اتصال مستمر بين وزارة الدفاع البريطانية والصحافة حتى عودة الأمير هاري إلى بريطانيا

حفيد الملكة إليزابيث ينتظر أوامر الجيش حول مستقبله العسكري

TT

انشغلت الاوساط العسكرية والاعلامية البريطانية بعودة الأمير هاري، نجل ولي العهد البريطاني الاصغر، من جبهة القتال في افغانستان الى بريطانيا بعد يومين من تسريب خبر تواجده في افغانستان. وعلى الرغم من كشف السر الذي حافظت عليه وسائل الاعلام البريطانية لأشهر عدة، واصلت وزارة الدفاع البريطانية مطالبتها لوسائل الاعلام بالتزام الصمت حتى عودة الأمير هاري الى بريطانيا. ووسط الضجيج الاعلامي الذي اثاره وجوده في افغانستان، بدا الأمير هاري خجولاً، ليؤكد فور عودته الى بريطانيا بعد عشرة اسابيع من الانضمام الى صفوف القوات البريطانية، بانه لا يعتبر نفسه بطلاً. وقال الأمير في مقابلة مع الصحافة بعيد خروجه من طائرة عسكرية أقلته من افغانستان الى قاعدة «برايز نورتون» العسكرية في مقاطعة «اكسفوردشاير»: «لا أعتقد انني بطل على الاطلاق. لست اكثر من اي شخص اخر (...) هناك الآلاف والآلاف من الجنود هناك». وعاد الضابط ويلز الى بريطانيا، وهو اللقب الذي يكنى به في الجيش، بعد مهمة سرية من عشرة اسابيع في افغانستان، تم وقفها بعد كشفها في الاعلام الاجنبي. وكان ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز ونجله الأمير ويليام في استقبال الأمير هاري. وقال الأمير تشارلز فور وصول نجله: «كما تتوقعون انه مصدر ارتياح كبير لرؤيته يعود الى الوطن»، مضيفاً: «اشعر بفخر كبير لما قام به». ورأى هاري ان «الابطال الحقيقيين» هم الجرحى الموجودون في الطائرة التي اعادته الى بريطانيا. وقال: «شجاعتهم تجبرنا على التواضع (...) فاحدهم فقد ذراعه اليسرى ورجله اليمنى. واخر انقذه زميله الذي دافع عنه بجسده فتلقى شظايا في رقبته. هؤلاء هم الابطال، انهم شبان انفجر فيهم لغم...اثناء خدمة بلادهم». واضاف: «يفعل المرء ما عليه، ينبغي ذلك لانقاذ الزملاء... واذا تطلب الامر إلقاء قنبلة، وهو السيناريو الأسوأ، فانه يفعل. هذه هي المسألة ببساطة». ورداً على سؤال حول انهاء مهمته بعد الكشف عنها في وسائل اعلام اجنبية: «الغضب، ليس الكلمة التي قد استخدمها، لكنني محبط قليلا. اعتقدت انني استطيع المضي حتى النهاية... لكنني عدت الان... وأتوق الى الاستحمام»، مضيفاً: «كنت اود ان ابقى مع الشباب».

والأمير هاري الضابط في كتيبة الخيالة «بلوز اند رويالز» كان ارسل في منتصف ديسمبر (كانون الاول) الى افغانستان لينضم الى حوالي 7800 جندي بريطاني منتشرين في ولاية هلمند الجنوبية حيث وقعت اكثر المعارك عنفا. وخوفاً على سلامته واستهداف مقاتلي «طالبان» له اثناء وجوده في افغانستان، قررت وزارة الدفاع التوجه الى الصحافة البريطانية مباشرة والطلب منها عدم الاعلان عن مهمة الأمير هاري حتى عودته الى المملكة المتحدة. وتم الاتفاق بين وزارة الدفاع ووسائل الاعلام بناءً على احترام سلامة الأمير هاري واعطاء الصحافيين فرصة للتحدث معه قبل ارساله الى افغانستان واثناء تواجده هناك، لتنشر المقابلات اثر عودته الى بريطانيا. وهبط هاري من الطائرة وهو يرتدي درعا للجسد وسترة مموهة وحقيبة للظهر. وكان الأمير هاري وهو الابن الثاني للاميرة الراحلة ديانا أول فرد من العائلة الملكية البريطانية يشهد قتالا منذ أن قاد عمه الامير أندرو طائرات هليكوبتر خلال حرب جزر فوكلاند قبل 25 عاما. وقال ناطق باسم مكتب الأمير تشارلز لـ«الشرق الأوسط»: «الأمير هاري يشعر باحباط لأنه اضطر للعودة مبكراً ولكنه يشعر بالسعادة لخدمة بلاده مع زملائه في الجيش». وعن خطط الأمير هاري بعد عودته الى بريطانيا، قال الناطق: «لا اعلم ماذا سيفعل أكثر من انه سيأخذ بعض الأسابيع للراحة مثلما يفعل كل جندي بعد العودة من ساحة القتال». وأضاف: «سينتظر اوامر القادة العسكريين حول الخطط المستقبلية له». وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد ابقت على اتصال مع الاعلام البريطاني خطوة بخطوة منذ كشف وجود هاري في افغانستان وحتى حطت طائرته في القاعدة العسكرية في اوكسفورد البريطانية. واصدرت وزارة الدفاع 8 بيانات للصحافيين منذ كشف مشاركة هاري في القتال في افغانستان. ووجهت الوزارة نداءً الى الصحافيين بعدم التخمين حول موقع بقاء الأمير هاري في افغانستان حتى عودته الى بريطانيا، كما انها ابلغت الصحافيين بموعد وصول الأمير هاري صباح امس، راجية منهم الاحتفاظ بهذه المعلومة حتى وصول الأمير الى الاراضي البريطانية. وقالت احدى البيانات التي حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منها: «لاسباب امنية، من الضروري جداً ان يواصل (الصحافيون) الامتناع عن التكهن حول مكان تواجد الأمير حتى تحصلون على تأكيد من وزارة الدفاع عن مغادرته افغانستان»، مضيفة: «اننا نقدر تعاونكم كثيراً في هذه المسألة» ودارت مخاوف في بريطانيا من محاولة بعض المتطرفين استهداف الأمير هاري بعد أن خاض قتالا ضد طالبان. وقال هاري في مقابلة قبل عودته الى لندن: «ما ان تتم اذاعة ذلك فسيحاول كل شخص يؤيدهم أن يذبحني». وشاركت صحيفة «ذا تايمز» الأمير هاري هذا الرأي، قائلة في صفحتها الاولى: «هاري يعود الى انجلترا اليوم بطلا في نظر الجيش ورجلا مختلفا في نظر الرأي العام وهدفا في نظر الجهاديين». واهتمت الصحافة البريطانية أمس بقصة الأمير هاري بتسليط الاضواء على تداعيات الالتزام باتفاق اخفاء الخبر عن الجمهور، وخصصت صفحات عدة في كافة وسائل الاعلام لنقاش هذه التداعيات. ويذكر ان اجتماعات وزارة الدفاع البريطانية مع وسائل الاعلام شملت ممثلين عن 100 وسيلة اعلام للاتفاق على كتمان الخبر. واستمرت الاجتماعات اشهر عدة حتى توصلت جميع الاطراف على اتفاق نهاية العام الماضي. وعلى الرغم من ان وسائل الاعلام البريطانية كانت هي المقصودة في الاتفاق، تم ضم وكالة «اسوشييتد برس» وقناة «سي ان ان» الى الاتفاق بعد علمهم بالترتيبات. ويذكر ان صحف نافذة في الولايات المتحدة مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» لم تكن على علم بارسال الأمير الى افغانستان. ويذكر ان الصحافة الاميركية تلتزم باتفاقيات كتمان الانباء كثيراً في تعاملها مع سفرات المسؤولين الاميركيين الى المناطق الخطرة، وخاصة العراق وافغانستان. وكلما يذهب الرئيس الاميركي جورج بوش أو وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس الى العراق، يتكتم الصحافيون المرافقون عن خبر الرحلة حتى تعتبر الظروف آمنة للحديث عنها. ولفتت صحيفة «نيويورك تايمز» امس الى ان نجل المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركي جون مكين خدم مع الجيش الاميركي في العراق لأشهر عدة قبل عودته الى الولايات المتحدة في فبراير (شباط) الماضي ولكن لم تغط الوسائل الاعلامية هذا الخبر. وامتنع مكين من الحديث عن دور ابنه في العراق حفاظاً على سلامته ايضاً.