إسرائيل وحماس.. قواعد جديدة للعب: تمارسان التهدئة.. وتنفيان اتفاقا بشأنها

عباس: حماس طلبت حماية قادتها وإسرائيل وافقت مقابل وقف الصواريخ * عبد ربه: نفي حماس للاستهلاك المحلي

أطفال فلسطينيون يلهون بين أنقاض بناية دمرت خلال القصف الإسرائيلي على معسكر رفح للاجئين في جنوب قطاع غزة (أ.ب)
TT

في الوقت الذي يمارس فيه الإسرائيليون والفلسطينيون تهدئة كاملة في قطاع غزة، طيلة الأيام الثلاثة الماضية، نفى المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية وفي حماس، وجود اتفاق بشأن هذه التهدئة. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعناصر سياسية في تل أبيب وواشنطن وأوساطا عسكرية في اسرائيل أكدت وجود تفاهم حول التهدئة، وتحدثوا عن «قواعد جديدة للعب» بين الطرفين. كما اعترف قادة حماس بأن هناك تهدئة بوساطة المصريين. وكشف الرئيس عباس، ان إسرائيل وافقت على وقف استهداف قادة حركة حماس مقابل وقف اطلاق القذائف الصاروخية باتجاه الأراضي الاسرائيلية. وأكد بعد لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في عمان، ان حماس طلبت حماية قادتها، وان الاتفاق بين حماس واسرائيل تم بوساطة مصرية وبالإيعاز من واشنطن للقاهرة لإعطاء محادثات السلام فرصة للنجاح.

وقال عباس «وجهة نظرنا هي وقف الصواريخ، وقد قلنا ذلك لإخواننا المصريين، وتمنينا عليهم أن يتدخلوا، إذ يهمنا أن يرتاح شعبنا في غزة، خاصةً أن ما حصل له خلال الأسابيع الماضية شيء لا يطاق». وأضاف «إننا قلنا إنه لا بد من وقف العمليات بالكامل، وذلك وفق ما يلي. أولاً: أن توقف حماس الصواريخ، وتعرفون رأيي في هذا الشأن منذ زمن، ويجب أن تتوقف هذه الصواريخ، ثانياً: وبالمقابل أن تتوقف إسرائيل عن الهجوم على قطاع غزة والضفة الغربية، ثالثاً: أن يخف الحصار مبدئيا على قطاع غزة بالذات، رابعاً: أن تُفتح المعابر الأخرى، مثل معبر كرم أبو سالم، ومعبر كارني، ومعبر إيريز، جميعها تُفتح، ثم نفكّر ونعمل في ما بعد على فتح معبر رفح حسب اتفاق 2005».

وقال عباس «الآن ما جرى في مصر ومع إخواننا المصريين، يوجد مبدئياً اتفاق على هذا»، مشيرا إلى أن «حماس طلبت أن يُحمَى قادتها ـ هي والجهاد ـ من الإسرائيليين». وأضاف قائلا «وأعتقد أن الإسرائيليين يوافقون على ذلك، أو وافقوا، وهذه هي الصفقة التي يمكن أن نسمع عنها خلال الأيام القليلة القادمة».

ورغم نفي اسرائيل وحماس لأي اتفاق، فان ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال ان الهدوء السائد على الساحة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، يشير الى وجود استعداد لدى أطراف عديدة للالتزام بتهدئة من دون الإعلان عنها، وذلك بفضل المساعي المصرية للتوصل الى تفاهمات للتهدئة. ووصف عبد ربه للإذاعة الاسرائيلية، التصريحات الصادرة عن حركة حماس حول عدم وجود تهدئة بأنها «للاستهلاك الفلسطيني الداخلي، وللتغطية على قبولها بمواقف رفضتها في السابق». وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، قد صرح، أمس، اثر لقائه مع رئيس وزراء تشيخيا، ميرك توبولينك، بأنه لا يوجد اتفاق تهدئة مع حماس. وقال وزير دفاعه، ايهود باراك، ان المعارك مع غزة لم تنته بعد وانه لا يوجد اتفاق مع حماس، انما اسرائيل تختار المكان والوقت الذين توجه فيهما ضرباتها اليها. وأضاف باراك، أمس، خلال زيارة الى المصنع الذي ينتج المجنزرة الجديدة «نمير» (مجنزرة تعمل كدبابة أيضا)، ان هدف اسرائيل «هو وقف الصواريخ على البلدات الاسرائيلية في الجنوب ووقف تسلح حماس والتنظيمات الفلسطينية الأخرى ووقف تهريب الأسلحة من سيناء المصرية الى قطاع غزة. وطالما لم يتحقق ذلك، فإن اسرائيل ستواصل عملياتها الحربية». وعندما سئل عن سبب التهدئة الحاصلة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، أجاب: «الرد على سؤال كهذا يؤدي الى الكشف عن أمور لست معنيا بأن تكشف للطرف الآخر. لكنني أقول لكم ان اسرائيل كانت وما زالت وستبقى أقوى دولة في المنطقة المحيطة بمدينة القدس، في مجال قطر مداه 1500 كيلومترا من جميع الاتجاهات».

من جهة ثانية نفى مسؤولان من حماس، هما الناطقان الرسميان، سامي أبو زهري وإسماعيل رضوان، والقيادي في الجهاد الاسلامي، خالد البطش، ان يكون هناك اتفاق مع اسرائيل. لكنهم أكدوا ان هناك قرارا بالتهدئة في ضوء التدخل المصري. وأصدرت الحكومة المقالة برئاسة اسماعيل هنية، بيانا قالت فيه انها سوف تساعد القيادة المصرية في التوصل إلى تهدئة متبادلة متزامنة شاملة، بهدف رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني «حيث نرى أن التهدئة يجب أن تكون في سياق يقود إلى وقف العدوان ورفع الحصار وإعادة صياغة العلاقات الداخلية على أساس التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية ووحدة الشعب والتراب والوطن». وأضاف البيان: «تابعنا باهتمام التطورات التي أعقبت فشل العدوان الإسرائيلي على شمال القطاع وتغير الموقف الإسرائيلي من استمرار العدوان على القطاع اعترافاً بالفشل وترسيخاً لقاعدة توازن الردع الذي فرضته المقاومة الباسلة، وإقرارا أميركيا ـ إسرائيليا بأن شعبنا عصي على الكسر وأنه لم ترهبه طبول الحرب وآليات القتل والاغتيال والاستيطان وبناء الجدار».

وقال اسماعيل رضوان: «حتى هذه اللحظة ليس هناك اي اتفاق حول تهدئة، لكن الأشقاء المصريين يقومون بجهد في هذا الاطار. ونحن قلنا بصراحة ان المشكلة ليست عندنا ونحن ندافع عن انفسنا ومن حق ابناء شعبنا الفلسطيني ان يدافعوا عن انفسهم، اما العدوان الإسرائيلي فهو المسؤول والاحتلال هو المسؤول عن كل ما يجرى». وتابع «متى توقف هذا العدوان الاسرائيلي الشامل ورفع الحصار عن ابناء شعبنا الفلسطيني وكانت التهدئة شاملة متزامنة متبادلة يمكن التفكير فلسطينيا في ما يخفف على ابناء شعبنا الفلسطيني».

وأكد رضوان ان «الاشقاء المصريين يقومون في هذا الاطار بجهد للتوصل الى تهدئة، والعدو الصهيوني أدرك انه لن يحقق ايا من اهدافه من خلال المجازر والعمليات الارهابية التي قام بها في قطاع غزة» وأكدت مصادر سياسية وعسكرية في اسرائيل حقيقة ما يجري فقالت ان مصر تقوم بوساطة فعلا، وإن هذه الوساطة هي شكل من أشكال التفاوض والحوار مع حكومة حماس في غزة وان زيارة رئيس الطاقم السياسية الأمني في وزارة الدفاع الاسرائيلية، اللواء عاموس جلعاد، الى القاهرة منذ يوم أول من امس، تأتي في هذا الاطار. وان وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، كانت طلبت من مصر ان تستأنف وساطتها مع حماس وانها تتابع الأمور عن كثب من واشنطن. وصادقت أوساط سياسية في واشنطن على ذلك. وقد عقد لقاء في العريش، الأسبوع الماضي، بين وفدين من حماس والجهاد الاسلامي وبين رجال أمن مصريين، وسيعقد لقاء ثان بالتركيبة نفسها الأسبوع المقبل لمواصلة البحث في ترسيخ هذه التهدئة. وحسب مصادر اسرائيلية فإن هناك قواعد جديدة للعب بين الطرفين. فقد أبلغت اسرائيل حماس، خلال تلك المفاوضات، انه في حالة التوقف عن اطلاق الصواريخ باتجاه البلدات الاسرائيلية تماما فإن اسرائيل ستوقف كل عملياتها الحربية ضد قطاع غزة، وفي حالة اطلاق الصواريخ على سديروت ومحيطها فإن اسرائيل سترد بقسوة ولكن فقط من خلال الغارات الاسرائيلية على أهداف تختارها في قطاع غزة، ولكن في حالة توسيع حلقة الصواريخ لتشمل أشكلون ومحيطها، فإن اسرائيل ستقوم بعمليات برية شبيهة بالعملية الأخيرة «شتاء ساخن»، التي قتل فيها 116 فلسطينيا وجنديان اسرائيليان. وأكدت هذه المصادر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يصر على انجاح هذه التفاهمات، رغم التحفظات التي أبداها كل من وزير دفاعه، باراك، ووزيرة خارجيته، تسيبي لفني. وأوضحت انها تلقت تعليمات بوقف القتال في قطاع غزة هذه الأيام، بانتظار أوامر أخرى في وقت لاحق.