أوباما ينازل كلينتون بشراسة في ساحة الإعلان التلفزيوني

هيلاري تعزز هجماتها على أوباما: يقول ولا يفعل

باراك اوباما يخاطب مؤيديه في لقاء انتخابي في اوهايو (رويترز)
TT

يسعى السيناتور باراك أوباما الى أن يستفيد من تقدمه في اجتذاب التبرعات من خلال شراء كميات كبيرة من الإعلانات وبناء عمليات واسعة لجذب الأصوات لصالحه، سعيا منه لإقصاء السيناتورة هيلاري كلينتون من الاستمرار في المنافسة من خلال هزيمتها في ولايتي أوهايو وتكساس. ويمكن تلمس كثافة مسعى أوباما عبر التلفزيون حيث أنه أنفق تقريبا ضعف ما أنفقت كلينتون في الولايتين. وهذا يساعده على تقليص تقدمها بأكثر من 10 في المائة عليه قبل أسابيع قليلة.

لكن بعد شهر، تمكنت كلينتون من جمع 32 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم، لكنه يظل أقل مما جمعه أوباما الذي تجاوز الخمسين مليون دولار. مع ذلك، سمح لها هذا المبلغ باطلاق التنافس معه.

ويمكن القول إن حجم الإنفاق للمرشحين الديمقراطيين في هاتين الولايتين تكساس وأوهايو يشير إلى أنه الذروة في مسار الانتخابات الأولية. وفي حالة فشل هيلاري في الفوز في كلتا الولايتين سوف يحتم عليها الانسحاب من السباق الانتخابي حسب نصائح مستشاريها.

قال تيد ستريكلاند من أوهايو، والذي يشارك في حملة ولايته مع هيلاري، في مقابلة أجريت معه: «ينفق السيناتور أوباما الكثير من الأموال على التلفزيون، وإذا كان هذا الامر يمكن شراؤه فإن بإمكانه الفوز. أظن أننا تمكنا من البقاء رغم ظاهرة أوباما ونحن الآن متماسكون». وفي إشارة على مدى ثقة أوباما بنفسه واستراتيجيته في حشد وفود كبيرة حيثما كان ذلك ممكنا، فهو قضى جزءاً من وقته يوم السبت الماضي في جزيرة رود التي ستصوت مع جزيرة فيرمونت يوم الثلاثاء أيضاً. وقال مساعدون لكلينتون إنها ظلت واثقة من فوزها في أوهايو وتكساس وستدفع باستمرار في حملتها مع تزايد هجماتها الصارمة على أوباما. لكن مستشاري كلينتون أشاروا في الفترة الأخيرة إلى امتياز اوباما المالي في محاولة تبدو وكأنها لوضع الأساس للاستمرار في السباق الانتخابي في حالة خسارتها السباق أو فوزها بهامش ضئيل في هاتين الولايتين. وقال مارك بين، كبير استراتيجيي هيلاري، مشيرا إلى حملة أوباما «انهم ينفقون أموالا طائلة هناك».

وإذا كانت هيلاري تحظى بتقدم في استطلاعات الرأي قبل أسابيع قليلة بنسبة تزيد عن 10 في المائة، فإنها الآن على قناعة بأن أي انتصار قوي لها في أوهايو وتكساس سيعيد حملتها إلى المسار. لكن الديمقراطيين قالوا إن أي انتصارات بفارق ضئيل بين المرشحين قد لا يكون كافيا لإيقاف تحول المندوبين الكبار صوب معسكر أوباما، وكانوا قد أجلوا حتى الآن الإعلان عن مواقفهم بناء على طلب من مستشاري هيلاري بانتظار النتائج في الولايتين.

وقال مسؤولون من حملة أوباما إنهم أنفقوا ما يقرب من 10 ملايين دولار على الإعلانات التلفزيونية في تكساس منذ بداية فبراير(شباط) الماضي. أما هيلاري فقد أنفقت أكثر من 5 ملايين دولار. بينما أنفق أوباما حوالي 5.3 مليون دولار في أوهايو مقارنة بـ 3 ملايين دولار أنفقتها هيلاري هناك حسبما ذكر مسؤولون. لكن هذه النفقات لا تتضمن ما قدم لأوباما من جانب اتحاد عمال الخدمات الدولي. كذلك لا تشمل الاموال التي أنفقها أوباما وهيلاري في تكساس على التلفزيون والراديو باللغة الإسبانية ضمن منافستهما على أصوات الناخبين من أصول لاتينية وكانت هيلاري تعتبر هذه الشريحة مكونا أساسيا لدعمها. وقالت في إحدى الإعلانات في هيوستن، الأسبوع الماضي، متحدثة إلى الكاميرا مع ترجمة لتعليقها: «لديَّ أصدقاء كثيرون في تكساس وأنا أعرف تقاليدكم وثقافتكم».

وامتياز أوباما المالي يساعده على ما هو أبعد من موجات الأثير. فحملته ارسلت 200 من الناشطين من غير المتطوعين جواً من مختلف انحاء البلاد الى 10 مكاتب للحملة في تكساس مباشرة بعد الانتخابات التمهيدية يوم الخامس من فبراير. وفقا لما قاله مساعدون بينما كان بعض من العاملين في حملة هيلاري يتطوعون للعمل دون مقابل. وأرسل 150 آخرون لبناء شبكات حملة انتخابية في أوهايو لصالح بول تيويس الذي كان مديرا لحملة أوباما في أيوا. وانتصار أوباما بثماني نقاط في المؤتمرات التمهيدية لتلك الولاية حملته دفعا قويا.

وليس جهد هيلاري على الأرض أقل حدة وسعة، فقد استفادت من شبكة الدعم التي وفرها لها ستركلاند. ولكن في كلتا الولايتين كان معظم العاملين معها من المتطوعين. وكان كثير منهم من الولايتين ولكن آخرين قدموا الى هنا والى تكساس على حسابهم الخاص، عادة من واشنطن ونيويورك وبعضهم استجاب لمناشدة تضمنتها رسالة الكترونية من تشيلسي كلينتون.

وقالت تشيلسي «نحتاج إلى أكبر عدد ممكن من الناس على الأرض في تكساس وأوهايو ورود آيلاند وفيرمونت». واذا ما نجحت حملتا هيلاري وأوباما في أهدافهما، فان كل ديمقراطي بالولاية سيطرق بابه من جانب أحد الداعمين لهذا المرشح أو ذاك. وقد تجمع آلاف من مؤيدي أوباما صباح يوم أول من أمس في 75 مركزا. وفي تكساس، بدأت حملة أوباما الجزء الأخير من برنامج المؤتمرات الحزبية للانتخابات للتوثق من أن مؤيدي الحملة فهموا اجراءات الانتخابات المعقدة في الولاية، وهي انتخابات تمهيدية يجري فيها اختيار ثلثي المندوبين يتبعها مؤتمر حزبي يقرر المندوبين المتبقين.

وكان المتطوعون يمرون على البيوت ويعطون الناس كراسات توضح ما كانت الحملة قد سمته «خطوتا تكساس» لتذكير مؤيدي أوباما بأن عليهم أن يقترعوا مرتين. وألحق أوباما هزيمة بهيلاري في المؤتمرات الحزبية. وبسبب ذلك، تمكن كما قال مساعدوه من الفوز بمزيد من مندوبي تكساس حتى وإن كان خسر التصويت الشعبي. وقال مساعدون لهيلاري يوم أول من أمس انه بسبب الهزائم التي عانتها مقابل أوباما في المؤتمرات الحزبية، فانهم سعوا الى تشخيص الناخبين الذين يشاركون في كل من الانتخابات التمهيدية في النهار والمؤتمرات الحزبية في الليل.

وفي أوهايو، ركز المرشحان على المدن والضواحي. كما اقامت هيلاري حملتها في المناطق الريفية وجنوب شرقي أوهايو، التي تصورها باعتبارها واحدة من الأجزاء القوية بالنسبة لها في الولاية. وفي تكساس، قام كلا المرشحين بمساعي اللحظة الأخيرة في دالاس وهيوستن وسان أنتونيو حيث كانت لكليهما اجتماعات حاشدة مساء الجمعة الماضي. وجلبت حملة هيلاري رئيس البلدية أنتونيو فيلاروغيسا من لوس انجليس كجزء من حملة واسعة لبدائل لاتينيين ارسلوا عبر ساوث تكساس مما يعكس كثافة الصراع بالنسبة لأولئك الناخبين.

وركز أوباما على أجزاء من الولاية التي توجد فيها تجمعات كبيرة من الأميركيين الأفارقة من بيمونت في ايست تكساس الى هيوستن وكلتاهما تجمعات سكانية كبيرة ممن أجلاهم اعصار كاترينا عن مناطقهم.

واذ يتجه المرشحان الى الأيام الأخيرة قبل منافسات الترشيح الأسبوع الحالي، استخدم أوباما وهيلاري الإعلانات التلفزيونية الواسعة لتعزيز الموضوعات الرئيسية لحملتيهما.

وعبر تكساس، قدمت هيلاري اعلانا اشار بشكل حاد الى أن أوباما ليس مستعدا لقيادة العالم في أزمنة خطرة، مما يردد أصداء اتهام مماثل كانت قد وجهته له يوم السبت في خطابات بالولاية.

وبدأت حملة أوباما تبث سلسلة من الاعلانات في تكساس خلال عطلة نهاية الأسبوع. وبينها رد فعل موجه الى هجوم هيلاري على مصداقيته في مجال الأمن القومي، وفيه انتقد قرارها بالتصويت لصالح تفويض الرئيس بوش بشن الحرب في العراق. وقال مستشارو هيلاري ان الاعلان التلفزيوني حول استعداد أوباما للبيت الأبيض، وهو يصور أطفالا نائمين بينما يسأل الراوي عن الأفضل القادر على التعامل كرئيس مع مكالمة هاتفية منتصف الليل أو مع أزمة، سيعرض في تكساس فقط. واعتمد جزءٌ من الاستراتيجية على ان الرسالة الأمنية ستكون لها اصداء في تكساس أفضل اكثر منها في أوهايو حيث الاقتصاد هو القضية الحاسمة. غير أن ناحية أخرى، كما قال أحد المساعدين، كانت أن الاعلانات ستحصل على تغطية مجانية في وسائل الاعلام الاخبارية في أوهايو مما يمكن أن يوفر أموالا.

من جانب آخر، اطلقت هيلاري كلينتون هجوما لاذعا على باراك اوباما، وحذرت من انه سيفشل في مواجهة المرشح الجمهوري جون ماكين. وصرحت كلينتون للصحافيين في الطائرة التي اقلتها الى تكساس «اعلم ان اوباما يشكو من ان الحديث عن الامن القومي نوع من نشر الخوف، لكنني اختلف معه تماما».

وقالت «لا اعتقد ان مواطني تكساس او الاميركيين يخافون بسهولة»، مضيفة ان الامن القومي سيكون مسألة حاسمة في انتخابات عام 2008 امام المرشح الجمهوري المحارب السابق جون ماكين. وتساءلت «اذا كان السناتور اوباما غير مستعد لخوض نقاش معي حول الامن القومي، فكيف سيخوض نقاشا في هذه المسألة مع السناتور ماكين؟». ووصفت اوباما بانه «يقول ولا يفعل».

من ناحيته، انتقد اوباما كلينتون وقال انها تقول للأميركيين ما يرغبون في سماعه فقط. واضاف اوباما الذي يقوم بحملة انتخابية في رود ايلاند «اذا اردنا تغييرا حقيقيا، فاننا نحتاج الى قادة في واشنطن يقولون ما يعنونه، ويعنون ما يقولونه».

وتابع «لا اريد ان اقول للجميع فقط ما يرغبون في سماعه، سأقول للناس ما يجب ان يعرفوه، لان التغيير الحقيقي لا يعني ان يغير المرء موقفه ليناسب السياسة الحالية».وفي الشأن العراقي، انتقد اوباما كلينتون لتصويتها في مجلس الشيوخ لمصلحة الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق عام 2002. وقال «التغيير الحقيقي ليس التصويت لجورج بوش بشأن الحرب في العراق، ويعد ذلك القول للشعب الاميركي مع بدء حملة الترشح للرئاسة ان التصويت كان من اجل الدبلوماسية».

* خدمة «نيويورك تايمز»