فرنسا تنتخب ممثليها المحليين وعشرات المتحدرين من أصول عربية يخوضون السباق

TT

يتوجه الناخبون الفرنسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع في أول امتحان انتخابي يواجهه الرئيس نيكولا ساركوزي وحكومته اليمينية منذ وصوله الى السلطة في مايو (أيار) الماضي وسط توقعات بتراجع اليمين وتقدم اليسار والاشتراكيين بشكل خاص. وفيما يطمح الاشتراكيون، في هذه الانتخابات البلدية، إلى الاحتفاظ بالمدن الكبرى التي يديرونها مثل العاصمة باريس وليون، المدينة الفرنسية الثانية وثلاث مدن كبرى، وكسب 30 مدينة إضافية، فإن تكتيكه السياسي يكمن في تحويل هذه المبارزة الى استفتاء ضد ساركوزي الذي يعاني تراجع شعبيته بشكل كبير. وفي المقابل، يسعى اليمين التقليدي (الاتحاد من أجل حركة شعبية) للحد من خسائره ومنع اليسار من تحقيق أهدافه وتلافي خسارة مدينتين رئيسيتين هما مرسيليا المتوسطية (ثالث مدن فرنسا) وتولوز الواقعة جنوب فرنسا. ويشدد اليمين على أن الاختبار «محلي» ولا علاقة بالتحديات على مستوى فرنسا ككل.

ووسط كل هذا، تسعى كل الأحزاب، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وراء الأصوات. وثمة فئة تهمها بشكل خاص بسبب حجمها الكبير وهي فئة المتحدرين من أصول مهاجرة وعربية على وجه الخصوص. وبما أن الإحصائيات التي تجرى على أساس عرقي أو ديني ممنوعة في فرنسا، منذ عشرات السنين، فإن أعداد هؤلاء الحقيقية غير معروفة. لكن المتعارف عليه أن عدد الذين يحق لهم الانتخاب يجاورون المليون ونصف المليون.

ومنذ انتخاب ساركوزي وتعيينه رشيدة داتي المغربية ـ الجزائرية الأصل وزيرة للعدل وفاضلة عمارة الجزائرية الأصل وزيرة لشؤون المدينة، وغيرهما من المتحدرين من أصول مهاجرة في مناصب رئيسية، نما الأمل في فرنسا في أن تشرع الأبواب التي كانت مغلقة بوجه جيل جديد صاعد من أصل مهاجر، يريد أن يعيش المواطنة الفرنسية كاملة وأن يترشح على لوائح الأحزاب المختلفة للانتخابات النيابية والبلدية والمحلية. وساركوزي نفسه يمثل الرمز، إذ أنه متحدر من أبوين مهاجرين، إذ أن والده مجري الأصل ووالدته جاءت من اليونان.

غير أن الأرقام تفيد شيئا آخر. فوفق إحصائيات اللجنة الوطنية للتنوع، فإن الحزبين الرئيسيين في فرنسا أي الاتحاد من أجل حركة شعبية والحزب الاشتراكي لم يسميا سوى 7 % فقط من هذه الفئة رؤساء لوائح في المدن الـ 254 التي يزيد عدد سكانها على 30 ألف نسمة. وهكذا، فإن الحزب الاشتراكي سمى 22 رئيس لائحة من أصل مهاجر بينما سمى الحزب اليميني 13 رئيس لائحة أحدهم مستشار ساركوزي من أصل جزائري اسمه رشيد قاسي، وسبق له أن نافس الرئيس الفرنسي العام الماضي على الفوز بترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية. وثمة نسبة ضئيلة من هؤلاء يتوقع لها أن تفوز في الانتخابات البلدية اليوم أو الأحد المقبل. لكن مقابل هذه الأرقام، ثمة مئات من المرشحين من أصول عربية على كل اللوائح أو في إطار لوائح مستقلة. غير أنه محكوم على هؤلاء أن يبقوا في المقاعد الخلفية في حال الفوز بينما السواد الأعظم لا حظ له بتاتا في الفوز. وتقليديا، درج المتحدرون من أصول مهاجرة أن ينتخبوا أحزاب اليسار التي كانت تعدهم بفتح الأبواب الموصدة أمامهم وبتحسين أوضاعهم المعيشية والعمل لتحقيق المساواة بينهم وبين الفرنسيين الأصليين. ويقول جان بول مارتلي، خبير علم الاجتماع السياسي بفرنسا، إن الأحزاب «تتخوف من ردة فعل الناخبين في حال رشحت المتحدرين من أصول مهاجرة على لوائحها بشكل بارز»، كما أنها تعتبر أن ذلك «أقصر طريق للهزيمة» الانتخابية. ويرد الخبير الفرنسي ذلك الى عدم جهوزية المجتمع الفرنسي «الذي يقبل أن يكون طبيبه أو أستاذه الجامعي من المهاجرين، لكنه يرفض أن يكون نائب مدينته أو رئيس بلديته من المهاجرين». ومن الأمثلة على ذلك، الفرنسي من أصل مغربي نور الدين ناشط، الذي يرأس لائحة الاتحاد من أجل حركة شعبية الفرنسي في مدينة كريي (الضاحية الباريسية). وعبر ناشط المعروف في المدينة بالنجاح الذي حققه في مجال الاعمال والرياضة ومبادراته لفائدة شباب الضواحي، عن ثقته بالفوز في مواجهة الاشتراكيين، وذلك بفضل برنامج الحزب «الواقعي».