قوات خاصة جزائرية قرب الحدود التونسية بحثاً عن خاطفي النمساويين

الحكومة النمساوية توفد «وحدة طوارئ» للمنطقة وتترجى الجزائر وتونس عدم استخدام القوة

TT

أفادت مصادر أمنية جزائرية بأن وحدات خاصة تجري تمشيطا للمناطق الحدودية مع تونس بحثا عن السائحين النمساويين اللذين أعلن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي» خطفهما من التراب التونسي. وفي فيينا، أكدت مصادر رسمية أن السلطات النمساوية قررت إرسال «وحدة طوارئ» إلى المنطقة في مهمة تهدف لتقصي الحقائق والتشاور مع المسؤولين وليس لشن هجوم عسكري لتحرير السائحين، مضيفة أن الحكومة النسماوية طلبت من نظيرتيها الجزائرية والتونسية عدم اللجوء إلى القوة لتحرير الرهينتين.

وقالت المصادر الجزائرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش نشر ضباطا وجنودا متخصصين في محاربة الإرهاب، في عدة نقاط على الشريط الحدودي القريب من بعض المدن التونسية خاصة في منطقتي الوادي (450 كلم جنوب شرقي العاصمة) وتبسة (600 كلم شرق العاصمة)، اللتين تشهدان نشاطاً من جانب عناصر «القاعدة» المنتمين للمنطقة التاسعة والمنطقة الخامسة، بحسب هيكل التنظيم المسلح الذي اشتهر في السابق باسم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». وأوضحت المصادر أن القوات الخاصة التي تتحرك بسيارات الدفع الرباعي لم تعثر على أثر الجماعة الخاطفة، ورجحت أن يكون الخاطفون قد تحركوا بالرهينتين إلى المناطق الجبلية، شمال الوادي حيث يسهل إخفاؤهم. وقالت المصادر إن السلطات الأمنية تتوقع أن يكشف الخاطفون عن مطالبهم في غضون الأسبوعين المقبلين، مضيفة أن الجيش عازم على فك أسرهما غير عابئ بتهديدات المسلحين بتصفيتهما، كما ورد في بيان تبني عملية الاختطاف أول من أمس.

وذكرت المصادر أن الأجهزة الأمنية تعتقد أن قائد السلفيين الجهاديين في الصحراء، يحي جوادي، المدعو «يحي أبو عمار»، يقف وراء عملية الاختطاف قياساً إلى نشاطه المكثف في منطقتي الوادي وبسكرة في المدة الأخيرة، والذي تميز باغتيال سبعة من حرس الحدود الشرقية الشهر الماضي. ويقود جوادي الذي يتحدر من الغرب الجزائري، مجموعة من المسلحين يفوق عددهم المائة، حسب المصادر التي قالت إنها لا تتوقع أن يمس الخاطفون الرهينتين بسوء وأن الهدف من الاختطاف هو طلب المال بالأساس، ثم البحث عن الصدى الإعلامي.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أخرى أن خلية أزمة أقامتها أجهزتا الأمن بتونس والجزائر لمتابعة تطورات الحادثة. ورأى مراقبون محايدون أن حادثة الاختطاف تستهدف جلب ضغط خارجي ضد السلطات الجزائرية، في محاولة لتأكيد أنها عاجزة عن التحكم في الوضع الأمني. في غضون ذلك، أعلن المستشار الإعلامي بالسفارة التونسية بلندن في بيان، أن السائحين النمساويين دخلا تونس في العاشر من فبراير (شباط) الماضي عن طريق ميناء حلق الوادي، قادمين من ميناء جنوى الإيطالي للقيام بجولة في المناطق الصحراوية. وأضاف البيان أن السائحين توغلا على ما يبدو في الصحراء في اتجاه خارج الحدود التونسية إثر اتصالهما هاتفياً بمختص ألماني في مسالك الصحراء. وأكد البيان أن تونس بادرت منذ تبلغها باختفاء السائحين بإجراء عمليات بحث وتمشيط براً وجواً للبحث عنهما.

وفي فيينا أعلن المتحدث باسم وزراة الخارجية النمساوية بيتر لاونيكي تيفانتال أمس عن تشكيل «وحدة طوارئ» تضم مختصين من وزارتي الداخلية والخارجية لمتابعة الأمر بالتنسيق مع وزارة الدفاع. ومن جهته، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية رودلف غوليا أنه تقرر إرسال فريق يضم عددا من خبراء القوات الخاصة «الكوبرا» إلى المنطقة، في مهمة شدد على أنها تهدف لجمع الحقائق والتشاور مع المسؤولين بالمنطقة، وليس لشن هجوم عسكري ضد خاطفي النمساويين. وأشار إلى ان الحكومة النمساوية تقدمت بطلب الى الحكومتين التونسية والجزائرية، بعدم القيام بأي عمل عسكري، حفاظا على سلامة السائحين النمساويين. وشدد الناطق باسم الخارجية أنه «ليس بإمكان الحكومة تأكيد أو نفي عملية الخطف، إذ انها لا تملك حتى اللحظة أي دليل على ذلك». وأضاف لـ«الشرق الاوسط» أن الحكومة النمساوية تقوم حالياً باتصالات لتقصي الأمر عبر سفارتيها في تونس والجزائر.

وحرص المتحدثان باسم الداخلية والخارجية خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه بمباني وزارة الخارجية في فيينا، على استخدام لفظ حادث الاختطاف «المزعوم». ورفض المتحدثان الإجابة على اية اسئلة تتعلق باحتمال إجراء الحكومة النمساوية مفاوضات مباشرة مع الخاطفين، او قبولها المحتمل لدفع فدية مقابل إطلاق سراحهما، واصفين تلك الاسئلة بالافتراضية، وأنها لا تساعد في تهدئة الاوضاع.

وأكد الناطقان اطلاع السلطات النمساوية على الرسالة التي نشرها «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي» أول من أمس وأعلن فيها خطفه السائحين ولفغانغ ابنر، 51 عاما، (يعمل خبيرا في الضرائب)، وصديقته الممرضة اندريا كوليير، 43 عاما. وأوضح المتحدثان أن مختصين يتحرون صحة ما نشر من معلومات، وان الاتصالات تجري بصورة مكثفة مع حكومتي تونس والجزائر. وتشير معلومات إلى أن النمساويين المختطفين هما من سكان اقليم سالزبوغ، وان أخبارهما  انقطعت عن ذويهما منذ 18 فبراير (شباط) الماضي. وكان السائحان قد انطلقا من جنوى في ايطاليا الى تونس في التاسع من فبراير على متن سفينة مع سيارتهما الرباعية الدفاع وكلبي صيد، وسحبا مبلغا من المال في قفصة (جنوب غربي تونس) في 12 فبراير، وفي 14 منه كانا في الصحراء التونسية. وأعلن تنظيم «القاعدة» أنه خطفهما من الأراضي التونسية يوم 22 فبراير.

من جانبه، ذكر ادواردن ابنر، الابن الاكبر للنمساوي المختطف، في مؤتمر صحافي ان والده دأب على القيام برحلة صحراوية مرة في العام منذ 2000. وأكد أن المنطقة ليست جديدة عليه. وأوضح أن والده لا يتحدث الفرنسية. وقال أيضاً إن العائلة سرت عندما علمت انه لا يزال، وصديقته، على قيد الحياة.