تركيا تستقبل طالباني.. وممثلها في بغداد يؤكد: علاقاتنا ستشهد انطلاقة جديدة

حكومة كردستان: الرئيس العراقي سيسعى لإقناع القادة الأتراك بعدم جدوى الحل العسكري

الرئيس التركي عبد الله غل يساعد طالباني في صعود درجات القصر الرئاسي في أنقرة أمس (رويترز)
TT

وصل الرئيس العراقي جلال طالباني الى انقرة أمس في «زيارة عمل» تستغرق يومين، هدفها اعادة العلاقات الى طبيعتها بين البلدين بعد اسبوع من انتهاء الهجوم التركي على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

وينظر الاتراك الى الزيارة كمناسبة «لطي الصفحة» في العلاقات الثنائية التي تسممها اتهامات القادة الاتراك لاكراد العراق بالتساهل حيال المتمردين الاكراد، ودعم تحركاتهم في مناطقهم. ويزور طالباني تركيا للمرة الاولى كرئيس، وتأتي خطوته هذه في اعقاب انتهاء التوغل التركي الواسع في جبال كردستان العراق، الذي اثار قلق واشنطن. وتزود واشنطن انقرة بمعلومات استخباراتية حول تحركات حزب العمال الكردستاني، لكنها باتت قلقة أكثر فأكثر من عواقب التوغل الاخير اذا طال أمده. وقد أنهت تركيا العملية العسكرية بعد ان طالبها الرئيس الاميركي جورج بوش بذلك، لكنها اعلنت انها تحتفظ بإمكانية معاودة الهجوم اذا ارتأت ان ذلك سيكون ضروريا.

وقال الموفد التركي الخاص الى العراق مراد اوجيليك لمحطة «ان تي في» التلفزيونية، ان «العملية كانت رسالة توضح مدى تصميمنا على منع العمال الكردستاني من اتخاذ شمال العراق ملاذا آمنا». واضاف ان الحكومة العراقية تقر بالتهديد الذي يشكله وجود العمال الكردستاني بالنسبة لتركيا و«هذا يعطينا فرصة للعودة الى الدبلوماسية». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الدبلوماسي التركي قوله، ان «العلاقات بين انقرة وبغداد ستشهد انطلاقة جديدة، فنحن ندخل مرحلة جديدة سنطوي معها صفحة اخرى».

وكان الرئيس التركي عبد الله غل قد وجه دعوة الى نظيره العراقي لزيارة انقرة في 21 فبراير (شباط) بعد ساعات من الهجوم الذي استهدف معسكرات يستخدمها العمال الكردستاني بغية شن هجمات داخل الاراضي التركية. وقد ساهمت المخاوف التركية الناجمة عن طموحات اكراد العراق لاقامة دولة مستقلة في توجيه ضربة الى العلاقات بين البلدين الجارين. وتخشى انقرة في ظل هذا الاحتمال من انتقال عدوى هذه الظاهرة الى اكرادها، الذين يشكلون غالبية في جنوب شرق تركيا. وقد دفعت هذه المخاوف الرئيس التركي السابق احمد نجدت سيزر، الذي انهى فترة رئاسته في اغسطس (آب) الماضي، الى عدم توجيه الدعوة الى طالباني لزيارة انقرة، رغم ازدياد حجم المبادلات التجارية بين البلدين.

وزيارة طالباني هذه المرة ليست «رسمية»، وانما «زيارة عمل»، مما يعني انها ادنى منزلة وفقا للبروتوكول. والتقى الرئيس العراقي نظيره التركي في انقرة بعد ظهر أمس، وكان منتظرا ان يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا في وقت لاحق أمس. واليوم يتناول طالباني الغداء على مائدة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، كما يلتقي صناعيين ورجال اعمال من البلدين، حيث ستتركز المحادثات خصوصا على سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة.

من جهة اخرى، قال جمال عبد الله المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان ان القضية الرئيسية التي سيبحثها طالباني مع حكومة انقرة هي ملف حزب العمال الكردستاني. وقال ان الزيارة سترمي الى اقناع الجانب التركي بعدم جدوى الحل العسكري الاحادي الجانب. واضاف عبد الله، في حوار هاتفي مع «الشرق الاوسط»، ان «طالباني سيحاول اقناع صناع القرار في تركيا، لاسيما في حزب العدالة والتنمية، بانهم سيلقون الدعم والتشجيع من جانب الحكومة العراقية اذا ما استمر الحزب واردوغان بتطوير وتعزيز الديمقراطية في تركيا والاستمرار بتطبيق النهج الحضاري والتركيز على الجانب الاقتصادي والقانوني والدستوري (في التعامل مع ملف الاكراد في تركيا)». واعرب عبد الله عن أمله في ان تسفر الزيارة عن «بدايات طيبة في التعامل السياسي بعيدا عن الخيار العسكري». ورحب عبد الله بالزيارة ودعا حكومة انقرة الى فتح باب الحوار مع اقليم كردستان العراق.

غير انه اضاف قائلا، بان الوفد المرافق لطالباني لا يضم موفدا عن الاقليم كون الزيارة موجهة من انقرة الى حكومة بغداد. وحسب مصدر في الوفد الاعلامي المرافق لطالباني، فان الوفد يضم وزراء المالية باقر جبر الزبيدي والنفط حسين الشهرستاني والموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد والصناعة والمعادن فوزي حريري ووكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي. وحسب المصدر يضم الوفد ايضا رئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني والمستشار الثقافي لرئيس الجمهورية جلال ماشطة والمستشار العسكري الفريق اول ركن وفيق السامرائي، اضافة الى الناطق باسم الحكومة علي الدباغ، فضلا عن عدد من الخبراء والمستشارين.

وتأتي زيارة طالباني الى أنقرة بعد يوم من وصول مبعوث الامين العام للأمم المتحدة للعراق ستيفان دي ميتسورا الى العاصمة التركية ولقائه وكيل وزارة الخارجية التركية ارتوغرال اباكان والمبعوث التركي للعراق مراد اوجلك وسفير تركيا لدى العراق ديار كانبي.