الحزب الاشتراكي يفوز بأغلبية غير مطلقة في إسبانيا

ثاباتيرو مضطر إلى تشكيل تحالفات ليتمكن من الحكم

خوسيه ثاباتيرو يرفع علامة الفوز (أ.ب)
TT

فاز الحزب الاشتراكي الاسباني للمرة الثانية على التوالي خلال الانتخابات النيابية التي جرت يوم الأحد الماضي، وتمكن من الظفر بـ169 مقعدا في البرلمان الإسباني مقابل 153 مقعدا للحزب الشعبي اليميني المحافظ، وهو ما يمثل زيادة بستة مقاعد مقارنة مع الولاية السابقة، وهي المقاعد التي كسبها على حساب الأحزاب الصغرى التي كانت تتحالف معه.

ومني حزب اليسار الموحد، الحليف التقليدي للاشتراكيين، بهزيمة قاسية بعد حصوله على ثلاثة مقاعد فقط، مما أدى إلى استقالة زعيمه غاسبار سارياس مباشرة بعد الاعلان عن النتائج. وبخصوص الحزب الشعبي، فإنه حقق ارتفاعا مهما في عدد الأصوات بلغ 40.11 في المائة مقابل 37.71 في المائة في الانتخابات الماضية، فالفارق في الأصوات بين الحزبين الرئيسيين في البلاد لم يعد يتجاوز 900 ألف صوت بعدما كان يمثل مليونا و200 ألف صوت خلال انتخابات عام 2004، فيما عرفت نسبة المشاركة تراجعا بنقطتين عن الانتخابات السابقة.

وقالت ماريا تيريزا دي لافيغا، نائبة رئيس الوزراء الاسباني، خلال مؤتمر صحافي عقدته ليلة أول من أمس لإعلان النتائج، إن حزبها يبقى حزبا ميالا إلى التوافق والحوار فيما يخص التحالفات، دون إعطاء أية تفاصيل حول الموضوع. وبرأي المتتبعين، فإن الحزب الاشتراكي لم يعد بحاجة ماسة إلى اجراء تحالفات كثيرة مع الأحزاب الصغرى بحكم أنه استطاع أن يكسب مقاعد جديدة على حسابها، ووصفوا فوز الحزب الاشتراكي بكونه انتصار «مرا» مقابل هزيمة «حلوة» لليمين الذي كسب خمسة مقاعد اضافية وقلص فارق الأصوات مع غريمه.

وأكد لويس روديغيث ثباتيرو، رئيس الوزراء الاسباني المعاد انتخابه، مباشرة بعد إعلان النتائج إنه سيعمل خلال الولاية المقبلة على مضاعفة الجهود لتحقيق نتائج أفضل في بعض الملفات التي اشتغل عليها خلال السنوات الأربع الماضية مثل منح توسيع هامش الحقوق الممنوحة للنساء ودعم الشباب، مشددا على أنه سيعمل أيضا على تصحيح بعض الأخطاء التي وقع فيها خلال الفترة الماضية، في إشارة إلى فشل مسلسل المفاوضات مع منظمة ايتا الباسكية.

وينبغي على خوسيه ثاباتيرو رغم فوزه في الانتخابات التشريعية اول من امس في اسبانيا ان يقيم تحالفات دقيقة ليتمكن من الحكم، على الارجح مع القوميين بسبب عدم حصوله على الغالبية المطلقة. وحسن الحزب الاشتراكي الاسباني نتائجه في ختام العملية الانتخابية حاصدا 169 مقعدا نيابيا اي اكثر بخمسة مقاعد مقارنة بالعام 2004 لكنه لم يحصل على غالبية مطلقة. وفشل الحزب الاشتراكي في تسجيل فارق كبير عن منافسه الرئيسي الحزب الشعبي (يميني) بزعامة ماريانو راخوي الذي زادت كتلته النيابية بخمسة نواب ايضا 153 نائبا بنتيجة انتخابات تميزت بتزايد نظام القطبين الذي يطبع الساحة السياسية الاسبانية.

اما حلفاء الاشتراكيين خلال الولاية البرلمانية الاخيرة اي الخضر والشيوعيون في تحالف «ايثكييردا اونيدا» (اليسار الموحد) والقوميون الكتالونيون اليساريون فمنيوا بخسارة كبيرة وانتقل الاوائل من خمسة مقاعد الى مقعدين والكاتالونيون من ثمانية مقاعدة الى ثلاثة. وكتبت صحيفة «الباييس» من اليسار الوسط «سيتحتم على ثاباتيرو مواصلة الاستناد الى دعائم خارجية ستختلف بالطبع عن دعائمه عام 2004». ولم يدل ثاباتيرو والمسؤولون في الحزب الاشتراكي بأي تصريحات حول طبيعة التحالفات التي ينوون القيام بها خلال الولاية الجديدة. وقد امتنع المسؤول الثاني في الحزب الاشتراكي خوسيه بلانكو ردا على سؤال حول التحالفات الممكنة، عن الرد قائلا «اليوم ينبغي الاحتفال بالفوز». واضاف «رئيس الحكومة سيقرر ما اذا كان يريد الحكم بمفرده» معتمدا على دعم محدد في البرلمان من احزاب اخرى، او في «اطار ائتلاف». وقال ثاباتيرو امس «سأحكم بحزم وانما بيد ممدوة» داعيا الى «حقبة جديدة من دون تشنج» في اشارة الى السنوات الاربع الماضية التي شهدت مواجهة شرسة مع الحزب الشعبي ولا سيما بشأن الحركات القومية الباسكية والكاتالونية. وتتجه الانظار الاثنين الى القوميين الكاتالونيين في ائتلاف «كونفيرخينسيا أي اونيو» (اليمين الوسط) الذين عززوا موقعهم قليلا بحصولهم على 11 مقعدا مقابل عشرة مقاعد في الانتخابات السابقة. فالنتائج التي حققها هذا الائتلاف تسمح له بان يصبح «قوة سياسية مركزية» في اسبانيا على ما اعتبر زعيمه خوسيب انطوني دوران اي ييدا. اما الحزب الشعبي فاعتبرت صحيفة «الباييس» امس انه «مرغم على القيام بتأمل عميق حول نوعية المعارضة التي انتهجها خلال الولاية السابقة». ولخصت صحيفة «اي بي ثي» الوضع بقولها ان «الحزب الشعبي خسر رغم الربح» مشددة على ان الحزب الشعبي تقدم على مستوى الاصوات وعدد النواب مقارنة مع نتائج العام 2004 «لكن ليس بشكل كاف». واعتبرت الصحيفة ان زعيم الحزب الشعبي تمكن في النصف الاول من الولاية السابقة «ضمان ولاء» ناخبيه «من خلال سياسة معارضة قاسية من دون اي مجاملة واحيانا بشكل كريه، لكن ماريانو راخوي عجز عن البناء على هذه القاعدة برنامجا فائزا».