بوتين يتهم «الناتو» بمحاولة أخذ مكان الأمم المتحدة ويحذر من نزاعات متزايدة

موجها كلامه للغرب: الشراكة لن تكون أسهل مع مدفيديف

TT

اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس حلف شمال الاطلسي (الناتو) بالرغبة في ان «يحل محل الامم المتحدة»، معتبراً خلال مؤتمر صحافي ان سياسة الحلف تزيد من «امكانات حدوث نزاعات». وتأتي هذه التصريحات في وقت يستعد الحلف لاستضافة بوتين في قمة «روسيا ـ الناتو» على هامش قمة «الناتو» في بداية ابريل (نيسان) المقبل، مما قد ينذر بتوتر اللقاء. وقال بوتين رداً على سؤال حول سياسة الحلف الاطلسي اثر لقائه المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في مقر اقامته في نوفو اوغراييفو: «هناك انطباع بوجود محاولات لاقامة منظمة تحل محل الامم المتحدة». واضاف: «ومن غير المرجح ان تقبل الانسانية بمثل هذا السيناريو لمستقبل العلاقات الدولية واعتقد ان امكانات حدوث نزاعات ستزيد» في هذه الحالة.

ومن جهة اخرى، حذر بوتين من ان الشراكة بين روسيا والغرب لن تكون «اسهل» في عهد خلفه ديميتري مدفيديف الذي قال ان ميوله القومية لن تكون اقل منه. ورداً على بعض التقارير التي اشارت الى امكان تحسن العلاقات بين الغرب وروسيا بعد رحيله من الكرملين، قال بوتين: «ديمتري مدفيديف سيكون حرا للتعبير عن ارائه الليبرالية... ولكنه ليس اقل مني من حيث حرصه على القومية الروسية، بالمعنى الجيد للكلمة، ولا اعتقد ان الشراكة ستكون معه اكثر سهولة».

وجاءت تصريحات بوتين في مؤتمر صحافي قبل ان تعقد ميركل اجتماعا منفصلا مع مدفيديف، هو الاول بين اي زعيم غربي والرئيس المنتخب الذي اثار انتخابه في الثاني من مارس (اذار) الجاري جدلاً. ولم ترد ميركل على تلك التصريحات الا عند لقائها مدفيديف، لتقول في تصريحات بثها التلفزيون «لقد ابلغني الرئيس بوتين ان الامور لن تكون اسهل معك مما كانت معه... ولكني ضبطت نفسي ولم اقل انني آمل ان العلاقات لن تصبح على الاقل اكثر تعقيدا». واجاب مدفيديف ضاحكاً انه يتوقع ان يواصل «الصراحة والصداقة... التي تميزت بها علاقتكم مع الرئيس بوتين». وقالت المستشارة الالمانية انه لا بديل عن التعاون بين موسكو ودول الاتحاد الاوروبي التي اختلفت مع بوتين بشأن الديمقراطية في روسيا والمخاوف الامنية. وخلال المحادثات المقتضبة التي جرت بينهما، ناقش ميركل وبوتين مسألة كوسوفو، وصادرات الطاقة الروسية الى اوروبا، وغيرها من المسائل الدولية الهامة التي قالت ميركل انها تبرز ضرورة التعاون. واعتبرت ميركل ان «المانيا وروسيا واوروبا تعتمد على بعضها البعض. وعلينا ان نجد طريقة للتقدم الى الامام معا. هناك الكثير من الامور التي يجب القيام بها»، الا انها اشارت كذلك الى التوترات بين الشرق والغرب والتي ساءت بشكل كبير خلال العام الماضي وسط خلافات حول حقوق الانسان في روسيا ومعارضة موسكو الغاضبة للخطة الاميركية لنشر نظام درع صاروخية في وسط اوروبا. وقالت: «منذ ان توليت السلطة، وجدنا سبيلا للتحدث معا ومناقشة المسائل الحساسة في جو مفتوح وصريح (...) وهذا مصدر متعة دائما وتحد احيانا». ورد بوتين بوصف المانيا بانها «اهم شريك لنا في اوروبا والعالم».

وتزور ميركل روسيا لجس نبض العلاقات السياسية قبل تسليم بوتين السلطة لمدفيديف الذي رسم لنفسه صورة اكثر تحررا من سلفه عميل جهاز الاستخبارات الروسية السابق «كي جي بي» السابق بوتين.

وكانت ميركل قد هنأت مدفيديف قبل ايام على فوزه الساحق واعربت في الوقت نفسه عن قلقه بشأن المخالفات المزعومة التي شابت الانتخابات. وصرح الناطق باسم الحكومة الالمانية اوليخ فيلهلم قبل زيارة ميركل الى روسيا والتي استمرت يوما واحدا: «تود المستشارة تشكيل انطباع حول ما سيكون عليه المشهد السياسي في روسيا»، واضاف «انها تتطلع الى معرفة المزيد عن خطط مدفيديف المعلنة لتعزيز حكم القانون وتحديث الدولة والاقتصاد الروسي». واكد ان «المستشارة بالتـكيد ستثير مسألة الوضع الداخلي بعد الانتخابات اضافة الى الانتخابات نفسها، بعد ان انتقدنا مجموعة من المسائل».

وجاءت تصريحات بوتين بعد ساعات من نشر مقتطفات لمقابلة مجلة «دير شبيغل» الالمانية مع السفير الروسي لدى الناتو ديميتري روغوسين الذي اعتبر محاولة واشنطن ادخال جورجيا واوكرانيا الى الحلف الاطلسي بانه «استفزاز». وقال السفير في المقابلة التي ستنشرها الاسبوعية الالمانية غداً ان محاولة الاميركيين «دفع جورجيا واوكرانيا داخل الحلف تشكل استفزازا يمكن ان يؤدي الى حمام دم». واضاف ان انضمام جورجيا للحلف الاطلسي يعني «نهاية جورجيا كدولة ذات سيادة» لانها ستخسر في هذه الحالة نهائيا مقاطعتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. وحذر السفير الروسي ايضا من عواقب دخول اوكرانيا الحلف الذي سيكون من شأنه على حد قوله تقسيم البلاد التي قال ان قسما كبيرا من سكانها يعارض هذا الانضمام الذي سيؤدي الى زعزعة استقرار اوروبا.

وسيكون على جورجيا واوكرانيا تأكيد ترشحهما للانضمام خلال قمة الحلف الاطلسي في بوخارست، غير ان فرص دعوتهما الى تقديم ترشيح رسمي تبدو ضئيلة.