بري يتصل بموسى ويرجئ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلى 25 مارس

أوساطه تعزو القرار إلى إفساح المجال لتزخيم المبادرة العربية * واشنطن تعتبر التأجيل المتواصل لانتخاب الرئيس «غير مقبول»

بري مترئسا اجتماع كتلته البرلمانية (خاص بـ«الشرق الأوسط»)
TT

ارجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة التي كانت مقررة اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الى ظهر يوم الثلاثاء في الخامس والعشرين من مارس (اذار) الحالي، اي قبل اربعة ايام من موعد انعقاد القمة العربية في دمشق. وهذا التأجيل هو السادس عشر منذ 25 سبتمبر (ايلول) الماضي. وقد اجرى الرئيس بري اتصالا هاتفيا بالامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وتداولا في التحرك الهادف الى ردم الهوة بين فريقي الازمة اللبنانية على قاعدة المبادرة العربية بشأن لبنان والتي قد ترحّل الملف اللبناني الى اجتماعات القمة اذا لم يكن قد حدث اختراق ما يفتح ابواب البرلمان اللبناني امام انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا في جلسة 25 اذار.

وعزت اوساط بري هذا التأجيل الى «حرصه على اختيار تاريخ 25 مارس افساحا منه في المجال لتزخيم المبادرة العربية في اتجاه حل عقدة السلة المتكاملة (طرحتها المعارضة) التي تحول دون تمرير الاستحقاق الرئاسي حتى اليوم». وذكرت ان بري يأمل في «ان تنتج الاتصالات العربية ـ العربية خرقا ايجابيا في جدار الازمة السياسية في لبنان».

وفي واشنطن، وصف البيت الابيض الارجاء المتكرر لانتخاب رئيس في لبنان بانه «غير مقبول»، مجددا التنديد بالتدخلات الاجنبية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو تعليقا على الارجاء السادس عشر للانتخابات في لبنان ان «هذا التأخير المتواصل غير مقبول»، مضيفة «نحن قلقون جدا». وقالت للصحافيين ان الحكومة الاميركية تحث «الذين يتدخلون في الشؤون اللبنانية على وقف تدخلهم والسماح للبنانيين بانتخاب رئيس».

هذا، وترأس بري امس اجتماعا لكتلته النيابية. وصدر عن المجتمعين بيان جاء فيه: «ناقشت كتلة التنمية والتحرير خلال اجتماعها برئاسة دولة الرئيس نبيه بري الاوضاع العامة في البلاد وتأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى الخامس والعشرين من اذار الجاري، وذلك بهدف اعطاء المزيد من الامال بان تفتح القمة الاسلامية الباب من اجل تقريب الحلول. كما توقفت الكتلة طويلا امام الشائعات وبعض الكلام الخارج عن حده حول الاوضاع في المنطقة (احتمال حصول عدوان اسرائيلي) الامر الذي اوجد حالة من القلق والهلع لدى اللبنانيين عموما واهالي الجنوب والبقاع بصفة خاصة». وطمأنت الكتلة في هذا الخصوص الى «ان هذه التحليلات مليئة بالمغالطات والمبالغات التي لا تصب في مصلحة الوطن. وان الكتلة اذ تؤكد ان اسرائيل كانت وستبقى مصدر كل الشرور التي اصابت لبنان، تؤكد ايضا لجميع اللبنانيين ان موجة الهلع في غير محلها». في غضون ذلك، تواصل السجال بين فريقي المعارضة والموالاة حول مسببات الازمة. وفيما تمحورت التصريحات الصادرة عن الفريق الاول حول اتهام الاكثرية النيابية بـ«الاستقواء بالخارج»، كان احد اركان «قوى 14 آذار» الرئيس الاسبق للجمهورية رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» امين الجميل يتهم المعارضة بـ«السعي الى تغيير النظام اللبناني وفرض نظام لم تتضح معالمه». وقال في هذا الصدد: «ان اسباب الازمة الراهنة هو سعي المعارضة الى تغيير النظام اللبناني وفرض نظام لم تتضح معالمه لغاية الان. وان كل المناورات الحاصلة، والمتمثلة بالجدل الداخلي، تتجاوز مسائل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وسن قانون انتخابي. وهي لتغطية مشروعها (المعارضة) الحقيقي المتمثل بتغيير النظام اللبناني».

هذا، وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني تعليقا على مسألة توجيه سورية دعوة الى لبنان لحضور القمة العربية، ان «هذه الدعوة ليست خيارا يبحث ولا منة تمنح. انها الامر المفروض باعتبار لبنان عضوا مؤسسا في جامعة الدول العربية. وهو ما لا يستطيع احد تغييره او تغييبه. والمهم كيف سيتعامل لبنان مع مسألة الحضور في حال لم ينتخب رئيس للجمهورية قبل القمة. القرار هو لدى مجلس الوزراء مجتمعا، فهو الذي يقوم مقام الرئيس. واعتقد ان قرار المجلس يجب ان يكون احد امرين: اما التغيب وترك مقعد لبنان شاغرا تعبيرا عن الاحتجاج على الفراغ الرئاسي، او الحضور بوفد برئاسة وزير مسيحي تأكيدا على الاطلالة المسيحية الوحيدة في القمة العربية وعلى التمسك بهوية رئاسة الجمهورية اللبنانية في وجه المشككين والمزايدين».

اما عضو الكتلة نفسها النائب مصطفى علوش فدعا الى «تصويب الرؤية لدى الجميع لبناء مستقبل لبنان». وقال امس تعليقا على التأجيل المتكرر لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية: «ان المسار الذي اخذه الرئيس نبيه بري على مدى الاشهر الماضية يؤكد انه يعطي المواعيد التي فيها بعض الايحاءات والتي تعطي بعض الجرعات للصبر. ولكن عمليا كل هذه المواعيد لا تكون مبنية على معطيات آنية او حالية بل انها تنتظر التغيرات التي تحدث بين المواعيد حتى تصل اما الى تأجيل جديد او الى بعض المعطيات الجديدة. ولكن عمليا لا شيء محسوما حتى الان».

من جهته، قال رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» دوري شمعون (قوى 14 اذار) عقب زيارته امس مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني: «من كان ينتظر عقد جلسة اعتقد انه أخطأ في حساباته، اذ لا شيء يدل حتى الآن على ان سورية ترغب في انتخاب رئيس جمهورية او في اعادة الامور الى طبيعتها في لبنان. وان اعوان سورية بيننا فيهم اناس مسؤولون امثال الرئيس بري. وطالما ان سورية لم تعط الضوء الاخضر بالنسبة الى اجراء انتخاب رئيس الجمهورية فإنهم لن يجروا هذا الانتخاب. وسوف يؤجلون هذه الانتخابات من موعد الى آخر». واضاف: «اما بالنسبة الى النصف زائداً واحداً فلو ان قوى 14 آذار ارادت انتخاب رئيس للجمهورية على اساسها لفعلت ذلك، لكننا تجنبنا الامر تفادياً لأي مشاكل يمكن ان تحدث من جرائه لأن البلد في غنى عن اي مشاكل اضافية. ونحن نعتبر انفسنا ام الصبي ولا نرغب باتخاذ اي اجراء يمكن ان يزيد الطين بلة». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا أنه «طالما أن سورية متحكمة، وطبعا بالتفاهم مع إيران، بعملية التعطيل في لبنان، وطالما أنها استطاعت أن تستفيد من أحداث غزة لوقف التوجه نحو مقاطعة القمة أو تأجيلها أو الغائها وحصلت على انعقاد القمة في دمشق في موعدها بغض النظر عن مستوى التمثيل العربي فيها لا سيما الدول العربية المعتدلة مثل المملكة العربية السعودية وسواها، فانه لا يظهر أن هناك ما يدعو الى أن تسهل سورية ما عرقلته حتى الآن، بل العكس، فهي تتصرف وكأنها حققت نقاطا بتوقف الحديث عن مقاطعة القمة. وبالتالي فلا شيء يدعوها الى تقديم ما تعتبره تنازلا بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في الظروف الحالية».

في الجانب المعارض، قال عضو المكتب السياسي لحركة «امل» النائب ايوب حميد: «ان الاستقواء بالأجنبي جر على لبنان في السابق التهجير والتخريب واوجد ارضاً خصبة للفتن. واليوم تتكرر الصور نفسها من خلال الاستعانة بالاجنبي ممثلاً بالولايات المتحدة الاميركية ومدمراتها». وسأل: «ماذا ستكون النتيجة؟ ان كل آلات الدمار اختبرت سابقاً في محاولة لتطويع الارادة لتمكين اسرائيل ومشروعها في لبنان والمنطقة. كل ذلك لم يمكن البعض من اصحاب الاحلام الشاذة والعقول الخفيفة من تحقيق مشاريعه»، داعياً «فريق الموالاة ومن يستقوي بالوصاية الجديدة الى قراءة التاريخ الحديث والسابق والاقتناع بأن لا مجال لأي فريق ان يستأثر وان لا مجال لأي فريق ان يستقوي بالاجنبي».

وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى: «ان قانون الانتخاب هو احد البنود المطروحة في المبادرة العربية أصلا وهو موجود. لكن لم يكن في الصدارة او الاولوية في الطرح السياسي اللبناني والكل يعرف اهمية قانون الانتخاب في البلد من ناحية إفراز الوضعية السياسية كمدخل للعمل السياسي. ولا شك في أنه مادة خلافيه كبيرة، لكن المطلوب اليوم هو التوافق العام السياسي ومن ضمنه قانون الانتخاب». وقال النائب حسين الحاج حسن (حزب الله) ان المعارضة «قبلت بقانون الانتخاب العام 1960 لأنه مطلب وطني بالدرجة الأولى ومسيحي بشكل خاص ويخفف من الهواجس والاحتقان، على رغم تفضيلنا الدائرة الواحدة على أساس النسبية، فيتمثل كل الناس» مضيفا أن «فريق السلطة أعلن رفضه لقانون العام 1960 لأن هاجسه ليس القانون بل الانتخابات نفسها التي ستفقده الأكثرية النيابية. وبالتالي لن يستطيعوا سد الدين للادارة الأميركية لقاء الدعم الذي تلقوه منها أو تلبية شيء من الالتزامات التي قدموها».

ورأى النائب حسن حب الله (حزب الله) «ان الحل لن يأتي الا اذا اقر جميع الافرقاء بمبدأي الشراكة في الحكم والوفاق الوطني» معتبراً «ان ارسال البوارج الحربية الاميركية الى قبالة السواحل اللبنانية ما هو الا رسالة تطمين لاسرائيل في معركتها الداخلية ولحلفاء اميركا».