سولانا في بيروت لمساعي توفيقية على أساس المبادرة العربية

مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الاوسط»: لا مبادرات جديدة حول أزمة لبنان

سولانا في اجتماع مع بري في بيروت (رويترز)
TT

في وقت تتلبد فيه اجواء المنطقة بغيوم تنذر بعواصف سياسية وأمنية، تتركز انظار اللبنانيين وآمالهم على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم لتحديد المسار الى القمة العربية المقررة في دمشق أواخر الشهر الحالي، خصوصا ان الأزمة اللبنانية وتمثيل لبنان يحتلان مركز الصدارة في السجال العربي حول مصير القمة، وبالتالي العلاقات العربية ـ العربية.

وفي سياق الاتصالات والمشاورات حول الوضع في لبنان والمنطقة، اجرى امس رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل تم خلاله «التشاور في آخر التطورات على الساحتين اللبنانية والاقليمية». وفي الوقت الذي يستمر فريقا الاكثرية والمعارضة في التراشق بشأن المسؤولية عن تعقيدات الأزمة، وصل مساء امس الى بيروت مسؤول العلاقات الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مهمة تهدف الى تجديد محاولات جمع الفريقين على نقطة وسط لحل توافقي يمكنها من اعادة تشكيل هيكلية السلطة الحكومية من باب انتخاب رئيس جديد للجمهورية على قاعدة المبادرة العربية.

وقال سولانا إثر لقائه بري «نرغب بقوة أن تحل هذه الأزمة قبل القمة العربية. وكما تعلمون نحن ندعم بقوة المبادرة العربية وسنتابع دعمنا لها، وأكرر مرة أخرى أنه يجب انتخاب رئيس الجمهورية قبل القمة العربية».

وردا على سؤال حول ما إذا كان لديه أمل في انتخاب الرئيس بعد لقائه بري، قال سولانا «لا أستطيع إن أقول نعم، ولكني لا أقول لا، وأستطيع أن أقول إننا سنكمل بكل ما في وسعنا ليكون هناك انتخاب رئيس قبل القمة العربية».

كذلك، اجرى السنيورة مساء امس اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، وتناول البحث «الاوضاع المحيطة بلبنان والمنطقة عشية انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب»، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء. الى ذلك، اكد سفير ايطاليا لدى لبنان غبريال كيكيا عقب زيارة لمقر وزارة الخارجية امس: «ان المبادرة الوحيدة المطروحة هي المبادرة العربية ويجب انجاحها». وقال عقب اجتماعه بوزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ: «ناقشنا في جو ودي بعض المواضيع المتعلقة بقوات اليونيفيل والملفات الحالية. كذلك تطرقنا الى مواضيع تخص العلاقات بين ايطاليا ولبنان». واضاف: «تطرقنا الى المبادرة العربية بصورة عامة ولم ندخل في التفاصيل. والوزير صلوخ يعلم اننا دعمنا هذه المبادرة ومازلنا. وقد املت ان تؤدي الى انتخاب رئيس توافقي في 11 اذار الحالي. ونحن ننتظر ذلك بقلق وبفارغ الصبر».

وردا على سؤال ما اذا كان قلقا على وضع القوات الدولية في الجنوب، افاد كيكيا: «ان الوضع في الجنوب يجب ان يكون تحت المراقبة. وفي الوقت الحالي انه وضع غير مستقر. وقوات اليونيفيل تقوم بما يجب عليها القيام به. والجميع من افراد وضباط يقوم بواجباته ضمن اطار القرار 1701. ونحن هنا لدعم جهود اليونيفيل. وايطاليا هي احدى اهم الدول المساهمة والمشاركة في هذه القوات. ونحن نتابع الوضع عن كثب. ومن الواضح ان المنطقة تعيش ازمات عدة. لذلك يجب متابعة الوضع كل يوم بيومه».

وسئل كيكيا اذا كان يعتقد بوجود خطر حقيقي يهدد الوجود المسيحي في لبنان، فاجاب: «لا اعلم اذا كان هناك خطر، انما هناك مشكلة ان المسيحيين يغادرون البلد. وهذا ليس امرا جيدا للبنان او للمنطقة او للمجتمع الدولي لان رسالة لبنان تقوم على تنوع طوائفه، بما فيها الطائفة المسيحية. ونحن نشعر ان على المسيحيين الاستمرار في لعب الدور الذي قاموا عبر التاريخ اللبناني، كأحد العناصر الاساسية المكونة للمجتمع اللبناني وللنموذج اللبناني. وسنعمل ايضا في هذا الاتجاه». ولاحقا زار السفير الايطالي رئيس المجلس نبيه بري وعرض معه التطورات.

وفي المواقف، قال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي: «ان المدخل الى حل الازمة السياسية الحادة التي نعيشها يكون من خلال العودة الى أحكام الدستور اللبناني وروحيته. وهذا ليس امرا صعبا، اذا خلصت النيات وسعى المتخاصمون الى بلورة تفاهم ينطلق من القواسم المشتركة». وشدد على «ان الاولوية في الوقت الحاضر هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولكن اذا بقي الاطراف المتخاصمون على رهانهم على الخارج فالاستقرار المنشود لن يتحقق وستبقى نقاط الخلاف الاساسية عالقة».

من جهته، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش ان «الوضع سائر الى تأزيم اكبر خلال الاسابيع المقبلة». واضاف: «كل المؤشرات تؤكد ان النظام السوري لن يتخلى عن ورقة لبنان وسوف يستمر في التعطيل»، لافتا الى «ان ما يشاع عن افكار جديدة لحلحلة الازمة هي مجرد ايحاءات بتسهيل الامور للتمكن من تمرير استحقاق القمة العربية في دمشق». واشار الى «وجود معلومات حول امكان عقد لقاء رباعي في القاهرة، لكن المحتوى وبرنامج العمل لا يزالان غير واضحين حتى الان». وعن قول النائب ميشال عون انه يفضل عدم مشاركة لبنان في القمة العربية على ان تشارك فيها حكومة الرئيس السنيورة، اجاب علوش: «العماد ميشال عون يفضل ان لا يكون هناك لبنان من دون ان يكون هو رئيسه».

وعن الوضع اللبناني عشية القمة العربية، وعما اذا كان يرى ان الفرصة سانحة لاعادة تزخيم المبادرة العربية، قال: «هناك الكثير من الشائعات والاخبار الصحافية التي تتكلم عن افكار جديدة يتم التداول فيها لحلحلة الوضع في لبنان. ولكن عمليا كل المؤشرات التي وصلتنا من الدبلوماسيين العرب تؤكد ان النظام السوري لن يتخلى عن ورقة لبنان وسوف يستمر في التعطيل. ولكن هناك بعض الايحاءات انه قد يسهل بعض الامور حتى يتمكن من تمرير القمة، خصوصا ان الاخوة العرب في وضع محرج بعد قضية غزة التي اصبحت هي القضية الساخنة في الوقت الحالي».

وفي هذا الاطار، اكدت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت لـ«الشرق الاوسط» ان لا مبادرات جديدة في ما يتعلق بالازمة اللبنانية. وقالت ان كل ما جرى تداوله في الساعات الماضية هو مجرد افكار «غير مقبولة» نقلها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من القيادة السورية وتتضمن قيام حكومة انتقالية واجراء انتخابات نيابية مبكرة.

في المقابل، علق مسؤول العلاقات الخارجية في «حزب الله» نواف الموسوي، عقب لقائه امس السفير الاسباني ميغيل بنزو بيريا، على ارسال القطع البحرية الاميركية الى قبالة ساحل لبنان، فحذر من ان «هذا الاسلوب سبق ان فشل في تحقيق اهدافه». وقال ان «المعارضة اليوم، بعد البوارج الاميركية، اقوى مما كانت عليه من قبل في منع عملية الاحتيال والسرقة، لاسيما ان المواجهة تبدو كما كانت واقعا بين معارضة وطنية تسعى الى استقلال بلادها واستعمار اميركي جديد يستخدم ادوات محلية سبق ان استخدمت سابقا في اتجاهات شتى».

واعتبر عضو كتلة نواب «حزب الله» حسين الحاج حسين «ان قدوم البوارج الحربية الاميركية الى قبالة السواحل اللبنانية هو مؤشر واضح لسقوط كل المؤامرات والفتن والدسائس التي خطط لها الاميركي واوكلها الى جماعته في لبنان. وبالتالي هو فشل في إلحاق البلد بالادارة الاميركية وفي تعميم الوصاية عليه». بدوره أكد عضو «الكتلة الشعبية» النائب حسن يعقوب «ان البوارج والصواريخ والمدمرات لن تستطيع كسر ارادة الامة الحرة». وقال: «ان الذين يتسلحون ويراهنون ويعطلون ويقفون حائلاً امام كل تسوية وتفاهم نقول لهم انهم يذهبون بالبلد في المنزلق الخطير»، مضيفاً «ان المرحلة القادمة ستكون صعبة جداً وسندفع فيها اثماناً باهظة. لكن الدماء ستسقط اقنعة النظام العربي الذي يثبت كل يوم حجماً هائلاً من التواطؤ والعجز».

ورحب عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب غسان مخيبر، بالحديث عن احتمال عقد لقاء رباعي في القاهرة. وقال رداً على سؤال حول المعطيات عن افكار جديدة يجري الحديث عنها قد تؤدي الى عودة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وإحياء المبادرة العربية وربما لقاء رباعي في القاهرة: «لم نطلع بعد على التفاصيل، انما نرحب بأي فكرة جديدة يمكنها ان تؤدي الى اي توافق بين اللبنانيين وانجاح المبادرة العربية». ورأى ان الفرصة لاتزال سانحة لإعادة إحياء المبادرة العربية، قائلاً: «نحن أيدنا المبادرة العربية منذ اليوم الاول لاعلانها ولانزال. ونسعى الى انجاحها لانه لا يمكن ان يستمر الفراغ في المؤسسات كما هو حاصل اليوم. والتنازلات مطلوبة من كل الفرقاء، ليس لبعضهم البعض انما للوطن».