إسرائيل تعتبر تدمير مكتب هنية «رسالة شخصية»

100 قتيل ومئات الجرحى ومصر تفتح حدودها للمصابين

جثث فلسطينيين قتلوا في الغارات الاسرائيلية خلال تشييع جنازتهم بمسجد في رفح أمس (أ.ب)
TT

عم الحداد والاضراب امس، الاراضي الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة. ونكست الاعلام الفلسطينية، في الضفة، وخرج الفلسطينيون في مظاهرات منددين بالجرائم الاسرائيلية على غزة. واشتبك المتظاهرون في بعض المدن مع الجيش الاسرائيلي، الذي قتل فتى في مدينة الخليل وجرح العشرات في مناطق مختلفة من الضفة. فيما بلغ عدد القتلى اكثر من مائة قتيل و300 جريح حصيلة العدوان الاسرائيلي بعد اربعة ايام على بدء عملية «الشتاء الساخن».

وذكرت مصادر طبية فلسطينية أنه خلال الليلة قبل الماضية وامس الاحد قتل 38 فلسطينيا وجرح 70 آخرين، معظمهم سقطوا في منطقة شمال القطاع. وفيما اعتبره الجيش الاسرائيلي أنه «رسالة شخصية» له، قامت طائرات جيش الاحتلال النفاثة من طراز اف 16 باطلاق عدة صواريخ على مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية المكون من اربعة طوابق والكائن في شارع «احمد عيدية»، والحقت اضرارا كبيرة به. ونقلت الإذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية عن مصدر في الجيش الاسرائيلي قوله إن تدمير مكتب هنية يمثل «رسالة خاصة»، وليؤكد له أن الانتقال من تدمير مكتبه الى تصفيته بشكل جسدي قد يكون سريعا، على حد تعبير المصدر.

وذكرت مصادر امنية فلسطينية لـ«الشرق الاوسط» أن اليوم الرابع من العملية تميز بقيام جيش الاحتلال بقصف منازل الفلسطينيين بشكل مباشر، وقنصهم داخلها. ففي ساعات فجر امس الاولى قتل اربعة فلسطينيين في قرية «عزبة حمودة»، وهم يتواجدون في منازلهم، وجرح خمسة اخرين، في حين قصفت مدفعية الاحتلال الثقيلة والمتمركزة على الخط الفاصل بشكل مباشر عددا من المنازل في منطقة شرق جباليا بشكل عشوائي، حيث اسفر القصف عن تدمير منزل بشكل كلي في حي «تل الزعتر» في المخيم، ومقتل شخصين واصابة سبعة اخرين كانوا يتواجدون فيه. وتقوم مروحيات الاباتشي باطلاق النار من رشاشاتها على أي تجمع للمواطنين الفلسطينيين على طول شارع صلاح الدين، من المنطقة التي تصل شمال مدينة غزة بحاجز «ايريز»، في حين تقوم طائرات الاستطلاع بدون طيار باطلاق صواريخها على كل سيارة تتحرك في الشوارع المؤدية الى منطقة «محطة حمودة»، التي يتواجد في الشرق منها تجمع جنود جيش الاحتلال ووحداته الخاصة.

وتوغلت قوات الجيش الاسرائيلي في شمال قطاع غزة حيث تقوم بعمليات تمشيط واسعة النطاق في المناطق الزراعية التي تتاخم الخط الفاصل بين القطاع واسرائيل. واضافت المصادر أن جنود الاحتلال اعتقلوا العشرات من المواطنين الفلسطينيين الذين يقطنون المنطقة، حيث تم نقلهم الى معسكر اعتقال تابع لجهاز المخابرات الداخلية الاسرائيلية «الشاباك»، الذي يقوم بالتحقيق معهم.

وذكرت مصادر امنية فلسطينية أن لواء «جفعاتي» الذي يعتبر من ألوية الصفوة في سلاح المشاة الاسرائيلي، هو الذي يتولى بشكل اساسي تنفيذ عملية «الشتاء الساخن»، وذلك بالتعاون مع الوحدات الأكثر نخبوية في الجيش الاسرائيلي وتحديداً وحدة «سييرت متكال»، التي تتبع رئيس هيئة الاركان بشكل مباشر، ووحدتي «شيلداغ» و«ايجوز»، بالاضافة الى الوحدة الخاصة التابعة لسلاح البحرية الاسرائيلية والمعروفة بـ«القوة 13». وقالت مصادر طبية فلسطينية أن جثث الفلسطينيين الذين قتلوا امس لم تجد لها مكاناً في ثلاجات الموتى في مستشفى «دار الشفاء» بمدينة غزة، بسبب امتلاء هذه الثلاجات بالجثث، بعد أن تجاوز عدد القتلى التسعين قتيلا. وسمحت السلطات المصرية أمس بعبور جرحى فلسطينيين إلى أراضيها عبر معبر رفح الحدودي للعلاج داخل المستشفيات المصرية، فيما أكدت مصر مجددا التزامها السياسي والإنساني إزاء الشعب الفلسطيني. وعبر أكثر من أربعمائة جريح فلسطيني الى رفح والعريش حسب مصادر طبية وامنية. وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، انه سيواصل اتصالاته مع مختلف الجهات من أجل وقف الهجمة الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وقال عباس خلال افتتاحه لحملة تبرع بالدم لصالح ضحايا العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، «سنواصل الاتصالات حتى تنتهي معاناة شعبنا». مؤكدا انه اجرى عدة اتصالات مع مختلف الجهات في العالم، ومع مجلس الأمن والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، وعدد من الزعماء العرب من أجل إيقاف هذه الهجمة التي يتعرض لها شعبنا.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن عباس أجرى للمرة الثالثة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية اتصالاً مع عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية، حيث تناول البحث العدوان الدموي الاسرائيلي على قطاع غزة، واجتماع مجلس الجامعة المقرر عقده خلال الايام القليلة المقبلة، وضرورة بلورة موقف قومي عربي مشترك وحازم من هذا العدوان.

وفي تصريحات لـ«الشرق الاوسط» استهجن النونو تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي وصف بها «المقاومة الفلسطينية» بالارهاب في الوقت الذي ترتكب فيه اسرائيل الهولوكوست وممارسة الإبادة الجماعية بحق الشعب، وقصف المساجد والمنازل وقتل الأبرياء»، على حد تعبيره. واتهم النونو «مسؤولين فلسطينيين» بالتواطؤ مع اسرائيل في شن العدوان على غزة. ودعا لحوار «جاد وغير مشروط»، مع ابو مازن، مشيراً الى استعداد حكومته وحركة حماس لبحث جميع نقاط الخلاف العالقة. وفي رام الله، خرجت مسيرة كبيرة، جمعت للمرة الاولى منذ سيطرة حماس على قطاع غزة منتصف يونيو (حزيران) من العام الماضي، مناصرين لحركتي فتح وحماس. وسمح كذلك في مشهد اصبح غير مألوف، برفع اعلام حماس الى جانب اعلام فتح في شوارع رام الله، وندد المتظاهرون بالجرائم الاسرائيلية في غزة، كما دعوا الى الوحدة الوطنية. وتظاهر عشرات الفتية والاطفال في مناطق مختلفة من مدينة الخليل جنوب الضفة، تضامنا مع اطفال غزة، وأعلنت مصادر طبية في المدينة، «استشهاد الفتى محمود المسالمة، 13 عاما، برصاصة في الصدر». وفي القدس اغلقت المحال التجارية ابوابها، واشعل المتظاهرون إطارات مطاطية، واغلقوا بعض الشوارع بالمتاريس.