رئيس هيئة الأركان الأميركية: الحكومة العراقية لم تستفد من المكاسب الأمنية

الأدميرال مولن تجول في سوقين ببغداد والحويجة لتقرير مستقبل القوات الأميركية في العراق

TT

مع بدء الأدميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان بالتهيؤ لإعداد توصية رسمية للرئيس بوش بما يخص مستوى الوحدات الأميركية في العراق مستقبلا، فإنه سيفكر في زيارته لسوقين.

ففي رحلته الأسبوع الماضي مشى الأدميرال في سوق طريق المطار بحي الدورة في جنوب بغداد. وهذه المنطقة التي كانت في قبضة المتمردين أصبحت اليوم نموذجا لنجاح الاستراتيجية الأميركية المستندة إلى مبدأ تطهير المنطقة والاحتفاظ بها ثم إعادة إعمارها، وساد فيها هدوء تحقق بفضل زيادة عدد الوحدات الأميركية والعراقية فيها مع بناء جدران كونكريتية عالية.

شاهد الأدميرال ازدهار التجارة وكانت الأرصفة مملوءة بالمتسوقين بمن فيهم نساء وأطفال. وكان السوق آمنا بما فيه الكفاية، بحيث أصبح ممكنا لضابط عسكري كبير أن يتمشى فيه لأكثر من ساعة مع حماية أمنية متواضعة. لكنه واجه وضعا أمنيا مهزوزا في بلدة الحويجة الواقعة في شمال العراق، بعد يوم واحد من زيارته لمنطقة الدورة، حيث تحتل الهجمات التي يقوم بها المتمردون نسبة تزيد على 60% من كل الهجمات في شتى أنحاء العراق، وهذا ناجم عن دفع المتمردين من بغداد والقرى المحيطة بها مع زيادة الوحدات العسكرية فيها.

وتم تنظيف الحويجة من مقاتلين ينتمون إلى «القاعدة في وادي الرافدين». بالمقابل راح يتزايد عدد الجنود والشرطة هنا، كما هو الحال مع تزايد رتب الحرس السنة وبعضهم كان من المتمردين، لكنهم الآن اصطفوا مع الجهود الاميركية لطرد مقاتلي «القاعدة».

وعلى الرغم من الهدوء السائد هنا، فإن الأدميرال مولن سار بين طوقين من الجنود الأميركيين والعراقيين المسلحين تسليحا جيدا (على الرغم من أن بعض الجنود العراقيين طلب منهم إبقاء فوهات بنادقهم منكسة إلى الأرض وعدم توجيهها صوب رئيس هيئة الأركان).

وفي عدة مقابلات أجراها الأدميرال مولن خلال الأيام الخمسة الأخيرة من رحلته التي انتهت يوم الأربعاء الماضي، ظل رئيس هيئة الأركان يكرر أنه لم يصل بعد إلى صيغة للتوصية التي سيقدمها للرئيس. وقال: «بصراحة، أنا لم أصل بعد إلى تلك النقطة».

ويلتزم الادميرال مولن بإخراج مزيد من القوات الاميركية من العراق قبل نهاية العام. ولكنه يحاول هو وغيره من القادة التوصل الى وسيلة لتنفيذ ذلك من دون التضحية بالتحسينات التي تم التوصل اليها عبر أرواح وجهد القوات الاميركية، بما في ذلك خمسة الوية مقاتلة من المقرر مغادرتها البلاد بحلول شهر يوليو (تموز) المقبل.

وأوضح الادميرال مولن «عراق في فوضى هو مكان في غاية الخطورة بالنسبة لنا». وأكد ان توصياته تعكس «الحاجة الى استمرار تلك الجهود للوصول الى نجاح مع مرور الوقت».

وتجدر الاشارة الى ان الادميرال مولن باعتباره رئيسا لهيئة الاركان المشتركة، مسؤول عن ادارة المخاطر عبر تلك المنطقة وحول العالم، التي تعني تحرير القوات من مهامها في العراق بأسرع وقت ممكن لضمان قدرة المؤسسة العسكرية على مواجهة ازمة اخرى.

وخلال زيارته للقواعد ومراكز التدريب والأحياء عبر العراق، عبر الادميرال مولن عن إحباطه بعدم بذل القيادة العراقية ما يكفي لدعم المكاسب الامنية في الاقاليم. وقال «لقد كشفت الدورة والحويجة ذلك، على الحكومة المركزية ان تكون على اتصال وان تتعامل مع المجتمعات المحلية. لقد ذهبت الى عديد من المحلات. يحتاجون الى شبكة مجاري. ويحتاجون الى مياه شرب، ويحتاجون الى كهرباء». كما أثبتت جولته في السوقين استمرار الجدل حول عدد القوات الكافية للحرب. وقد تم تحديد بغداد باعتبارها مركز الجاذبية الاميركي، مع وجود 5 ألوية من قوات الدعم تركز جهودها هناك. أما المعركة في الشمال، حيث تجري معظم المعارك الآن، ولاسيما في الموصل، فعدد القوات الاميركية هناك أقل بكثير. وهو ما تصفه المؤسسة العسكرية بأنه مهمة «اقتصاد القوة»، فتخفيف عدد القوات الاميركية والاعتماد الضروري على القوات العراقية للمشاركة في المعارك، يغطي على مستقبل البعثة الاميركية عبر البلاد.

وقد استمرت التلميحات بأن التركيز الاميركي سيستمر في مجال الامن في العاصمة بعد رحيل الألوية الاميركية الاضافية في شهر يوليو، وسط «الرغبة في المضي في طريق جديد» اذا ما عرض ذلك للخطر المكاسب التي تم التوصل اليها بزيادة القوات، طبقا لما ذكره الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق.

وقال الجنرال بترايوس في مقابلة صحافية، إنه عندما سيقدم تقريره المنفصل الى الكونغرس والرئيس في شهر ابريل (نيسان)، ستعتمد التوصيات بخصوص مستقبل عدد القوات على عدد من المقاييس مثل عدد الهجمات على مستوى البلاد، وعدد الضحايا من القوات الاميركية والإصابات وخسائر قوات الامن والمدنيين العراقيين وقدرة وحجم الشرطة والجيش العراقيين.

*خدمة «نيويورك تايمز»