كسب ثقة الناخبين اليهود الديمقراطيين مهمة صعبة تواجه أوباما

بسبب العلاقات المتوترة بين السود واليهود..وموقفه من القضية الفلسطينية

TT

يحاول السناتور باراك اوباما في إطار معركة الترشيح لانتخابات الرئاسة تعزيز تأييده في أوساط الناخبين اليهود الاميركيين، إذ يخوض في هذا الجانب واحدا من أكثر الطرق مخاطرة في سياسة الحزب الديمقراطي. تحدى الاستجابة للناخبين اليهود، الذين يمثلون قطاعات مهمة وسط ناخبي الحزب الديمقراطي، ظهر الثلاثاء الماضي عندما سئل اوباما خلال مناظرة للحزب الديمقراطي في كليفلاند حول زعيم حركة «امة الإسلام»، لويس فرخان، الذي أعلن في وقت سابق تأييده لأوباما. ووصف أوباما فرخان بأنه شخص معاد للسامية ورفض تأييده، لكنه واجه ضغطا من منافسته هيلاري كلينتون لكي يتحدث أكثر حول القضية، علما بأنها هي الأخرى وجدت نفسها في موقف دفاع أمام الناخبين اليهود بسبب لقاء لها مع سها عرفات، زوجة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

كما واجه اوباما أيضا انتقادات حول تعليقات له حول معاناة الفلسطينيين، قال إنها نقلت بصورة خاطئة، وعن طريق مستشاره للشؤون الخارجية. وواجه اوباما أيضا معلومات كاذبة، عبر رسائل بريد الكتروني بها فيروسات، تقول انه مسلم وانه التحق بمدرسة دينية في اندونيسيا عندما كان صبيا وانه أدى القسم كسناتور على المصحف، إلا ان اوباما مسيحي أدى القسم على الإنجيل. اما كسب ثقة الناخبين اليهود الديمقراطيين مهمة صعبة بالنسبة لأوباما بسبب العلاقات المتوترة بين السود واليهود. وكان قد تحدث حول هذه القضية في مناظرة ديمقراطية في كليفلاند عندما استخدم الإجابة على السؤال الذي طرح عليه بشأن فرخان في المناشدة بتجديد العلاقات بين السود واليهود. إلا ان ثمة قضايا يواجهها اوباما نابعة من كونه جديد عهد بالسياسة على المستوى الوطني. ففيما يعكس موقفه الالتزام برؤى ومواقف الحزب الديمقراطي الرئيسية، عبر بعض الناقدين عن مخاوف من احتمال ان يكون هذا الالتزام غير صادق تماما. ويقول ايد لاسكي، محرر الأخبار في مجلة «أميركان ثينكر» الالكترونية، انه لا توجد معلومات كثيرة حول اوباما، وأضاف ان ذلك يدفعه الى النظر في جملة المؤثرات على اوباما. وكانت الانتقادات التي وجهتها هذه المجلة الى اوباما بسبب ما ترى انه وقوف من جانبه في صف مناوئين لإسرائيل قد انتشرت بصورة واسعة وسط الناخبين اليهود. من جانبه قال اوباما الخميس الماضي ان بعض الأسئلة حول موقفه تجاه إسرائيل والشرق الأوسط قد أثيرت بواسطة هيلاري كلينتون ومستشاريها، الى جانب منافسين آخرين أيضا. وأضاف اوباما في هذا السياق ان هناك من يعمل باستمرار على تأجيج هذه المخاوف، سواء كان طريق رسائل البريد الالكتروني التي تقول انه مسلم وانه التحق بمدرسة دينية وانه أدى القسم كسناتور على المصحف أو المقال الذي نشر في «نيوزويك» في الآونة الأخيرة بشأن مدى تشكيك مؤيدي هيلاري كلينتون في مواقف تجاه إسرائيل. وأضاف اوباما قائلا: «اعتقد انه من الواضح الآن السبب وراء وجود المشاكل، فما يحدث يمثل جزءا من سلسلة استراتيجيات سياسية ليس جميعها من إدارة كلينتون». وقال مستشارو حملة أوباما انهم توصلوا للناخبين اليهود بنفس الطريقة التي توصل بها على بقية الناخبين، واضافوا انهم واثقون من انهم عندما يعرفون المزيد عن اوباما سيشعرون بالاطمئنان. وفي نفس الوقت اقروا ان الناخبين اليهود متيقظون في الجانب المتعلق باختبار المرشحين خصوصا فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل. وأضاف النائب روبرت وكسلر من فلوريدا وهو من كبار مستشاري اوباما حول إسرائيل ان «الجالية اليهودية، ومعها الحق، جالية حساسة وقلقة ولديها الكثير من الأسباب التاريخية لذلك»، وذكر المسؤولون عن الحملة انهم دهشوا من رسائل البريد الالكتروني ذات الفيروسات، التي كانت خلفية ثابتة في الحملة التي بدأت في الانتشار عبر البريد الالكتروني للناخبين اليهود قبل بداية سباق الترشيح.

ولم يمر الأمر بسهولة، فقد بعث أنصار اوباما من اليهود آلاف من رسائل البريد الالكتروني، وبدأ البعض حملة عبر الانترنت لمطالبة باقي اليهود بدعم ترشيحه.

وفي الشهور الأخيرة بدأت حملة اوباما في دعم التأييد اليهودي، حيث تحدث اوباما الأحد الماضي مع مجموعة من اليهود النافذين في كليفلاند وواجه تساؤلاتهم بخصوص إسرائيل وفرخان بل حتى كنيسته في شيكاغو حيث ينظر البعض الى راعي الكنيسة القس جيرمايا رايت نظرة ذات شك.

وقال اوباما للصحافيين في تكساس الثلاثاء الماضي «لم يتمكن احد من الإشارة الى بيانات ذكرتها أو مواقف اتخذتها تتناقض والمصالح الأمنية لإسرائيل على المدى الطويل وبأية طريقة تقلل من العلاقة الخاصة التي لدينا مع ذلك البلد. ووظيفتي هي الاستمرار في الحصول على المعلومات، وهو جزء من العملية السياسية».

وتجدر الإشارة الى ان اليهود يمثلون 1.7 في المائة من السكان البالغين في الولايات المتحدة، ولكنهم يمثلون معقلا قويا في قاعدة الحزب الديمقراطي ومهما بالنسبة لعمليات جمع التبرعات.

ويمثل اليهود 5 في المائة من الناخبين عندما صوتت 20 ولاية في 5 فبراير(شباط) الماضي في الانتخابات التمهيدية وانقسمت أصواتهم 54 في المائة لكلينتون و 44 في المائة لأوباما، طبقا لإحصائيات الرأي العام لمؤسسة أديسون ميتوفسكي.

ولكن في الوقت الذي حصلت فيها هيلاري كلينتون على أصوات اليهود في ولاية نيويورك بنسبة 2 الى 1 وفي نيوجيرزي ايضا فقد فازت بالولايتين، فإن اوباما حصل على أصوات اليهود في كونيتيكيت بنسبة 61 الى 38، وفي ماساتشوسيتس بنسبة 52 الى 48 وهي الولاية التي فاز بها، كما حصل على أصوات اليهود بنسبة 52 الى 48 في الشهور الأخيرة الا انه خسر الولاية، ولكن الأصوات انقسمت بينه وبين السيدة هيلاري التي فازت بها.

وذكر بعض قادة الجاليات اليهودية ان القلق بخصوص اوباما ربما يكشف المزيد عن اليهود اكثر مما يكشفه عن المرشح. فطبقا لتحليلاتهم، فإن هؤلاء الذين لفت انتباههم تلك الرسائل الالكترونية هم من الأجيال الأكبر سنا ولديهم علاقات أقوى بإسرائيل. وأوضح ج. ج. غولدبيرغ، مدير تحرير صحيفة فوروارد وهي صحيفة يهودية «ان الخط الفاصل هو بين هؤلاء الذين تحركهم الليبرالية اليهودية التقليدية وهؤلاء الذين يحركهم القلق اليهودي التقليدي تجاه إسرائيل».

وفيما يتعلق بإسرائيل وجد بعض اليهود خطأ في التزام اوباما، إن لم يكن في سياساته، فهم يشعرون بالقلق بخصوص دعوته لمحادثات مباشرة مع إيران بخصوص برنامجها النووي. ويشير العديد أيضا الى التعليقات المتعلقة به التي يعاد ذكرها، والتي ذكرها في العام الماضي في ديس موا «لم يعان احد مثل معاناة الفلسطينيين».

ويقول أنصاره ان موقفه تجاه إيران لا يعني الانهيار، والأكثر من ذلك فقد ذكر اوباما اكثر من مرة ان تعليقاته بخصوص الفلسطينيين غير كاملة، وعاد وحمل قادتهم المسؤولية.

ويقول موقعه على الانترنت ان الالتزام الاميركي تجاه امن إسرائيل «غير قابل للجدل».

كما ايد إسرائيل خلال غزوها للبنان عام 2006 وايد المساعدات العسكرية لإسرائيل، وبعد أسابيع من أداء القسم عام 2006 زار إسرائيل.

والمعروف ان مستشاري اوباما بخصوص إسرائيل هم ثلاثة من الأعضاء السابقين في فريق الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون: دينيس روس وهو مستشار كبير في شؤون الشرق الأوسط وانتوني ليك مستشار الأمن القومي وسوزان رايس مساعدة وزير الخارجية، ومن بين المستشارين الأخيرين في شؤون الشرق الأوسط وإسرائيل ويكسلر ودان شابيرو أعضاء مجلس الأمن القومي واريك لين وهو مساعد سابق في الكونغرس (الجميع من اليهود ماعدا سوزان رايس).

ويشارك تشكك اليهود بعض اليهود المحافظين الذين يشعرون بالحماية تجاه إسرائيل باعتبارها الأراضي المقدسة والعديد من الجمهوريين، وتشير الانتقادات تجاه إسرائيل في السباق الديمقراطي الى المعارك التي يمكن ان يواجهها اوباما إذا ما اصبح مرشح الحزب: فقد أصدر الحزب الجمهوري في تينيسي بيانا صحافيا أشار فيه الى «تزايد أعداد الاميركيين الذين يشعرون بقلق بخصوص مستقبل إسرائيل، الديمقراطية المستقرة الوحيدة في الشرق الأوسط، إذا ما جرى انتخاب باراك حسين اوباما رئيسا للولايات المتحدة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» شارك في إعداد هذا التقرير جيف ذليني من بومونت بولاية تكساس ومارجوري كونالي من نيويورك