إيران تواجه موقفا صعبا في تفسير أنشطتها النووية بعد المعلومات الجديدة

الوثائق تشير إلى أبحاث تسلح حتى 2004 وخطط لتطوير الصاروخ شهاب للتفجير على ارتفاع 600 متر فوق سطح الأرض

TT

بينما يتوقع أن يفرض مجلس الأمن الدولي اليوم، عقوبات جديدة على ايران، بسبب ملفها النووية يبدأ مجلس امناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا، صباح اليوم، اجتماعا دوريا، تشمل اجندته العديد من القضايا في مقدمتها اجراءات السلامة النووية، وادارة النفايات النووية، ومراجعة انشطة الوكالة لعام الماضي 2007. والتقرير التقني لهذا العام 2008، بجانب بند عن الملف النووي الكوري الشمالي. الا أن كل المؤشرات تدل ان الجلسات سيهيمن عليها البند الخاص بقضية الملف النووي الايراني، ودراسة أحدث تقرير رفعه مدير عام الوكالة الدكتور محمد البرادعي عن آخر تطورات النشاط النووي الايراني، خاصة في ضوء الوثائق الجديدة التي عرضتها وكالة الطاقة الذرية في فيينا والتي تشير الى ان ايران استمرت في العمل على تصميم أسلحة نووية لأشهر لاحقة بعد التاريخ الذي افاد تقييم وكالات الاستخبارات الاميركية، انها توقفت فيه في عام 2003.

تشهد أروقة الوكالة تصعيدا وتبادلا للاتهامات من نوع جديد بين الاطراف المختلفة، التي تتابع قضية الملف النووي الايراني، بسبب ما اشار له تقرير البرادعي بـ«الدراسات المزعومة»، وهي دراسات وتجارب وتصاميم، حصلت عليها الوكالة من الولايات المتحدة الاميركية، بالاضافة لمصادر اخرى، تؤكد أن ايران تدرس وتخطط لاستخدامات نووية حربية، بتركيب رؤوس نووية لصواريخ شهاب 3 التي كانت ايران قد اعلنت النجاح في صنعها. وكان تقرير البرادعي، والذي أشاد بزيادة وتيرة التعاون بين ايران والوكالة، قد اشار كذلك ان ايران ماطلت ولم تقدم اجوبة صريحة ومباشرة بشأن تلك الدراسات.

من جانبها كانت سكرتارية الوكالة قد قامت بالكشف بالتفصيل عما وصلها من معلومات وتصاميم مصورة وشريط فيديو حول تلك الدراسات، امام اجتماع فني غير رسمي، عقدته نهاية الاسبوع الماضي برئاسة اوللي هاينون نائب المدير العام للوكالة، حضره مندوبو الدول الخمس والثلاثين اعضاء مجلس امناء الوكالة، تحضيرا لاجتماع اليوم، ما اغضب ايران ودفعها لاتهام سكرتارية الوكالة بالتعدي على مبدأ السرية في التعامل، بل دفع الغضب المندوب الايراني السفير علي اصفر سلطانية، لاتهام الوكالة بالخضوع للضغوط الاميركية، مفندا الاتهامات ان بلاده تهدف لعسكرة برنامجها النووي، مؤكدا ان تلك المعلومات مضللة ومفبركة، وان التركيز عليها ما هو الا مجرد محاولات أميركية لتسميم الاجواء ضد ايران قبل انعقاد جلسات المجلس هذا الصباح.

من جانبه، أكد المندوب الاميركي السفير جريجري شولتي، صحة تلك المعلومات، مشيرا انها ظهرت للوجود بعد التقرير الاستخباراتي الاميركي، الذي نشر ديسمبر الماضي، وأكد ان مساعي ايران وخططها لبرامج نووية عسكرية توقفت منذ 2003.

وشدد على ان المعلومات الجديدة تدلل ان ايران فتحت فصلا جديدا في نشاطها النووي، ما يؤمن على ضرورة زيادة الضغوط الدولية، وفرض مزيد من العقوبات ضد ايران، لإجبارها على وقف مواصلة تخصيب اليورانيوم، ويحد من امكانية حصولها على تقنية نووية عسكرية.

وحسب معلومات جمعتها الوكالة من عدة وكالات استخبارات لدول، واوردتها «واشنطن بوست» امس، كشف هاينون لدبلوماسيين في الوكالة، عن تفاصيل برامج معقدة للحصول على تكنولوجيا صناعة الأسلحة النووية وتوصيلها. وتصف بعض الوثائق برامجا لتعديل الصاروخ شهاب ليستطيع حمل رأس حربي أكبر ليتم تفجيره على ارتفاع 600 متر فوق سطح الارض وهي متطلبات خاصة بتفجير قنبلة نووية حسب هاينون. وجاءت المعلومات التي تم الحصول عليها من جهاز كمبيوتر محمول تم تهريبه من ايران وسلم الى واشنطن. وعندما أدمجت الوكالة البيانات مع النتائج التي توصلت اليها وملفات المشتريات الايرانية والمعلومات التي تم الحصول عليها من دول أخرى، واجهت ايران بالتفاصيل لأول مرة في الشهر الماضي، وتعهدت بمواصلة الضغط عليها للحصول على رد موضوعي.

وقال مسؤول رفيع في الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلب عدم نشر اسمه نظرا للحساسية السياسية للمسألة، هناك مجموعة كبيرة نوعا ما من الوثائق المتسقة فيما بينها.. وأجزاء مختلفة متوافقة مع أخرى، من الصعب بدرجة كبيرة تلفيق هذا الأمر. وفي نيويورك يتجه مجلس الأمن الدولي اليوم، الى فرض عقوبات اقتصادية وتجارية جديدة على ايران، اذ يتوقع ان يتبنى مشروع قرار اعدته فرنسا وبريطانيا والمانيا ويلحظ تشديدا طفيفا للعقوبات التي فرضها المجلس على ايران بموجب القرارين 1737 في ديسمبر(كانون الاول) 2006 و1747 في مارس (اذار) 2007.

ويوسع القرار قائمة الاشخاص والكيانات المرتبطين بالبرنامجين الايرانيين النووي والبالستي، الذين سبق ان جمدت اموالهم في الخارج ومنع بعضهم من السفر. ويحض الدول على مراقبة العمليات المالية مع اثنتين من المؤسسات الايرانية المالية الكبيرة، هما مصرفا ملي وصادرات. وعلى غرار القرارين 1737 و1747، يحض المشروع ايران على تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم ومعالجته، ويمهلها ثلاثة اشهر للقيام بذلك، قبل ان يتجه نحو سلسلة جديدة من العقوبات. ويبدو تبني المشروع خلال اجتماع الاثنين في الساعة 30.10 (30.15 ت غ).

لكنه قد لا يحظى باجماع اعضاء المجلس، الأمر الذي تسعى اليه الدول التي اعدته بهدف توجيه رسالة سياسية شديدة اللهجة الى ايران. ويستند المشروع الى العناصر التي وافق عليها في يناير(كانون الثاني) وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، اي الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، اضافة الى المانيا. ورجح دبلوماسيون ان يحوز المشروع موافقة أحد عشر صوتا على الأقل. ويتطلب صدور القرار، موافقة تسعة اعضاء على الأقل من اصل 15، شرط الا يلجأ أي عضو دائم الى حق النقض.

وطوال الاسبوع، سعت الدول التي أعدت المشروع الى ضمان تأييد جنوب افريقيا واندونيسيا وليبيا وفيتنام، بعدما ابدت الدول الاربع تحفظات عن بعض النقاط. وكان متوقعا أن يصوت مجلس الأمن على العقوبات الجديدة السبت، لكن العملية ارجئت الى الاثنين لمنح المشاورات مع جنوب افريقيا وجاكرتا وطرابلس وهانوي، مزيدا من الوقت. وقلل متحدث باسم الخارجية الايرانية من فرص صدور قرار من مجلس محافظي الوكالة، قائلا ان الدول النامية أبدت مساندتها لنشاط نووي سلمي في ايران.

وقال محمد علي حسيني للصحافيين في طهران أمس، نتمنى أن تكون القرارات التي تصدر عن المجلس.. مستندة الى الحقائق المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني. وأضاف سلطانية أن الوكالة ينقصها كل من الخبرة والتفويض اللازمين للتحقيق في مسألة اجراء ايران تجارب على مواد متفجرة والعمل الخاص بتصميم رأس صاروخ، نافيا وجود أية صلة بين تلك المشاريع وتحويل اليورانيوم لاستخدامه كوقود نووي كما تشير المعلومات.