الحكومة الإسرائيلية راضية عن نتائج العملية الحربية وتقرر استمرارها وتوسيعها بحذر

منحت الجيش حرية اغتيال أي قائد في حماس وهدف العملية إقامة «حزام أمني» في قلب القطاع قبل الحملة البرية

TT

قررت الحكومة الاسرائيلية في جلستها العادية، أمس، الاستمرار في عملياتها الحربية ضد قطاع غزة، وتوسيعها بشكل محدود وبمنتهى الحذر، حتى لا تتكرر أخطاء حرب لبنان. ومنحت الحكومة الجيش والمخابرات حرية العمل على اغتيال أي قائد من «حماس» تستطيع «اصطياده». وقررت اجراء مشاورات يومية حتى الأربعاء (بعد غد)، حيث سيعقد المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة جلسة لتقويم الوضع واقرار كيفية الاستمرار في هذه العمليات الحربية. فيما اكدت مصادر اسرائيلية ان هدف العملية هو إقامة «حزام أمني» في قلب القطاع قبل بدء الحملة البرية التي ستعيد احتلال معظم مناطق القطاع.

وباركت الحكومة وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، على الحملة الدولية التي تديرها في العالم لشرح أهداف العمليات الحربية. وأثنى رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، على مضمون هذه الحملة، الذي تركز فيه على ان «هذه الحرب فرضت فرضا على اسرائيل من «حماس» من دون أي سبب. وان اسرائيل من جهتها انسحبت من قطاع غزة بالكامل، لكن «حماس» ردت باطلاق الصواريخ التي تهدد المدنيين». كما تقول الخارجية الاسرائيلية في دفاعها عن عملياتها الحربية ان اسرائيل ليست معنية بالمساس بالمدنيين الفلسطينيين وخصوصا الأطفال، لكن «حماس» هي التي تختار مواقعها ومخازن اسلحتها في مناطق مأهولة بالسكان المدنيين. وأضافت لفني على حملتها بندا تنتقد فيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، على تجميده المفاوضات، فقالت ان هذه العمليات جاءت لتقوي معسكر السلام وتضعف معسكر الحرب والارهاب. وتصرفات أبو مازن بتجميده المفاوضات وقطع أية اتصالات مع اسرائيل يخدم حركة «حماس» وغيرها من القوى الرفضية فقط. وعممت لفني هذا الموقف على السفارات الاسرائيلية في الخارج، وقامت بنفسها بالاتصال مع كل من وزيرة الخارجية الأميركية، كونداليزا رايس، ومسؤول الأمن والعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، والأمين العام للأمم المتحدة، بانكي مون، توضح لهم ما يجري. وطلبت لفني من أولمرت أن يبادر هو أيضا لاجراء اتصالات كهذه، بهدف تجنيد قادة دول الغرب الى جانب اسرائيل أو على الأقل ضمان أن تتفهم هذه الدول العمليات الاسرائيلية. وقد سادت أبحاث الحكومة أجواء حربية وتفوّه الوزراء بعربيدية العسكريين حول ضرورة «تصفية حماس» و«القضاء على الصواريخ». وبزّ الجميع في هذا التوجه، وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، رئيس المخابرات العامة الأسبق، الذي انتقد الحكومة على انها لم تصدر تعليمات واضحة الى الجيش بالقضاء على «حماس» وصواريخها. وقال ديختر ان العمليات التي تقوم بها قوات الجيش الاسرائيلي في غزة شجاعة وايجابية، لكن ما حدث منذ يوم الأربعاء الماضي وحتى اليوم هو ان نطاق تأثير الصواريخ الفلسطينية زاد ولم ينقص. فبعد أن كانت الصواريخ تهدد 25 ألف اسرائيلي يعيشون في سديروت، أصبحت تهدد اليوم حوالي 250 ألف اسرائيلي يعيشون تحت ظل خطر الاصابة. وعليه ـ قال ديختر ـ يجب أن يكلف الجيش بوضع حد نهائي لهذا الخطر.

وقد قاطعه أولمرت قائلا انه ينبغي الحذر ومواصلة كسب الرأي العام العالمي، الذي يتفهم حتى الآن العمليات الاسرائيلية بشكل أو بآخر، فأجاب ديختر: علينا ألا نكترث للعالم. فهذا العالم لم يفعل شيئا لمنع صواريخ «حماس» من قتل طالب جامعي مريض في الحرم الجامعي «سبير» ولم يمنع قطع ساق الطفل من سديروت. وذكر ديختر ان المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في العمليات، كانوا من المواطنين الذين استعملتهم «حماس» درعا بشريا لحماية رجاله المسلحين.

وقررت الحكومة في ختام جلستها الاستمرار في عملياتها الحالية وفق الخطة التي وضعها الجيش. وهذه الخطة تقضي باحتلال بعض المناطق في قطاع غزة بعمق 3ـ4 كيلومترات عن الحدود الاسرائيلية، كنموذج تجرب فيه امكانياتها العسكرية. فهي «تنظف» أولا تلك المنطقة بواسطة تدمير الخنادق والأنفاق ومواقع اطلاق الصواريخ وتصفية كل من يتواجد من نشطاء «حماس» أو أي مسلحين آخرين. وفقط بعد ضمان نجاح العمليات يتم توسيع رقعة الاحتلال. وجنبا الى جنب مع ذلك أجازت الحكومة للجيش والمخابرات تنفيذ اغتيالات في صفوف كل من «تصطاده أجهزة الاغتيال من «قادة «حماس» والمتحدثين باسمها. ويشارك في هذه العمليات حتى الآن حوالي 2500 جندي، مدعومين بالدبابات والمجنزرات وسلاح الطيران. وتشتمل الخطة على توجيه ضربات مفاجئة في مواقع أخرى في القطاع، طولا وعرضا، من رفح وخان يونس جنوبا وحتى بيت حانون شمالا.

وقال وزير الدفاع، ايهود باراك، ان الحصيلة الأولية للمعارك تؤكد نجاح الخطة الاسرائيلية، حيث انه في اليومين الماضيين قتل 70 فلسطينيا مقابل جنديين اسرائيليين، ورجال «حماس»، الذين قاموا في البداية بشكل جريء ومهني، هربوا الى الداخل. والقوات الاسرائيلية تلاحقهم. وكانت قيادات الجيش والمخابرات عقدت جلسة تقويم، الليلة قبل الماضية، وقررت اطلاق اسم «الشتاء الساخن» على هذه العمليات. واعتبرتها عمليات ناجحة. وحمل باراك حركة حماس مسؤولية تدهور الوضع، مؤكدا انها «ستدفع ثمن ذلك وتتحمل عواقبه». وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أن عملية «الشتاء الساخن»، تهدف الى إقامة حزام أمني يمتد من التخوم الشرقية لمدينة غزة حتى اقصى نقطة في شمال غربي قطاع غزة. ونقلت القناة الاسرائيلية عن مصدر في قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش قوله إن «الحزام الأمني الذي يعكفون على تكريسه سيمتد على مسافة ثلاثة كلم في عمق قطاع غزة، بحيث ستسيطر قوات الاحتلال على جميع المناطق الريفية في شمال قطاع غزة الممتدة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة حتى بلدة بيت حانون في اقصى الشمال، وصولاً الى بلدة بيت لاهيا في اقصى الشمال الغربي من القطاع».

الى ذلك ذكرت صحيفة «يديعوت احرنوت»، اوسع الصحف الاسرائيلية انتشاراً أن عملية «الشتاء الساخن»، هي آخر عملية عسكرية تسبق الحملة البرية الواسعة التي في اطارها سيعيد جيش الاحتلال معظم مناطق قطاع غزة. وأضافت الصحيفة أن العملية تهدف الى جباية ثمن كبير من حركة حماس والعمل على تآكل قوتها. واشارت الصحيفة الى أن قيادة الجيش تأمل في ان تساهم العملية في تقليص سقف المطالب التي تعرضها حماس من أجل الإفراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط الذي تأسره الحركة منذ اكثر من عامين.