أحمدي نجاد.. أول رئيس إيراني يصل العراق ويقول: سعيد جدا بزيارة بغداد من دون صدام

طالباني يتعهد بطرد مجاهدين خلق ويعلن: كنا نتمنى أن يسقط الدكتاتور وأن نرى نجاد هنا

الرئيس العراقي طالباني يجلس مبتسما بينما ينشغل الرئيس الايراني نجاد بالاجابة عن اسئلة الصحافيين في بغداد أمس (رويترز)
TT

وصل الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى بغداد أمس ليصبح أول رئيس ايراني يزور العراق منذ الحرب التي خاضها البلدان في الثمانينات وأسفرت عن سقوط مليون قتيل. وقال نجاد لدى وصوله ان زيارته للعراق تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفا أنه «سعيد بحق» للقيام بهذه الزيارة التاريخية لبغداد الآن بعد الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين. وتحرك موكب الرئيس الايراني من المطار الى مقر الرئيس العراقي جلال طالباني في حي الكرادة بوسط بغداد وسط اجراءات امنية مشددة. وأعد استقبال رسمي لأحمدي نجاد في مقر طالباني وقام فريق للموسيقى العسكرية بتحيته عند وصوله. وعقد نجاد وطالباني مؤتمر صحافيا مشتركا، وقال الرئيس الايراني الذي تحدث ببعض الكلمات بالعربية «هذه الزيارة ستفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين وستساعد أجواء التعاون في المنطقة». وأضاف مشيرا الى صدام الذي أطيح به في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق عام 2003 وأعدمته الحكومة العراقية في ديسمبر (كانون الاول) 2006 «زيارة للعراق من دون الدكتاتور هي زيارة سعيدة بحق».

وتحسنت العلاقات بين ايران والعراق منذ الغزو بقيادة الولايات المتحدة. وكان الكثير من زعماء العراق من الشيعة منفيين في ايران خلال حكم صدام الذي استمر لسنوات طويلة.

وأضاف أحمدي نجاد أن «وجود عراق متطور وقوي وموحد في مصلحة الجميع».

وتابع نجاد «كان للعراق وإيران وشعبيهما علاقة اخوة تتميز بالقوية على مدى التاريخ، وهي علاقة متجذرة ومتأصلة في العروق وانها تضرب بعمق التاريخ والثقافة والحضارة، وهو ما تعمل الارادة السياسية لقيادة بلدينا مستقرة على توثيق عرى العلاقات الاخوية وتوطيدها بين الشعبين، وهي فعلا علاقات ممتازة ومتطورة وتسير دائما الى الامام». وأشار «يبدو ان العراق يمر بظروف حرجة، لكن حسب معرفتنا بالشعب العراقي نعتقد ان لديه استعدادات طبيعية وانسانية هائلة فهو عريق بالثقافة والحضارة وسيتمكن من تخطي هذه المرحلة الحرجة». من جهته، رحب طالباني بنظيره الايراني وقال «ان هذه الزيارة ستؤدي الى نتائج جيدة والمباحثات الاولية تدل على ذلك. تباحثنا بالامور الاقتصادية والنفطية والسياسية والأمنية، والنتائج جيدة والنظرات متقاربة وسنعلن يوم غد (اليوم) عن اتفاقات بعد نهاية المباحثات»، مؤكدا ان اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 والخاصة بترسيم الحدود لم  يتم التباحث بشأنها.

وتابع طالباني «بهذه الزيارة التاريخية.. تذكرنا مشاعر في الكفاح والجهاد ضد الدكتاتورية وما كنا نتمناه وقد تحقق بعضه. كنا نتمنى ان يسقط الدكتاتور وان نراه (نجاد) في بغداد».

ورد الرئيس العراقي على سؤال وجه للرئيس نجاد الذي لم يعلق عليه بخصوص وجود «منظمة مجاهدين خلق» المعارضة لإيران في العراق، «هذه المسألة بحثناها سابقا ووجود هؤلاء كمنظمة ارهابية في اراضينا وفق الدستور ممنوع، وسنسعى للتخلص من وجودهم على الارض العراقية قريبا».

ويقيم ما لا يقل عن اربعة آلاف ايراني من هذه المنظمة بينهم اطفال ونساء في معسكر «أشرف» الواقع قرب منطقة العظيم (70 كلم شمال بغداد) في محافظة ديالى شمال شرقي العراق.

واستخف الرئيس الايراني بالاتهامات الأميركية بتدخل طهران في شؤون العراق، قائلا «إيران ليست بحاجة للتدخل في العراق، فنحن أصدقاء كافة الجماعات هنا، أليس من السخف أن يتهمنا أولئك الذين نشروا 160 ألف جندي في العراق، بالتدخل في العراق»، موضحا أن هذه الاتهامات تهدف إلى تبرير «هزيمة اميركا  في العراق، ملقياً بتبعة العنف الدائر على استمرار الاحتلال الأميركي». وأضاف «هذا هو حال الأميركيين يشيرون بأصابع الاتهام إلى آخرين عند هزيمتهم. فوضى وتشرذم وتوتر العراق ناتج عن المحتلين. نعتقد أن الشعب العراقي قادر على تأمين وإدارة دولته وليس هناك حاجة لتدخل أجنبي». وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي مع طالباني توجه نجاد الى المنطقة الخضراء المجاورة، حيث نقل بواسطة سيارات وتحت حماية مشددة بحسب مصدر حكومي، للقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وأجرى الجانبان محادثات في مكتب المالكي وسط المنطقة الخضراء المحصنة. ثم عقد نجاد والمالكي مؤتمرا صحافيا مشتركا، وقال نجاد «نقول للسيد بوش ان اتهام الآخرين من دون دليل سيزيد المشاكل في المنطقة ولن يحلها». وأضاف «على الاميركيين أن يفهموا الحقائق في المنطقة. الشعب العراقي لا يحب أميركا».

الى ذلك، قال محمد علي حسيني المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ان ايران لن تعيد التفاوض بشأن اتفاقية الجزائر الحدودية لعام 1975.

وقال حسيني في مؤتمر صحافي اسبوعي إنه عندما جاء المسؤولون العراقيون الى طهران «أجرينا محادثات طيبة وبناءة في اطار اتفاقية 1975 بشأن بعض القضايا بما في ذلك النزاعات الحدودية وقضايا أخرى متعلقة بالنهر». وعندما سئل ما اذا كانت زيارة أحمدي نجاد للعراق ستتضمن المفاوضات بشأن اتفاقية عام 1975 أجاب «لم نجر محادثات بشأن الاتفاقية ولن نجري (مثل هذه المحادثات)».

وكان عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي قد قال اول من أمس، ان العراق يريد استغلال زيارة أحمدي نجاد لحل نزاعات مستمرة منذ فترة طويلة بما في ذلك ترسيم الحدود المشتركة.

وفي المطار عندما سئل أحمدي نجاد ما اذا كانت ستجرى مناقشة الاتفاقية خلال الزيارة التي تستغرق يومين الى العراق، لم يجب الرئيس الايراني.