5 تظاهرات ثقافية كبرى في الرياض

إعلان أسماء الفائزين بجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة.. وحجب الأعمال المترشحة لفرع العلوم الطبيعية

TT

تسبح العاصمة السعودية، منذ نهاية الأسبوع الماضي، في بحر حراك ثقافي، شكلت أمواجه 5 تظاهرات ثقافية كبرى، تتزامن لأول مرة مع بعضها بعضا، ما دفع وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني أن يقول عن عاصمة بلاده أضحت إحدى العواصم العالمية الكبرى التي تستطيع إدارة هذا الكم من التظاهرات في وقت واحد.

فبعد أن فتح معرض الرياض الدولي للكتاب، أبوابه، برعاية العاهل السعودي الأسبوع المنصرم، جاء المهرجان الوطني للتراث والثقافة في نسخته الـ23، ليبدأ نشاطه بعد يوم واحد فقط، قبل أن تستكمل الرياض عرسها الثقافي منذ يوم أمس، بالإعلان عن أسماء الفائزين في جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة.

وينتظر أن يرعى الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم، تظاهرتين ثقافيتين، سيحتفل في الأولى بمرور 30 عاما على إنشاء جائزة الملك فيصل العالمية، وستكون الثانية منصبة على الاهتمام بمعرض للابتكارات المحلية والعالمية. وقال الوزير مدني: «ان رسالة عاصمة بلاده من خلال تلك التظاهرات الثقافية تعبر عن رؤية خادم الحرمين التي عكسها في كثير من خطاباته ولقاءاته، وهو أن تكون رسالتنا الاستماع للرأي والرأي الآخر»، لافتا إلى ان السعودية من خلال رؤية قيادتها المنفتحة، ستعمل ما بوسعها لتعبر عن دورها كـ«مركز إشعاع ثقافي على مستوى العالم».

وجاءت تصريحات الوزير السعودي، على هامش حفل الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في مجالاتها الخمسة في دورتها الأولى.

من جهة أخرى، أعلن في الرياض أمس، أسماء الفائزين بجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، بعد أن تقرر حجب الأعمال المترشحة للجائزة، عن فرع الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى في هذا العام لعدم ارتقاء الأعمال المقدمة لمستوى الجائزة.

وقررت لجان التحكيم منح الجائزة في فرع الترجمة لجهود المؤسسات والهيئات إلى «مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف»، لتميز أعماله المترجمة كماً ونوعاً، ولترشيحه من عدة جهات حكومية وغير حكومية، لكونه من أبرز المؤسسات التي عنيت بالترجمة، وهو الذي قام بترجمة ونشر معاني القرآن الكريم إلى 50 لغة، «آسيوية، أوروبية وأفريقية».

وجاءت مسوغات اختيار لجان التحكيم، لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، لعقده ندوة علمية متخصصة حول ترجمات معاني القرآن الكريم، وإنشائه مركزاً للترجمات يضم عدداً من الوحدات، تهتم بدراسة المشكلات المرتبطة بترجمات معاني القرآن الكريم، ودراسة الترجمات الحالية، وإعداد دراسات نقدية عنها، وتقديم الاقتراحات بشأن العمل على تبني الترجمات الصحيحة واستبعاد الترجمات غير الدقيقة وقيامه برصد المعلومات عن المترجمين في اللغات المختلفة، واستقطاب المترجمين المتميزين للإسهام في ترجمة معاني القرآن الكريم والتحضير للندوات العلمية في هذا المجال، بالإضافة لقيامه بإعداد قاعدة بيانات شاملة عن موضوع ترجمة معاني القرآن الكريم في شتى الأوعية العلمية وبشتى اللغات خدمة للباحثين. وجاء إعلان نتائج أعمال لجان التحكيم للأعمال المترشحة للجائزة في دورتها الأولى، في حفل أقيم أمس بحضور الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين، عضو مجلس إدارة المكتبة، وحضور وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني.

ومنحت اللجان جائزة الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية مناصفة بين كل من، الدكتور السعودي عبد الله المهيدب أستاذ الهندسة المدنية بجامعة الملك سعود عن ترجمته لكتاب «الهندسة الجيوتكنيكية، «ميكانيكا التربة» لمؤلفه جون سيرنيكا الصادر باللغة الإنجليزية، والذي تبرز أهمية ترجمته في كونه مرجعاً أساسياً لطلاب الهندسة المدنية، حيث يقدم معلومات علمية قيمة وضعها أستاذ متخصص في المجال نفسه، وأضاف إليها جملة من خبراته العلمية والعملية. وقد أسهمت الترجمة في نقل عددٍ من المصطلحات العلمية والتخصصية إلى اللغة العربية في مجال الهندسة المدنية.

ومنح الدكتور المصري أحمد فؤاد علي باشا أستاذ الفيزياء بجامعة القاهرة، الجائزة عن نفس الفرع لترجمته كتاب، «من الذرة إلى الكوارك» لمؤلفه سام تريمان الصادر باللغة الإنجليزية. أما جائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى فقد منحت مناصفة بين كل من الدكتور المغربي عبد السلام شدادي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة محمد الخامس بالرباط عن ترجمته لمقدمة ابن خلدون كتاب العبر إلى اللغة الفرنسية، والذي يعد من أكثر الأعمال الفكرية تداولا في الإنسانيات، فهو يختص بقيمة ثابتة ليس فحسب على مستوى التراث العربي الإسلامي بل كذلك على مستوى الفكر العالمي. وقد تميزت الترجمة في الاستقامة والدقة فهي توافق لغة المؤلف في جودتها وتمثلها في فصاحتها.

وناصفته في الجائزة الدكتورة الإيطالية كلاوديا ماريا تريسو، أستاذ اللغة العربية بجامعة تورين بإيطاليا عن ترجمتها لرحلة ابن بطوطة «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» إلى اللغة الإيطالية التي تعد من المصادر المهمة للدراسات التاريخية المقارنة. وقد منحت جائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية للدكتور المصري صالح سعداوي صالح، الباحث في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي عن ترجمته لكتاب «الأتراك في مصر وتراثهم الثقافي» لمؤلفه أكمل الدين إحسان أوغلي، الصادر باللغة التركية. وبعد أن نقل الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، تحيات والده خادم الحرمين الشريفين للفائزين وحضور الجائزة، شدد على أن الجائزة تأتي تأكيدا لـ«مكانة المملكة العربية السعودية في الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية». موضحا أن الجائزة، تعتبر مساهمة من خادم الحرمين في تشجيع الحركة الثقافية والإبداعية من خلال الكتاب، تأليفا وصناعة ونشرا وترجمة وتوزيعا.

من جانبه، قال فيصل بن معمر، المستشار في الديوان الملكي والمشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة: إن جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة، تأتي اتساقا مع مشروعه الحضاري مشروع الحوار الوطني؛ لتحقيق التطلعات في إِشاعة قيمِ الحوار وثقافته في مجتمعنا، التي تنبع من وسطِية الدين الحنيف، واعتدال أبناء هذَا الُمجتمع.