غزة تتدهور إلى أسوأ حال منذ احتلال 1967

8 منظمات لحقوق الإنسان في بريطانيا تحمل إسرائيل المسؤولية الأساسية ولا تعفي حماس

TT

أعلنت ثماني منظمات بريطانية مرموقة، في تقرير صارخ أمس، ان الأوضاع في قطاع غزة تدهورت في السنوات الأخيرة الى أسوأ وأخطر حال شهدته منذ الاحتلال الاسرائيلي للقطاع في عام 1967. وقالت ان هناك خطرا في انهيار شامل للخدمات الصحية والتعليمية والغذائية، إذا لم يتم التحرك العاجل لإنقاذ الوضع. وقد حملت المنظمات البريطانية مسؤولية هذا التدهور الى اسرائيل بوصفها الدولة المحتلة، لكنها لم تعف حركة «حماس» من المسؤولية. ودعت الحكومة البريطانية ودول الاتحاد الأوروبي الى العمل سريعا في عدة اتجاهات لإنقاذ الوضع، بالعمل على وقف كل أشكال العنف من الطرف الاسرائيلي أو الفلسطيني أولا، وبالضغط على اسرائيل لوقف الحصار ثانيا، والكف عن السياسة الأوروبية الفاشلة بمقاطعة (حماس) ثالثا، والعمل على تسوية الخلافات بين «حماس» و«فتح» رابعا.

وردا على هذه المناشدة، ومطالبة التقرير الحكومة البريطانية بـ«الحديث مع جميع الاحزاب السياسية والتخلي عن السياسة الفاشلة بعدم التواصل»، قال الناطق باسم الخارجية البريطانية باري مارستون لـ«الشرق الأوسط» امس: «مازالت حماس ترفض مبادئ الرباعية وترفض حل الدولتين»، أي الاعتراف باسرائيل. وأضاف: «حتى تغير حماس سياساتها لا يمكن لنا ان نرى كيف يمكن لها ان تكون جزءا من حل المشكلة». وحرص مارستون على تأكيد اهمية التقرير الصادر امس، قائلاً: «المعلومات الواردة في التقرير تتماشى مع تقديراتنا هناك»، مضيفاً: «اننا نعترف بالكثير من الذي ورد في التقرير حول الوضع الانساني الصعب هناك». وتابع: «نحن نطالب اسرائيل بالسماح بدخول المزيد من المساعدات والمواد الى غزة وتسهيل العبور عند المعابر». ورداً على سؤال حول رفض اسرائيل للرد على هذه المطالب، قال مارستون: «نحن نقوم بما نقدر عليه، ونطالب بوقف العنف والعودة الى طاولة المفاوضات». واضاف: «ما نحتاجه هو خطوات لبناء الثقة ولكن مع الاسف الذي رأيناه في الايام الماضية لا يساعد ذلك». ويتألف التقرير من 16 صفحة مليئة بالإحصاءات والمعطيات التي تدل على مدى التدهور، ووقعت عليه ثماني منظمات لحقوق الانسان، بينها منظمة «أمنستي» الدولية ومنظمة الاغاثة الدولية. وجاء في مقدمة هذا التقرير ان هناك تدهورا شاملا في القطاع، لم يعد يحتمل، وجاء في التفاصيل:

الوضع الاقتصادي: أكثر من 1.1 مليون مواطن، (من مجموع 1.4 مليون)، أي حوالى 80%، يعيشون بفضل حصولهم على اغاثة غذائية من المنظمات الدولية (فقط قبل سنتين كانت نسبة المعتمدين على الاغاثة 63%)، فقط في سنة 2005 كان في قطاع غزة 3900 مصنع، عمل فيها 35 ألف عامل، أعلنت معظمها (95%) الافلاس، ولم يبق منها سوى 195 مصنعا تشغل 1750 عاملا. وبشكل عام، انضم الى سوق البطالة 75 ألف عامل جديد في السنة الأخيرة وحدها، وأصبحت نسبة البطالة 40%، وهناك خطر جدي في أن ترتفع هذه السنة الى 50%. أسعار المواد الغذائية بارتفاع مستمر، وعلى سبيل المثال فإن أسعار الدقيق ارتفعت في الشهور الثلاثة الأخيرة بنسبة 34% والحليب 30% والأرز 20%. وإذا كانت العائلة الغزاوية تصرف 37% من دخلها على المواد الغذائية في عام 2004، فإنها تصرف اليوم 62% من دخلها على هذه المواد. وفي الفترة ما بين شهر يونيو (حزيران) وشهر سبتمبر (أيلول) 2007، زادت نسبة الأفراد الذين يقبضون 1.2 دولار في اليوم من 55% الى 70% من العاملين في قطاع غزة. البنى التحتية: شبكة المياه وشبكة المجاري على شفا الانهيار. وجميع المواطنين والمؤسسات تعاني من نقص شديد في الكهرباء والوقود. في كل يوم يتم سكب 40 – 50 لتر مياه عادمة الى البحر، مع كل ما يحمله ذلك من أخطار بيئية وصحية على المنطقة وسكانها.

الوضع الغذائي: قبل التدهور الذي أعقب الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة، كانت تدخل من اسرائيل بالمعدل 250 شاحنة محملة بالمواد الغذائية. وبعد الحصار، هبط المعدل الى 45 شاحنة في أحسن الأحوال، وأدى ذلك الى نقص شديد في المواد الغذائية. الوضع الصحي: المستشفيات تعاني من انقطاع التيار الكهربائي مدة 12 ساعة في اليوم. 18.5% من المرضى في قطاع غزة يضطرون الى تلقي العلاج في الخارج، ربعهم (25% منهم)، لم يستطيعوا تلقي العلاج بسبب سياسة الاغلاق. وقد مات عشرون منهم نتيجة لنقص العلاج، وخمسة من الموتى أطفال.

وقد صرحت مديرة منظمة أمنستي، كيث ألن، بأن اسرائيل تتحمل المسؤولية أولا عن هذا الوضع، وفيما بعد يمكن توجيه الاتهام لمن يطلق الصواريخ أو يسمح بإطلاقها. فهي الدولة التي احتلت قطاع غزة في عام 1967، وهي تتحمل مسؤولية تزويد المنطقة بالمواد الغذائية والمياه النقية والكهرباء والخدمات الطبية. وأضافت: من حق اسرائيل ومن واجبها ان تحمي سكانها من العنف، ولكن لا يوجد لها أي مبرر لأن تمارس العقوبات الجماعية ضد السكان. وقال مدير منظمة الاغاثة، جونيدنيس، ان العنف المتصاعد في الأسابيع الأخيرة من جراء اطلاق الصواريخ الفلسطينية والعمليات العسكرية الاسرائيلية، جعل الحياة لا تطاق في قطاع غزة. وردت اسرائيل على هذا التقرير ببيان مفصل عممته وزارة الخارجية، قالت فيه انها تحترم النشاطات التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية الكثيرة التي تعمل في أراضي السلطة الفلسطينية وقطاع غزة، وأنها تجري حوارات دائمة مع هذه المنظمات. ولكن.. «لسوء الحظ، وليس للمرة الأولى، فشلت هذه المنظمات في مواجهة الواقع وتسلسل الوقائع. فمن المعروف انه لو توقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة، والتي تهدد حياة مئات ألوف السكان المدنيين في اسرائيل، لكانت الحياة في المنطقة سائرة في مجراها الطبيعي. وإن كان لهذه المنظمات أن توجه النقد لأحد، فهو لحركة (حماس) الارهابية التي تسيطر على قطاع غزة وليس الى اسرائيل التي انسحبت من القطاع».

وأضاف البيان الاسرائيلي ان حماس سيطرت على قطاع غزة بشكل غير قانوني وهي تستغل الأطر الانسانية المتاحة لأغراض ارهابية، مثل المعابر، ومع ذلك فإن اسرائيل تواصل التزامها بالمساعي الانسانية. ومن بداية السنة صادقت على دخول 84 شاحنة محملة بالأدوية. وخلال سنة 2007 سمحت بدخول 14 ألف فلسطيني من القطاع الى اسرائيل لتلقي العلاج الطبي، وهذا العدد يشكل ما نسبته 90% من الطلبات المقدمة اليها. وادعى البيان الاسرائيلي ان أحد أسباب تقليص نقل الوقود، هو ان النقل يتم تحت تهديد النيران من صواريخ حماس.

واختتم البيان الاسرائيلي قائلا: «ليست هناك دولة أخرى في العالم تتعرض معابرها الحدودية لإطلاق النار، وتقوم في الوقت نفسه بنقل الأدوية والمواد الغذائية والمعدات الطبية والبضائع المختلفة لصالح السكان، ونحن ننصح الجميع ألا يقعوا في ألاعيب (حماس)، وأن يجيبوا على السؤال الأكبر: لماذا لا توقف حماس اطلاق الصواريخ».