مقتدى الصدر يقرر «الانعزال» والتفرغ للدراسة.. ويشكو: لم أفلح في تحرير العراق

عزا قراره إلى «انحراف» الآخرين.. ومتحدث باسمه قال إنه يعيد هيكلة مكتبه

TT

أصدر رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، الذي لم يظهر علنا منذ أشهر، بيانا غير معتاد أمس، فسر فيه غيابه لانصاره وأقر بوجود انقسامات في حركته. وقال في البيان: انه «قرر الانعزال احتجاجا على بقاء المحتل وعدم انصياع الكثير وانحرافهم عن جادة الصواب»، مقررا التفرغ لـ«الدراسة والتعلم»، وفقا لوصية والده الامام محمد صادق الصدر. فيما قال متحدث باسمه، ان الصدر يفكر بشكل جاد باعادة هيكلية «مكتب الشهيد الصدر» التابع له. وقال الصدر في البيان، الذي جاء في صفحتين، وحمل ختمه الخاص، «فوالله اني اعيش بكل جوارحي فيكم وبينكم، واني لكم ومنكم ولن أحيد عن هذا الا اذا فارق بيني وبينكم الموت».

وصدر البيان بعد أسبوعين من قرار الصدر تمديد وقف اطلاق النار من جانب ميليشيا جيش المهدي الموالية له ستة أشهر أخرى. وكان قد دعا الميليشيا أول مرة لوقف أنشطتها في أغسطس (آب)، حتى يتسنى له اعادة تنظيمها في اعقاب اعمال عنف اندلعت بين عناصر الميليشيا والقوات الامنية في مدينة كربلاء، اثناء تأدية زوار شيعة لمراسم «الزيارة الشعبانية» ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا. وألقى الجيش الاميركي والعرب السنة على الميليشيا مسؤولية تأجيج العنف الطائفي. ورغم اقرارهم بالولاء للصدر فقد اثار بعض أفراد جيش المهدي تساؤلات علنا بشأن قراره تجديد الهدنة خوفا من أن تستغل القوات الاميركية ذلك لاعتقال المزيد من أنصار الصدر.

ولم يشاهد الصدر، الذي يتمتع بتأييد كبير بين الشبان والفقراء الشيعة، وله واحد من أكبر التكتلات في البرلمان، علنا منذ أن حضر احتفالا دينيا في مدينة الكوفة في 25 مايو (أيار) 2007. ولم يذكر الصدر متى يحتمل أن يظهر من جديد، حسبما اوردته وكالة رويترز.

وفي ديسمبر (كانون الاول) قال صلاح العبيدي، وهو مساعد بارز للصدر، ان رجل الدين الشاب منهمك في دراسات اسلامية متقدمة في مسعى للحصول على اعتماد يتيح له اصدار فتاوى.

وأقر الصدر في البيان الذي صدر أمس، بأن أنصاره يتساءلون عن مكانه وأن غيابه ربما كان سببا في اكتئابهم. وقال الصدر، الذي يعتقد الجيش الاميركي أنه في ايران، انه اختار أن ينعزل للتركيز على دراسته، وفقا لوصية والده الامام محمد صادق الصدر، وانه اضطر لأن ينأى بنفسه عن المجموعات التي انشقت عن حركته وأصبحت لها برامجها السياسية الخاصة. وقال ان «بقاء المحتل او قل عدم تحرير العراق من جهة وعدم انصياع الكثير وانحرافهم عن جادة الصواب دفعني للانعزال عنهم احتجاجا على ذلك واعتراضا عليه، وافراغا لذمتي أمام الله فانا لا اتحمل ذنوبا فوق ذنوبي». واضاف ان «تحرير العراق وجعل مجتمعه مجتمعا اسلاميا مؤمنا مخلصا، ولعلي للان لم افلح بكلا الامرين قصورا مني او تقصيرا، الله اعلم، او قد يكون قصورا وتقصيرا من المجتمع او كليهما». وأضاف «ان تفرق الكثير من المقربين عني لاسباب دنيوية ونزعة استقلالية تسلطية كانت احد الاسباب الثانوية في انقطاعي، فكما يعبرون ان اليد الواحدة لا تصفق».

وسبق أن شكك الجيش الاميركي في مدى النفوذ الذي يتمتع به الصدر على الميليشيا. وفي الآونة الاخيرة أشاد الجيش الاميركي بدعوة الصدر للهدنة، وقال انه يستهدف وحدات الميليشيا المنشقة التي تجاهلت الدعوة. وسعى رجل الدين الشاب الى أن يظهر بمظهر الزعيم القومي والبديل المحتمل للاحزاب الشيعية الاسلامية الموجودة الان في الحكومة. ودعا الحكومة أكثر من مرة لتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق.

من جهته، نفى العبيدي ان الصدر يعني ببيانه «الاعتزال» احتجاجا على الفشل في تحرير العراق. وقال العبيدي لـ«الشرق الاوسط»، ان الصدر قرر «الانعزال عن الناس وليس الاعتزال ليتفرغ لشؤون دينية ودراسية في علوم الدين وعلاقته بالخالق عز وجل». واضاف العبيدي ان «السيد مقتدى قال انه في امس الحاجة لتوثيق علاقته بالله واداء الواجبات الدينية». وحول الفشل في تحرير العراق نقل العبيدي عن الصدر قوله «انا لحد الان لم افلح في تحرير العراق وهذا ما جعلني بحاجة الى مراجعة الاساليب السابقة في هذا المجال»، واضاف العبيدي ان الصدر لم يقل «انا فشلت في تحرير العراق»، واضاف «لقد صورت بعض الوكالات والفضائيات من خلال تحريف كلام السيد مقتدى على انه شخص محبط نفسيا وهذا مغاير للحقيقة تماما». واشار العبيدي الى ان بعض المرتبطين بالمكتب (الشهيد الصدر) ذهبوا الى انشغالاتهم بأمور ذاتية، مما حدا بالسيد مقتدى الى العمل والتفكير الجاد في اعادة هيكلية العمل في المكتب».

وحول مكان وجود الصدر ان كان في مدينة قم او في مدينة النجف قال العبيدي انه غير مخول باعطاء مكان السيد مقتدى حرصا عليه من تحركات الجهات المخابراتية الخارجية او الداخلية، غير انه نفى ان يكون الصدر في مدينة قم الايرانية.