«الناتو» يتجاوز مشكلة كندية في عملياته بقندهار ويواجه عقبة يونانية في توسعه

رايس تطالب بالمزيد من القوات في أفغانستان وعجز وزاري عن حل مسألة تغيير اسم مقدونيا

وزيرة الخارجية الأميركية رايس تبتسم بينما يبحث نظراؤها عن موقع وقوفهم لالتقاط صورة تذكارية لاجتماع وزراء الخارجية في مقر «الناتو» امس (إ ب أ)
TT

طالبت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الدول الاعضاء في حلف الشمال الاطلسي (الناتو)، امس بارسال المزيد من القوات الى افغانستان، في وقت ابدت باريس استعداداً لتلبية هذه الدعوة. وجاء ذلك عقب اجراء وزراء خارجية حلف الشمال الأطلسي أمس مباحثات تركزت على الإعداد لقمة الحلف المقررة بين 2 و4 أبريل (نيسان) المقبل في بوخارست. وتطرقت المباحثات خصوصا إلى عمليات الحلف في أفغانستان والبلقان، إضافة إلى مناقشة التوسع المرتقب للحلف. وكان من أبرز ما خلصت إليه الاجتماعات، التأكيد على أن الحلف تجاوز مشكلة التهديد الكندي بالانسحاب من أفغانستان ما لم ترسل دول أخرى قوات إضافية، وترحيل مسألة البت في ضم مقدونيا إلى الحلف باسمها الحالي إلى القمة.

وبدا أن الدول الأعضاء تجاوزت الصعوبات التي واجهتها في الملف الأفغاني خلال المرحلة الماضية عندما هددت كندا بسحب قواتها من مدينة قندهار الأفغانية الجنوبية عند انتهاء عهدتها الدولية الحالية، ما لم ترسل دول أخرى قوات تصل إلى 1000 جندي إلى تلك المنطقة التي تشهد نشاطا مكثقاً لمقاتلي طالبان. وقالت رايس امس: «الكنديون كانوا واضحين في التعبير عن رغبتهم في شريك في الجنوب وعلى الحلف تلبية ذلك لأن هذه مهمة للناتو». وقالت مصادر في الحلف إن بعض الدول مثل الولايات المتحدة بدأ فعلاً إرسال قوات إضافية، وهناك إشارات الى أن دولاً أخرى سترسل قوات إضافية الى المنطقة الساخنة، مما ساعد في حل المشكلة. ورفضت المصادر الإفصاح عن الدول التي سترسل قوات، مفضلة الانتظار حتى تعلن الدول المعنية نفسها عن الخطوة. وقد تكون فرنسا في مقدمة الدول التي سترسل قوات إضافية الى البلاد، على الرغم من الغموض حول موقع تمركزها. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان «القرار بين الشرق والجنوب لم يتخذ»، مضيفاً ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيتخذ القرار بالتشاور مع الجيش.

وأشارت مصادر في الناتو إلى أن قوات التحالف أرسلت قوات إضافية عديدها 7500 جندي منذ القمة السابقة للحلف في ريغا حتى الآن، متوقعة أن يرتفع العدد إلى 10 آلاف جندي بحلول الشهر المقبل. وينتشر حالياً أكثر من 40 ألف جندي من الحلف في أفغانستان بموجب عهدة أقرتها الأمم المتحدة وتتجدد باستمرار.

وأعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند لصحافيين أمس عن توقعه بوقوف كل الحلفاء إلى جانب كندا، التي تتمركز في قندهار (المعقل الرئيسي لطالبان) وتريد من الدول الأخرى المشاركة بقوات إَضافية في تلك المنطقة. وشدد ميليباند على أن اجتماع أمس هدف إلى تأكيد التزام طويل الأمد في أفغانستان. وأوضح أن الأطلسي يريد تعميق التزامه العسكري في أفغانستان ليشمل الجانبين السياسي والاقتصادي أيضاً. وتطرق إلى ما أنجزته قوات التحالف في مساعدة بناء المؤسسات الأمنية الأفغانية، فقال إن عديد الجيش الأفغاني وصل إلى 50 ألف عنصر العام الماضي، وربما يرتفع العدد إلى 70 ألفاً العام الحالي. وشدد ميليباند أيضاً على ضرورة دفع الجانب البريطاني في الاجتماع تجاه إقامة «علاقات جيدة مع الحكومة الجديدة في باكستان وضمان تحقيق الأمن على الجانبين الباكستاني والأفغاني». وهون ميليباند من رفض حكومة كابل في الآونة الأخيرة اعتماد الدبلوماسي البريطاني بادي آشدان مبعوثاً دولياً إلى أفغانستان، وقال إن العلاقات بين بريطانيا وأفغانستان قوية جدا، والبلدان «شريكان معاً».

ومن جهة اخرى، ناقش وزراء الخارجية موضوع ارسال مندوب دولي الى افغانستان، ليظهر الدبلوماسي النرويجي كاي ايد ابرز المرشحين لهذا المنصب. وقال كوشنير امس ان «هناك احتمالا جيدا جداً»، بأن يحصل أيد على هذا المنصب، بعدما كان ممثل النرويج الدائم لدى مقر الحلف في بروكسل. وفي الملف البلقاني، ناقش الوزراء أمس الوضع في كوسوفو، خصوصاً على الحدود الغربية للدولة الجديدة، حيث يتزايد التوتر مع صربيا. وأكد ياب دي هوب شيفر الامين العام للناتو، أن الوزراء ناقشوا الملف وسجلوا عدم حدوث أعمال عنف كبيرة أو موجة هجرة جديدة إثر اعلان الاقليم استقلاله في الآونة الأخيرة. وشدد شيفر على الدور المهم لصربيا في المنطقة وحاجة الحلف لإقامة علاقات جيدة مع هذا البلد.

ولم تظهر بوادر انقسام إزاء ملف كوسوفو، إذ قال وزير الخارجية البريطاني إن قوات الحلف تقوم بدور جيد في كوسوفو، كما أشار جون اسلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ إلى أن الحلف لا يواجه مشاكل داخلية بخصوص الوضع في البلقان. ولكن اسلبورن تطرق إلى مشكلة أخرى في المنطقة تتعلق بملف التوسع. ويتعلق الأمر بتحفظ اليونان على ضم مقدونيا، أو حضورها قمة بوخارست، قبل تغيير اسم هذه الأخيرة. وكان ياب دي هوب شيفر قد زار خلال الأيام القليلة الماضية اليونان في إطار التحضير للقمة المقبلة، وربما بحث هذه الجزئية مع المسؤولين اليونانيين.

وترفض اليونان استخدام البلد المجاور لها اسم مقدونيا لأسباب تاريخية، خصوصا بسبب وجود إقليم يوناني يحمل نفس الاسم. وكانت اليونان قد وافقت على مقترح قدمته الأمم المتحدة يتضمن استخدام اسمين، واحد تتعامل به البلاد داخلياً وآخر يكون دولياً يستخدم في إصدار جوازات السفر وتوقيع المعاهدات، لكن سكوبيه ترفض ذلك.

وأكد الأمين العام للناتو أن الوزراء لم يتوصلوا خلال اجتماعهم أمس الى حل مشكلة تغيير اسم مقدونيا، وعبر عن أمله في التوصل إلى حل للمشكلة قبل قمة بوخارست. وشدد شيفر على أن «أبواب الحلف مفتوحة وستبقى مفتوحة»، أمام الدول الراغبة في الانضمام. لكنه شدد على رفضه لأي فيتو يستخدم من دولة عضو ضد دولة ترغب في الانضمام. وقال إن البت في مسألة الانضمام يتطلب الاجماع، واذا عجز الحلفاء عن حل الخلاف اليوناني المقدوني «فهذا يعني ان لدى الحلف مشكلة». ومهد وزراء خارجية الأطلسي أمس للقمة المرتقبة الشهر المقبل حتى تبت نهائياً في انضمام مقدونيا وألبانيا وكرواتيا في الموجة المقبلة من التوسع. وشددت مصادر بريطانية في الحلف أن لندن تعتبر أن الدول الثلاث أجرت إصلاحات كافية تؤهلها للانضمام، ولكن دولا اخرى مازالت تعارض ذلك.

وتطرق الوزراء إلى بحث التوسع إلى جورجيا وأوكرانيا إذ كان هذان البلدان قد أبديا رغبة في الانضمام. لكن مصادر تحدثت عن غموض في وجود رغبة حقيقية في الانضمام، خصوصاً من قبل أوكرانيا. ويعتقد أن قمة بوخارست ستحسم الموقف بشأن مستقبل الطلبين المقدمين. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ إن عملية توسع مرتقبة يجب ان تأخذ مبدأ التوازن في الحسبان. وأشار إلى انتخاب رئيس جديد في روسيا خلال الأيام الماضية، فقال إن الاتحاد الأوروبي يريد إعادة إطلاق علاقاته مع روسيا.