وزراء الخارجية العرب: المبادرة لن تبقى في ظل عدم تجاوب إسرائيل ويجب عودة الشرعية إلى غزة

حولوا مشاوراتهم الليلية إلى اجتماع طارئ حول غزة وخصصوا أمس للبنان

TT

ما بين أزمتي لبنان وفلسطين قضى وزراء الخارجية العرب ليلة أول من أمس، ويوم أمس، كاملين في مشاورات معمقة، لم يعكر صفوها تباين المواقف بقدر اختلاط الأوراق، وسط إصرار بعض الأطراف على ضرورة حسم الملف اللبناني، وأزمة الفراغ الرئاسي أولا، بينما رأى آخرون أن أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الفلسطيني هي الأكثر خطراً على العرب الآن.

وفي ضوء ذلك تقرر تحويل الاجتماع التشاوري للوزراء مساء أول من أمس إلى اجتماع غير عادي (استثنائي) ناقشوا فيه أزمة غزة على أن يتم تخصيص اجتماع الدورة العادية رقم 129 للمجلس الوزاري للجامعة العربية أمس لمناقشة الأزمة اللبنانية.

وبينما أصدر الوزراء قراراً حول غزة تواصلت مناقشاتهم طوال يوم أمس حول أزمة لبنان، فيما بدا أن اختلافاً شديداً في وجهات النظر لتلك الأزمة، وكيفية حلها ما زال قائما، حيث استمرت الاجتماعات المغلقة لأكثر من ست ساعات. وحتى ساعة إعداد هذا التقرير في السابعة من مساء أمس لم يكن الوزراء قد أنهوا مناقشاتهم حول الأزمة ولم يخرج أي من الوزراء من قاعة الاجتماعات.

وفيما أدان الوزراء بشدة عدوان إسرائيل على غزة، أكدوا في قرارهم حول غزة أن المبادرة العربية للسلام لا يجب أن تظل مطروحة في ظل عدم تجاوب إسرائيل الحقيقي معها ومع المرجعيات الدولية، وأوضحوا في ذات الوقت الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي وأن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها.

ولدى مناقشتهم جدول الأعمال الذي تضمن 28 بنداً تمحورت حول التحديات التي تواجه الأمة العربية، وقضايا العمل العربي المشترك، أعلن الوزراء ـ حسب مشروعات القرارات التي من المقرر اعتمادها ـ رفضهم ما تردد عن ترشيح إسرائيل للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن عن مجموعة دول غرب أوروبا ودول أخرى في ضوء استمرار انتهاكها لميثاق الأمم المتحدة وعدم أهليتها لمقتضيات العضوية التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة .

وأكد الوزراء في مشروع قرار حول القضية الفلسطينية أن دولة فلسطين شريك كامل في عملية السلام وأن قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية هي وحدة جغرافية واحدة لا تتجزأ لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية. وعبر المجلس عن رفضه لجميع المحاولات الرامية إلى تفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية والإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها اسرائيل لتحقيق هذا الغرض.

وطالب الوزراء بعودة الوضع في غزة الى ما كان عليه قبل أحداث منتصف يونيو (حزيران) لعام 2007 وعودة المؤسسات الشرعية لممارسة مهامها لتهيئة الظروف لانطلاق الحوار الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية واحترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) محذرين من أن استمرار الوضع القائم سيؤثر سلبا على نضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

ودعا الوزراء إلى عقد مؤتمر عربي حول القدس تحت رعاية جامعة الدول العربية بالتنسيق مع لجنة القدس لبحث سبل مواجهة مخططات اسرائيل الهادفة الى فرض واقع جديد في مدينة القدس بطمس المعالم والآثار العربية والإسلامية وإحلال معالم يهودية مصطنعة مكانها من خلال تنفيذها لأكبر حملة لتهويد القدس وعزلها عن محيطها العربي الإسلامي والمسيحي والتي خصصت لها ميزانية كبيرة لتمويل مشاريع استيطانية ضخمة.

وطالب الوزراء الولايات المتحدة وجميع الدول والمنظمات الدولية التي شاركت في الاجتماع الدولي للسلام في أنابوليس ومؤتمر باريس للضغط على إسرائيل لدفع جهود السلام ووقف الاستيطان فورا وإنهاء المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية والتوصل إلى اتفاق حول قضايا الحل النهائي بما فيها القدس واللاجئون وإقامة الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس وفق إطار زمني محدد. وأكدوا ضرورة إطلاق المفاوضات المباشرة على جميع المسارات لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلى ومطالبة المجتمع الدولي لإسرائيل بإظهار نية حقيقية ورغبة أكيدة للتوصل الى سلام عادل وشامل بدلا من الإمعان في سياسة الحرب الممنهجة التي زادت وتيرتها بعد مؤتمر أنابوليس.

وطالب المجلس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالتحرك الفوري لتحمل مسؤولياتهم والضغط على اسرائيل للوقف الفوري للاستيطان في مدينة القدس والذي زادت وتيرته بعد مؤتمر أنابوليس مطالبين اسرائيل بالتركيز في عملية مفاوضات جادة تعيد الحقوق وتحفظ الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة بدلا من إعلان الحرب على عملية السلام.

وأكد المجلس عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تمثل انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة، مشددا على ضرورة التصدي لمحاولات الحكومة الإسرائيلية تنفيذ اجراءات أحادية الجانب وخلق وقائع جديدة على الأرض .

وطالب الوزراء بسرعة العمل على إنهاء الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة نتيجة للحصار الجائر الذي تفرضه اسرائيل ونتيجة لقطع المساعدات الدولية عن السلطة الوطنية الفلسطينية وان يقوم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بممارسة الضغط من أجل سرعة وصول المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء الى الأراضي الفلسطينية المحتلة لمنع كارثة إنسانية وشيكة تهدد بتفجر الأوضاع .

وعبر المجلس عن رفضه جميع محاولات التوطين بكافة أشكاله وتكليف الأمانة العامة والدول الأعضاء بمواصلة وتكثيف جهودها على الساحة الدولية وفي الأمم المتحدة لتأكيد هذا الحق وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخاصة قرارات الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948 ووفقا لمبادرة السلام العربية وتأكيد مسؤولية اسرائيل القانونية والسياسية والأخلاقية عن نشوء واستمرار مشكلة اللاجئين الفلسطينيين .

كما عبر عن رفضه لمطالب إسرائيل وبعض الأطراف الدولية التي تهدف إلى تعريف إسرائيل على أنها «دولة يهودية» وهو ما سيؤدي إلى إلغاء حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين. وطالب المجلس المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل للالتزام بكل بنود اتفاقية المعابر الموقعة مع الجانب الفلسطيني في نوفمبر 2005 لضمان حرية الأفراد والبضائع في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة بينها وبين محيطها العربي وإعادة فتح مطار غزة وبناء الميناء.