إسرائيل تحمِّل حماس مسؤولية الهجوم والحركة ترد: لا تهدئة بدون ثمن

صاروخ فلسطيني يسقط في عسقلان بعيد زيارة أولمرت

TT

كرر رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، امس انه لم يتم التوصل الى تفاهمات مع حركة حماس بشأن وقف اطلاق النار، محذرا من تجدد اطلاق الصواريخ على عسقلان التي كان يزورها، وهو بالفعل ما حدث بعد قليل من زيارته، اذ اطلقت كتائب ابو علي مصطفى، الجناح المسلح للجبهة الشعبية، اول صاروخ منذ وقف الهجمات الاسرائيلية الاربعاء الماضي، وتثبيت هدنة، غير معلنة، او متفق عليها على الاقل بين اسرائيل وحماس. وقد سقط الصاروخ في منطقة غير مأهولة في عسقلان، بدون اصابات. ورغم تحميل ناطق حكومي اسرائيلي حركة حماس المسؤولية، إلا ان الحركة نفت اي اتفاق مع الاسرائيليين، قائلة لا تهدئة بدون ثمن، في الوقت الذي اتهم فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بمحاولة تخريب التهدئة.

وكان اولمرت قد قال قبل سقوط الصاروخ «انه يجب اعداد العدة لاحتمال تجدد الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية على مدينة اشكيلون،(عسقلان)، اذ لا يجوز اعتبار اطلاق الصواريخ من طراز غراد على المدينة بانه حادث عرضي». وتابع «لا تتصرفوا وكأن صواريخ غراد كانت لمرة واحدة فقط، فهذا واقع دولة إسرائيل منذ 60 عاما، والأمر يتطلب ضبط النفس والقوة من جانبكم، فالفلسطينيون أيضا يتألمون والقتال هو قتال مبرمج، يستهدف كل مكان يوجد فيه الإرهاب». وعند لقائه اعضاء المجلس المحلي لعسقلان الذين عبروا عن قلقهم البالغ بسبب تدني الحماية اللازمة من الصواريخ الفلسطينية، لم يجد اولمرت سوى القول «الوضع هنا (عسقلان) معقد وليس بيدي حلول آنية». واعتبر اولمرت خلال جولته في المدينة امس، ان الجيش الاسرائيلي ضرب حركة حماس ضربة قاسية وشديدة، مما حدا بها الى وقف اطلاق القذائف الصاروخية على النقب الغربي. بينما كانت حماس، قد قالت على لسان إسماعيل هنية، رئيس الوزراء المقال، «إن التغير في الموقف الاسرائيلي من استمرار العدوان على قطاع غزة يمثل اعترافاً بالفشل وترسيخاً لقاعدة توازن الردع الذي فرضته المقاومة الباسلة». وزاد سقوط الصاروخ الفلسطيني من تعقيد الموقف الذي يشكو منه بالأساس اولمرت. وقالت المواقع الإخبارية الاسرائيلية انه «مع زيارة اولمرت لعسقلان لتفقدها من آثار الصواريخ عادت الصواريخ تسقط هناك». واعلن مارك ريغيف، المتحدث باسم اولمرت، «ان حماس تسيطر على قطاع غزة وتتحمل بالتالي مسؤولية الصواريخ التي تطلق من غزة على اسرائيل». واضاف «هذا مثال آخر على التزام حركة حماس بالعنف والارهاب. وليست لدينا اية اوهام بشأن اجندتهم الحقيقية».

وقال الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «معركتنا مع الاحتلال ما زالت مستمرة». واضافت في بيان «في سياق ردنا الطبيعي على جرائم الاحتلال الصهيوني تعلن كتائب الشهيد ابو علي مصطفى مسؤوليتها عن مهاجمة موقع ناحل عوز العسكري بقذائف الهاون كما تمكن فرساننا من قصف النقب الغربي بصاروخي صمود مطور».

وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة، ان «صاروخا اطلق من قطاع غزة سقط في العراء جنوب مدينة عسقلان الا انه لم يتسبب في اية اصابات او اضرار».

وكان مسؤول اسرائيلي قد قال امس ان اسرائيل وافقت على عدم شن هجمات جديدة في قطاع غزة اذا توقف اطلاق الصواريخ الفلسطينية على اراضيها.

وقال المسؤول الاسرائيلي في وزارة الدفاع لوكالة الصحافة الفرنسية ان اسرائيل نقلت هذا الموقف الى مصر التي تجري وساطة بين اسرائيل والفلسطينيين بهدف التوصل الى تهدئة. واضاف ان «اسرائيل توصلت الى اتفاق مع المصريين تمتنع بموجبه عن شن غارات على قطاع غزة طالما لا يتم اطلاق صواريخ من هذه المنطقة».

واوضح المسؤول ان اسرائيل تحتفظ لنفسها بحق التدخل في غزة لمنع اي هجوم قد يحضره ناشطون فلسطينيون. وقال «اذا قام ناشطون بنقل صواريخ بهدف اطلاقها او اذا لوحظت استعدادات لشن هجوم، فان اسرائيل ستكون حرة في التحرك». ومن غير المعروف ما اذا كانت إسرائيل سترد على الصاروخ، الذي لم تطلقه حماس، والتي التزمت بوقف اطلاق الصواريخ، وأقنعت فصائل اخرى بوقفها كذلك، في الوقت الذي تبذل فيه مصر جهودا لتثبيت تهدئة في قطاع غزة والضفة الغربية، بطلب من الرئيس عباس، وبضوء اخضر اميركي. وردت حماس، امس، على إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن «اتفاق مبدئي» للتهدئة بين اسرائيل وحركة حماس، بما يضمن وقف الصواريخ، مقابل الامتناع عن اغتيال قادة الحركة. وقال سامي ابو زهري، الناطق الرسمي باسم حماس، ان حركته تنفي صحة تصريحات ابو مازن حول وقف حماس لإطلاق الصواريخ مقابل تعهد اسرائيلي بعدم اغتيال قادتها. واكد ابو زهري لـ«الشرق الاوسط» ان «لا اساس لما قاله رئيس السلطة من الصحة»، معتبرا ان تصريحات ابو مازن تاتي ضمن محاولات متكررة لتشوية صورة حماس. وقال ابو زهري «الحركة قدمت قادتها المؤسسين شهداءَ، وقدم معظم قادتها ابناءهم ايضا شهداء، وبالتالي، فان حماس لا تساوم على دماء أبناء شعبنا مقابل رؤوس قادتها». وتابع «دماؤهم (قادة الحركة) ليست ازكى من دماء الاطفال». واكد ابو زهري ان لا جديد في موضوع التهدئة، قائلا «نحن نستهجن تصريحات رئيس السلطة، ونؤكد بطلانها، وحتى اللحظة لا جديد في مضوع التهدئة». واضاف «لا تهدئة بدون ثمن، والثمن ليس حماية قادة حماس وانما وقف العدوان على شعبنا في غزة والضفة الى جانب رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر». وقتل أكثر من 130 فلسطينياً منذ 27 فبراير (شباط) في هجمات اسرائيلية على قطاع غزة، مما حدا بالرئيس الفلسطيني تعليق المفاوضات، مطالبا بتثبيت تهدئة قبل استئنافها غدا. ونقل عن عباس اتهامه الوزير باراك بمحاولة تعطيل وافشال مسار المفاوضات الجارية الآن لأسباب داخلية اسرائيلية، ومنها ما يتعلق بتصفية حسابات شخصية معه حسبما ما نقلت الاذاعة الاسرائيلية عنه اثناء لقائه صحافيين في عمان حيث التقى العاهل الاردني، اول من امس.

وقال رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، احمد قريع، «إن الوصول للتهدئة ووقف الانتهاكات قد يؤديان إلى استئناف المفاوضات»، معربا عن أمله في عملية تفاوضية جدية وحقيقية. واكد قريع خلال لقائه توني بلير مبعوث الرباعية الدولية في رام الله، ان لقاءً ثلاثياً سيعقد غدا للجنة الثلاثية (الفلسطينية ـ الإسرائيلية ـ الأميركية) التي اتفق عليها في أنابوليس. وقال قريع ان اللقاء سيضم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والجنرال الأميركي وليام فريزر وباراك، لمراقبة تنفيذ البند الأول من خارطة الطريق الذي ينص على وقف النشاطات الاستيطانية جميعها، بما في ذلك ما يسمى النمو الطبيعي، وإزالة البؤر الاستيطانية ووقف عملية تقطيع أوصال الضفة الغربية، والأمن».

وقال قريع «إن الحكومة الإسرائيلية تصر على إحباط عملية السلام من خلال القيام بالممارسات والانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين من اعتقالات وقتل وتدمير واجتياح، الأمر الذي يؤدي إلى إحباط المواطن. عملنا في سياق المفاوضات على تحويل الاتصالات إلى عملية جدية تكون لها لجان متابعة ولا تتوقف على وجود حكومة أو تغييرها، بل تستمر مع تغير الحكومات والإدارات»، مشيرا إلى أن اللجان بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لم تكتمل بعد.   الى ذلك، نفى خالد البطش، القيادي البارز في حركة «الجهاد الاسلامي»، أن تكون المباحثات والاتصالات التي اجرتها حركته مع الحكومة المصرية قد تطرقت لحماية قادة الحركة ووقف استهدافهم من قبل اسرائيل مقابل تهدئة توافق عليها الحركة. وفي تصريحات لـ«الشرق الاوسط»، اعتبر البطش ان «تقديم المسائل وتقزيمها بهذا الشكل لا يخدمان فكرة التهدئة التي طولبنا بها من قبل العالم ولم نطلبها أو نسعى إليها»، مشدداً على أن دماء قادة الحركة «ليست أعز عليها من دماء أصغر مجاهد أو مرابط في سبيل الله»، على حد تعبيره. ودعا البطش الرئيس عباس الى الشروع في حوار مع حركة حماس وصولاً للمصالحة الوطنية «لإنهاء الانقسام الداخلي الذي يعصف بقضيتنا ويلحق بها ضرراً استراتيجيا».