«الشرق الأوسط»: «حسب العادة توجه الدعوة الى رئيس الجمهورية. لكن نظرا للواقع الحالي سيتم توجيهها عبر مندوب لبنان في الجامعة العربية». وأضاف: «بالتأكيد سيصار الى دعوة لبنان لحضور القمة. لا يمكن عدم توجيه الدعوة ايا كانت الظروف». أما القضية الثانية التي تشغل اللبنانيين، فهي وصول البارجة «اس.اس. كول» الى البحر قبالة الشواطئ اللبنانية وان خارج المياه الاقليمية. وبمعزل عن التصريحات والاتهامات الجاهزة التي رافقت هذه القضية، برز الهاجس «الأمني» الذي ارخى بثقله على يوميات اللبنانيين مع ما يتم تداوله من شائعات وتحليلات عن احتمال حصول عملية عسكرية واسعة تشمل جنوب لبنان. وطغت أجواء خوف وتوتر تحت وطأة التطورات الداخلية والاقليمية لا سيما بعد اغتيال عماد مغنية وما رافق ذلك من اعلان عن «حرب مفتوحة»، وتحديدا في الجنوب اللبناني، حيث لا تزال تداعيات «حرب تموز» ماثلة في نفوس الاهالي. مستشار رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة السفير محمد شطح، اعتبر أن اتهام الاكثرية بالتنسيق مع الاميركيين في موضوع ارسال المدمرة الى قبالة الشواطئ اللبنانية «ليس أكثر من وسيلة ذر رماد في العيون»، وقال لـ«الشرق الاوسط»: «ان هذا الاتهام يأتي ضمن الاسلوب المعهود لوضع الحكومة والاغلبية النيابية في موقع الدفاع عن النفس وكأنهم متهمون. وبالتالي لا يهدف الى أكثر من صرف الانظار عن المسائل الاساسية التي تخصنا كلبنانيين». وأضاف: «الواقع أن الطرف الآخر (المعارضة) الذي يتهم يجب أن يكون في موقع الدفاع عن نفسه لأنه يعطل الحياة الدستورية والمؤسسات ويحوّل لبنان الى قاعدة ومسرح للنزاعات الاقليمية والدولية. وفي حين تحاول الحكومة منع استعمال لبنان ساحة حرب وصون استقراره، يعمد الطرف الآخر الى الاعلان انه طرف في استراتيجية خارجية وان لديه المقدرة والسلطة العسكرية، الامر الذي يعرض لبنان فعلا الى الأخطار».

ونبه شطح الى أن «ما يحصل في المنطقة خطير. ونشير هنا الى الاحداث الاخيرة سواء ما يحصل في غزة او لجهة التصريحات الايرانية الاخيرة او اغتيال عماد مغنية. وبالتأكيد لهذه الاحداث ابعاد اقليمية ودولية تتعلق بسورية وايران واسرائيل. فالمنطقة في وضع غير مستقر والجامعة العربية لم تستطع الاجتماع بطريقة طبيعية والقمة العربية على ما نشهد من اضطرابات، وبناء عليه ربما قرر الاميركيون ان يعبروا عن اهتمامهم بالامر بالطرق التي اختاروها في عرض البحر. والأمر لا يعنينا». وأضاف أن: «الدول الكبرى لديها حساباتها. والأمور التي تقوم بها تتعلق بهذه الحسابات. وبالتالي فإن التحرك الاميركي هذا والذي لا يتم في المياه الاقليمية اللبنانية، له اسبابه الاقليمية أو غير الاقليمية. وليس علينا أن نفسره. فالأميركيون في تصريحاتهم الرسمية لم يأتوا على ذكر لبنان تحديدا، وانما أشاروا الى اليه في معرض حديثهم عن استقرار المنطقة». وقال شطح: «لا وجود لأية معلومات واضحة وصادرة عن الاميركيين من نوع ما يشاع عن ان الحكومة استشيرت سابقا او ان ارسال البارجة «كول» هو تحضير لمواجهة ضد سورية. التصريحات الاميركية واضحة بهذا الشأن ويستطيع الجميع الاطلاع عليها».

أما صلوخ فقد اعتبر «ان تحريك المدمرات الاميركية في منطقة شرق المتوسط في عرض البحر قبالة الشواطئ اللبنانية يأتي في سياق وتيرة اميركية متصاعدة للضغط على من تعتبرهم واشنطن اخصاما لها في المنطقة». واعتبر «ان الخطوة تعكس رسالة سياسية اكثر من كونها واقعا عسكريا، لأنه لا واقع عسكريا عقلانيا لخطوة كهذه». واضاف: «مهما كانت طبيعة هذا التحرك، فإن الاستقرار الاقليمي لا يمكن صونه من خلال تحريك البوارج العسكرية بل من خلال الحوار والتهدئة وتغليب الدبلوماسية والحلول السياسية. وان كان القرار يستهدف التأثير في الواقع اللبناني، فإن لبنان يحتاج الى الهدوء واتاحة الفرص امام توافق ابنائه من دون اضافة عوامل توتر اضافية». وكان حزب الله قد اصدر بيانا جاء فيه ان: «إرسال البوارج الحربية إلى الشواطئ اللبنانية، هو إعلان فشل الأشكال الأخرى من التدخل والوصاية، عبر أدوات محلية رغم كل الدعم السياسي والمالي المفتوح، واضطرار الأصيل للتدخل السافر بدل الوكيل وانكشاف للمشروع الفعلي، الذي تواجهه المعارضة اللبنانية ومعها غالبية الشعب اللبناني، وهو مشروع الوصاية الأميركية الذي يمنع تلاقي اللبنانيين، ويعرقل المبادرات ويحرض الجماعات بعضها على بعض ويريد سحب كل أوراق القوة من أيديهم لصالح حليفه الاستراتيجي وهو العدو الصهيوني». ويضيف البيان: «كان واضحا ارتباك فريق السلطة وإحراجه في التعامل مع فضيحة التدخل وتهديد الاستقرار والأمن والسيادة التي يمارسها سيدهم الأميركي، الذي أعلن أنه تشاور معهم بشكل منتظم حول خطواته بما يجعلهم شركاء كاملين في ما يحصل ويعري تماما دورهم كوكلاء للخارج على الرغم من محاولات التنصل المكشوفة أو رفع لمعنويات زائفة، هي بالأصل مفقودة عند جنود سيدهم المهزوم في المنطقة، وعند جنود حليفه الإسرائيلي المهزوم في لبنان».