فنزويلا تحرك جنودها تجاه كولومبيا وسط مخاوف من حرب إقليمية

أوريبي يتهم شافيز بجرائم «إبادة جماعية» إثر تصعيد سياسي وأمني بين البلدين

TT

شهدت اميركا اللاتينية تصعيدا امنيا ومشادات حادة بين كولومبيا وفنزويلا أمس بعد مقتل راوول رييس، المسؤول الثاني في حركة التمرد الكولومبية القوات المسلحة الثورية «فارك». وامر الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بارسال 9 الاف جندي الى الحدود مع كولومبيا أمس، حيث شوهد مئات الجنود يتحركون باتجاه الحدود وفوقهم تحلق مروحية عسكرية. وحذر الرئيس الاكوادوري رافاييل كوريا أمس من ان الازمة التي اعقبت هجوم الجيش الكولومبي على المتمردين الكولومبيين داخل الاراضي الاكوادورية «خطرة جداً على اميركا اللاتينية». واضاف كوريا في تصريحات نقلها التلفزيون المكسيكي: «هذا خطر جدا على اميركا اللاتينية وليست مشكلة ثنائية، انها مشكلة اقليمية، واذا ما اصبحت مثل هذه السابقة عادية فاننا سنكون ازاء شرق اوسط جديد في اميركا اللاتينية».

وطلب الرئيس الاكوادوري الذي كان يتحدث قبل ساعات من اجتماع في واشنطن للمجلس الدائم لمنظمة الدول الاميركية يخصص لهذه الازمة، ان «يتم وقف المعتدي بحزم». واعتبر مجددا ان قيام الجيش الكولومبي السبت الماضي بعملية ضد متمردي القوات المسلحة الثورية (فارك) في الاراضي الاكوادورية، غير مقبول. وقتل خلال هذه العملية المسؤول الثاني في «فارك» و16 متمردا آخرين، واضاف «انها المرة الاولى في تاريخ اميركا اللاتينية» التي يحدث فيها مثل هذا الامر.

ومن جهة اخرى، اعلنت كولومبيا أمس انها ستتهم الرئيس الفنزويلي أمام المحكمة الجنائية الدولية بالمساعدة في تنفيذ ابادة جماعية من خلال مساعدة متمردي الـ«فارك» ارتكاب جرائم قتل جماعي في كولومبيا. وقال الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي: «ستقترح كولومبيا في المحكمة الجنائية الدولية التنديد برئيس فنزويلا هوجو شافيز لدعمه للابادة الجماعية وتمويله اياها». واكدت الحكومة الكولومبية امتلاكها رسالة من قيادي في «فارك» ورد فيها ان تشافيز تعهد بتسليم هذه الميليشيا 300 مليون دولار.

وفي محاولة اخرى للضغط على شافيز، اعلن نائب الرئيس الكولومبي فرانشيسكو سانتوس كالديرون في جنيف امس ان فارك «قد تكون في صدد التفاوض لشراء مواد مشعة تستخدم في صنع اسلحة قذرة للتدمير والارهاب». واضاف: «ان هذه المعلومات التي تخضع حاليا لعملية تحقق دقيقة بمساعدة دولية، تظهر انه بفضل القدرات الاقتصادية التي تنجم عن تهريب المخدرات، تشكل الجماعات الارهابية تهديدا خطيرا ليس فقط على بلادنا بل على منطقة الانديز واميركا الجنوبية».

وادت العملية الكولومبية الى ازمة دبلوماسية خطيرة واعلنت الاكوادور وفنزويلا التي يعتبر رئيسها هوغو تشافيز حليفا لكوريا، انهما ارسلتا قوات الى حدودهما مع كولومبيا. وقطعت الاكوادور أمس علاقاتها الدبلوماسية مع كولومبيا في حين طردت فنزويلا السفير الكولومبي. واعلن رئيس كولومبيا الفارو يوروبي المدعوم من الولايات المتحدة أول من أمس انه تم احتجاز وثائق اثر عملية المداهمة ضد فارك تثبت وجود علاقات بين التمرد الكولومبي ورئيس الاكوادور، ولكن رفضت الاكوادور هذه التهم.

ومن جهته، اتصل الرئيس الاميركي جورج بوش بنظيره الكولومبي ليبدي له دعمه لتحركه ضد حركة «فارك» الماركسية المتمردة. وقال الناطق باسم البيت الابيض غوردون جوندرو ان بوش «شكر» لاوريبي تحركه «القوي» ضد فارك. وهذا الاتصال الهاتفي دليل دعم اميركي واضح لاوريبي في وقت يعتبر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز العدو اللدود لادارة بوش.

وقد اثرت عملية كولومبيا ضد قوات «فارك» على فرص اطلاق المزيد من الرهائن لدى المتمردين. واعلنت منظمة «فارك» في بيان أمس ان رييس كان يحاول تنظيم اجتماع مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حين قتل في عملية توغل للقوات الكولومبية في الاكوادور. واضاف البيان الذي اوردته «وكالة الانباء البوليفارية» (المقربة من المتمردين)، ان الاجتماع مع ساركوزي الذي كان يحاول تنظيمه بفضل وساطة الرئيس الفنزويلي «كان يهدف الى التوصل الى حلول لتسوية وضع انغريد بيتانكور». وتحتجز فارك 39 رهينة «سياسيين» بينهم الفرنسية الكولومبية انغريد بيتانكور المحتجزة منذ ست سنوات والتي تدهورت صحتها اضافة الى ثلاثة اميركيين تسعى حركة التمرد الى مبادلتهم بـ500 من عناصرها المسجونين.

واكدت وزارة الخارجية الفرنسية انها كانت على اتصال برييس، وقالت الناطقة باسم الوزارة باسكال ادرياني: «في اطار عملية التسهيل التي قمنا بها: اسبانيا وسويسرا وفرنسا، كانت لنا اتصالات مع راوول رييس ويمكنني ان اؤكد لكم ان الكولومبيين كانوا على اطلاع بذلك». واضافت: «ان فارك منظمة ارهابية (مدرجة على لائحة الاتحاد الاوروبي للمنظمات الارهابية)...لكن في اطار عملية تسهيل مباشرة وغير مباشرة اجريت العديد من الاتصالات». وتابعت «حصل العديد من الاتصالات حتى حدوث الامر الذي نعرفه»، في اشارة الى مقتل رييس السبت الماضي.