دبلوماسيون غربيون: الدول الست الكبرى تبحث تحسين الضمانات الأمنية لإيران بهدف إعادتها إلى المفاوضات

روسيا تقترح فكرة «الضمانة السلبية» وطهران تريد تسوية شاملة تشمل دورها في المنطقة

TT

تتأهب مجموعة الدول الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن و ألمانيا) للبدء في جولة مناقشات جديدة على مستوى المديرين السياسيين لوزارات الخارجية بغرض «تحسين العرض» الذي قدمته هذه الدول لإيران عام 2006 من أجل حثها على وقف عمليات تخصيب اليورانيوم تمهيدا للعودة الى طاولة المفاوضات.

وأفادت مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى في العاصمة الفرنسية بأن عملية تعديل العرض المقدم لإيران والذي رفضته طهران في حينه، سيركز بالدرجة الأولى على موضوع الأمن، أي الضمانات الأمنية التي يمكن للمجموعة الدولية تقديمها لإيران من أجل إقناعها بالتخلي عن النشاطات النووية الحساسة والاستجابة لما تطلبه منها الوكالة الدولية للطاقة النووية ومجلس الأمن الدولي.

ويأتي هذا التطور بعد أسبوع على صدور قرار جديد عن مجلس الأمن يفرض عقوبات إضافية مالية واقتصادية على إيران بسبب رفضها الاستجابة للأسرة الدولية.

وتشدد المصادر الغربية على أن العقوبات «ليست هدفا» بنفسه بل إنها وسيلة «لحمل إيران على العودة الى طاولة المفاوضات» تطلقها المجموعة الدولية «متحدة» في ما بينها كما ظهر ذلك في مجلس الأمن الدولي حين صوتت 14 دولة لصالح فرض عقوبات جديدة، فيما امتنعت إندونيسيا عن التصويت. وكشفت هذه المصادر أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اتصل شخصيا بالعقيد الليبي معمر القذافي لإقناعه بالتصويت لصالح القرار، كما أنه «اقنع» به رئيس جنوب أفريقيا أيضا خلال زيارته الرسمية لهذا البلد. وتؤكد المصادر الغربية أن ما تسعى اليه الدول الست هو بلورة عرض «محسَّن» يمكن عرضه على القادة الإيرانيين والقول لهم: «هذا ما نلتزم القيام به في حال وافقتم على التفاوض».

ولكن دون الوصل الى التفاوض عقبة صعبة تتمثل في إصرار الدول المعنية على أن توقف إيران مسبقا نشاطاتها الحساسة، بينما ترفض إيران ذلك وتدعو الى مفاوضات «من غير شروط». و «المخرج» الذي عثرت عليه الدبلوماسية الغربية هو استنباط «المفاوضات التمهيدية» بحيث يكفي أن تعلن إيران «تجميد» نشر أجهزة الطرد المركزي حتى يبدأ هذا النوع من التفاوض.

وتشرح المصادر الغربية عرضها كالتالي: تعاني إيران من صعوبات فنية بصدد أجهزة الطرد المركزي التي نشرت منها حتى الآن 2952 جهازا من طراز P1. وبحسب المعلومات الغربية، فإن إيران توقفت عن تركيب المزيد منها لأنها «غير صالحة» و«تتعطل» فيما يعاني فنيوها من مشاكل في الحصول على قطع غيار. وبالمقابل، تعتبر هذه الأوساط أن إيران «ليست جاهزة بعد لاستخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز P2 التي ما زالت في طور البحث. ويعني هذا الكلام أن البرنامج النووي الإيراني «يتأخر» لو اعتبرنا أنه ليست لطهران برامج سرية موازية. ولذا، فإن الدول الست ترى أنها لا تطلب من إيران شيئا لا تستطيع تحقيقه لأن برنامج التخصيب واستكمال نشر الطاردات المركزية متوقف عمليا. وتعترف المصادر المشار اليها بأن إيران رفضت حتى الآن الخوض في هذا الموضوع، فيما لا تستطيع الدول الست الإستجابة لطلب إيران التفاوض من غير شروط، لأنه يعني التخلي عن المطاب الدولية و«الإستسلام» لإيران. وتفسر المصادر الغربية التشدد الإيراني على أنه «ترجمة لاعتقاد إيران أنها في وضع مريح» بعد نشر تقرير المخابرات الأميركية الخريف الماضي وأن الإدارة الأميركية الجديدة «ستقبل التعاطي معها بشكل كلي»، أي أنها ستبحث معها عن تسوية تتناول كل المسائل الإقليمية المعلقة وموقع إيران ودورها في المنطقة. أما في موضوع الضمانات الأمنية التي سيبدأ بها البحث، فمن بين الأفكار المطروحة مبدأ «الضمانات الأمنية السلبية» الذي تصر عليه روسيا. ويعني هذا المبدأ عمليا طمأنة الدولة التي تعطى لها هذه الضمانة بعدم استخدام السلاح النووي ضدها في حال قبلت التخلي عن برامجها النووية العسكرية. غير أن المصادر الغربية تعتقد بوجود صعوبة بإقناع واشنطن بقبول هذا المبدأ. وقالت هذه المصادر إن سبب «ضعف» المعروض على إيران لجهة الضمانات الأمنية في مقترحات عام 2006 مرده لممانعة واشنطن من جهة و لـ«حساسية» الموضوع خليجيا. وفي أي حال، تؤكد المصادر الغربية أن إيران «لم تهتم يوما بالتفاوض الجدي» لأنه ليس هناك «على أعلى المستويات السياسية الإيرانية إرادة بالتفاوض على الموضوع النووي لتشعباته الداخلية».