منفذ عملية القدس لديه هوية إسرائيلية ويعمل سائقا على سيارة نقل

المدرسة التي خرّجت قادة المستوطنين المتطرفين

منفذ العملية علاء أبو دهيم (أ.ب)
TT

مع التقدم في التحقيق حول عملية التفجير في القدس، الليلة قبل الماضية، يتضح أن منفذها، الشاب علاء هاشم أبو دهيم، 26 عاما، أجرى دراسة ميدانية معمقة حول المدرسة الدينية «مركز الرباي» لمدة عشرة أيام على الأقل، حتى استقر على تنفيذها في هذا المكان بالذات.

فهو وبحكم ولادته وسكناه في حي جبل المكبر، جنوب القدس الشرقية، ويعتبر من المناطق التي ضمتها اسرائيل الى تخومها بموجب قانون خاص في سنة 1967، يحمل بطاقة الهوية الاسرائيلية الزرقاء، التي تمكنه من التجول بحرية مطلقة في جميع أنحاء اسرائيل. وقد كان يعمل سائقا على سيارة نقل، مما أتاح له التعرف على القدس الغربية بكل أحيائها، بما في ذلك حي «قريات موشيه»، في المدخل الغربي للمدينة.

وقالت مصادر إن ابو دهيم هو ناشط سابق في حركة حماس، افرجت عنه السلطات الاسرائيلية قبل عدة اسابيع حيث قضى في السجن اربعة اشهر. وأشارت المصادر أن ابو ادهيم سبق له أن عمل سائقاً في المدرسة الدينية، وتجمع العشرات من سكان جبل المكبر امام منزل ابو دهيم الذي افرج عن والده بعد توقيفه ليلا.

وتم تعليق علم فلسطيني وراية حركة حماس الخضراء وراية اخرى صفراء لحزب الله اللبناني على واجهة المنزل. كما تم نصب خيمة امام منزل العائلة لتلقي التعازي.

والمدرسة الدينية التي نفذ فيها عمليته تعتبر من أكبر المدارس الداخلية لحركة المتدينين الصهيونيين، علما بأن غالبية الحركات الدينية الاسرائيلية لا تعتبر نفسها صهيونية. وهي أقدم الحركات الاستيطانية الدينية في اسرائيل كانت ذات مرة معتدلة دينيا وسياسيا، لكنها منذ احتلال 1967 أصبحت حركة متطرفة سياسيا وأنجبت طلائع المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذين اقاموا مستوطناتهم الأولى رغم أنف الحكومة، وفرضوا الاستيطان فرضا عليها.

والمدرسة نفسها تأسست في سنة 1924، بقيادة الرئيس الروحي للحركة الدينية الصهيونية، الرباي ابرهام يتسحاق كوك، الذي يعتبر من أهم الشخصيات الدينية اليهودية في اسرائيل والعالم. وقد خرجت المدرسة عشرات ألوف الطلاب، قسم منهم عرفوا فيما بعد بنشاطاتهم السياسة المتطرفة، مثل: دافيد رزئيل، القائد الأول لتنظيم «ايتسل» وهو الجناح العسكري للحركة الصهيونية اليمينية المتطرفة التي أنجبت فيما بعد حزب «حيروت» ـ النواة الأولى لحزب الليكود اليميني المعارض، والصحافي عزرئيل كارليباخ، مؤسس صحيفة «معاريف» اليمينية، والرباي حايم دروكمان، الرئيس الروحي لحركة المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، وحنان بورات، أحد مؤسسي حركة «غوش ايمونيم» الاستيطانية، والذي أصبح نائبا في البرلمان لاحقا، والرباي موشيه لفنجر، قائد أول استيطان في مدينة الخليل في مطلع السبعينات، وغيرهم.

وكان منفذ العملية قد دخل اليها وحيدا، يخبئ بندقيته الرشاشة في صندوق. وحسب شقيقته ايمان، فإنه لم ينم عدة ليال بسبب الاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غزة. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية المستقلة «معا»، لم يكن عضوا في أي تنظيم فلسطيني مسلح في السنوات الأخيرة، بل انه خطط للزواج في الصيف القريب، ولكن «كتائب أحرار الجليل ـ مجموعة عماد مغنية» المقربة من حزب الله تمكنت من تجنيده ثم تفعيله في أعقاب اغتيال مغنية، وهي منظمة عرفت في سنة 2003 لأول مرة، كتنظيم تابع لحزب الله يعمل في منطقة الجليل شمالي اسرائيل.

وقد بدا بوضوح ان الشاب يعرف الى أين يدخل في المدرسة الدينية، ففي المدخل قتل أول تلميذين التقاهما، ثم انتقل الى قاعة المكتبة، حيث كان ثمانون تلميذا يستعدون لمأدبة عشاء احتفالية، فأطلق عليهم النار من دون توقف وراح يقتل كل من سقط أرضا وهو جريح، ثم انتقل الى ساحة داخلية وواصل الاطلاق، ثم حاول الهرب. لكن ضابطا في سلاح المظليين من سكان الحي، قدم للصلاة، وعندما سمع اطلاق الرصاص تقدم باتجاه الصوت بحذر وأطلق الرصاص من مسدسه الشخصي بشكل مباشر فأسقطه أرضا، وعندها حضر تلميذان آخران مسلحان وأكملا الاطلاق حتى لفظ أنفاسه.

وكان أول ما فعلته الشرطة الاسرائيلية عندما أيقنت ان منفذ العملية هو علاء أبو دهيم أنها داهمت بيته وهدمته. وحسب شهود عيان فإن البيت ليس ملكا لهذا الشاب. وعلى أثر رفع أعلام حماس فوق البيت، طالب النائب زبولون أورليف بسحب بطاقة الهوية الاسرائيلية من جميع أفراد عائلته.