فرنسا: لا تراجع ولا مساومة حول المحكمة الدولية وسننظر في مبادرة أوروبية في يوليو

كوشنير يتخوف من انعكاس ازدياد التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين على الملف اللبناني

TT

التزمت باريس، على لسان وزير خارجيتها برنار كوشنير، موقفا متشددا من موضوع المحكمة الدولية، معتبرة أن لا مساومة حولها وأن قيامها لا رجوع عنه وأنها لم تعد مرتبطة ببلد أو طرف بل هي شأن دولي. ودعا الوزير الفرنسي اللبنانيين للتحلي بـ«الحس الوطني» وأن يغلبوا «الوحدة الوطنية». واستبعد كوشنير أن تقوم مبادرة أوروبية جديدة قبل الأول من يوليو (تموز) أي مع بدء الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي.

وجاءت تصريحات كوشنير في إطار مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر وزارة الخارجية تناول فيه مواضيع عديدة، أربعة منها متصلة بالعالم العربي والشرق الأوسط: لبنان، الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الاتحاد المتوسطي، تشاد والسودان.

وفي الموضوع اللبناني أبدى الوزير الفرنسي تخوفه من انعكاس ازدياد التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين على الملف اللبناني، ورأى كوشنير أنه «من الملح للغاية وأكثر من أي وقت مضى معاودة الجهود من أجل انتخاب رئيس للجمهورية». ولكن مقاربة الوزير الفرنسي تنحي بجزء كبير من اللائمة على الجانب اللبناني مع اعترافه بأن «اللبنانيين ليسوا وحدهم» مسؤولين عن الفشل. ولم يغفل كوشنير استنهاض المجتمع المدني اللبناني «الذي إن تحرك فسيساعدنا في البحث عن حل».

ولا يبدو من كلام كوشنير أن ثمة أفكارا محددة لدى الجانب الفرنسي فيما يظهر أكثر فأكثر أن المبادرة العربية وصلت إلى حائط مسدود. فمن جهة أمل الوزير الفرنسي «أن تكون هناك مجددا مبادرة فرنسية» من غير تحديد سقف زمني فيما استبعد قيام مبادرة أوروبية «قبل الأول من يوليو (تموز) المقبل» أي بعد تسلم باريس رئاسة الاتحاد الأوروبي. وترفض باريس الخوض في تفاصيل مبادرة جديدة قبل معرفة مصير المبادرة العربية خصوصا أنها كانت تعول على القمة العربية لإحداث اختراق ما. ولم يتردد الوزير الفرنسي في انتقاد الدبلوماسية الأوروبية إزاء الملف اللبناني وخصوصا في تعاطي الأوروبيين مع دمشق «حيث ذهب كل طرف أوروبي الى بيروت أو دمشق للتفاوض من جانبه» من غير تنسيق مع الآخرين. وسعت فرنسا أخيرا لحصر التفاوض بالممثل الأعلى للسياسة الخارجية خافيير سولانا الذي قام بجولة إلى عواصم الشرق الأوسط بينها بيروت.

وسئل الوزير الفرنسي عن المساعي التي تقوم بها أطراف عربية «صديقة» لفرنسا حول المحكمة الدولية ولتوفير الحصانة لعائلة الرئيس السوري إزاءها مقابل تساهل من قبل دمشق في ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان وفي موضوع حماس، وأبدى كوشنير موقفا متشددا بقوله: «لا أعرف من يسعى لمن وبأية حال، ليست فرنسا هي التي تسعى». وأضاف الوزير الفرنسي أن «مسار المحكمة لا رجوع عنه» وأن فرنسا «سعت لإنشائها وساهمت في تمويلها» حتى تقوم بعملها وهي بأية حال لم تعد مرتبطة ببلد بل أصبحت بيد الأمم المتحدة والعدالة الدولية. وكانت معلومات قد تحدثت عن مساع عربية من دولتين على علاقة بالملف اللبناني لتسويق «تسوية» قديمة ـ جديدة توفر «تساهلا» مع سورية في إتاحة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية من جهة، و«ليونة» من حماس في غزة مقابل «ضمانات» بأن لا تتخطى المحكمة ذات الطابع الدولي سقفا معينا في تحميل المسؤوليات لسورية بخصوص اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وفي الموضوع الفلسطيني، جدد كوشنير إدانته للعملية الفلسطينية في القدس الغربية ولإطلاق صواريخ على المناطق الإسرائيلية القريبة منها. لكنه انتقد أيضا الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة والدمار الذي ألحقه والقتلى الذين أوقعهم. وحث كوشنير على الاستمرار في المفاوضات «لأن لا بديل عن إيجاد دولة فلسطينية» تكون «ضمانة لأمن» إسرائيل. وأبدى الوزير الفرنسي أسفه لبطء حصول تقدم ملموس وفي المفاوضات التي في أية حال «لا تترافق مع تهدئة ميدانية». وجدد الوزير الفرنسي استعداد باريس للمساهمة في إرسال قوة فصل أو مراقبين بين إسرائيل والفلسطينيين من غير توفير مزيد من التفاصيل.

وتستقبل باريس ابتداء من الإثنين المقبل رئيس دولة إسرائيل شيمعون بيريس. وقال الناطق باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون إن الرئيس ساركوزي «حرص» على أن يكون بيريس أول زعيم أجنبي يقوم بأول زيارة دولة لفرنسا. وسيشارك ساركوزي وبيريس، يوم الثلاثاء المقبل، في فتح معرض الكتاب الدولي في باريس حيث إسرائيل ضيف الشرف. وبسبب ذلك، أعلنت العديد من دور النشر العربية مقاطعتها للمعرض.