الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي شبه ناجز بانتظار حل قضايا عالقة

ركز على محاربة التطرف والفقر وتعزيز التعاون بين الأعضاء

TT

عشية بدء اجتماعات قمتها المقررة في دكار اليوم، وغدا، قطعت منظمة المؤتمر الاسلامي شوطا كبيرا في اتجاه انجاز ميثاق جديد لها سوف يتصدى لقضايا تحديثية على رأسها محاربة التطرف والفقر والتأكيد على مبادئ التسامح والتفهم المتبادل بين الدول الاعضاء.

فقد أعلن وزير الخارجية السنغالي شيخ تيديان غاديو إحراز «تقدم تاريخي» بشأن تعديل ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي، مشيرا الى وجود فرصة كبيرة لاعتماد الميثاق الجديد للمنظمة في قمة دكار.

وأوضح الوزير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين احسان اوغلو قبيل الجلسة الختامية لاجتماع وزراء الخارجية التمهيدي للقمة الاسلامية انه «حصل تقدم تاريخي بشأن الميثاق» كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

واضاف انه «تقدم ممتاز، وخرجنا من القاعة متفائلين بكوننا انجزنا عملا تاريخيا يتمثل في انه بعد 36 عاما من العمل بموجب المياثق القديم نجحنا تقريبا في انجاز توافق عام حول الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الاسلامي».

واكد ان هناك «إمكانية تبلغ نسبتها 99.99 بالمائة لتبني الميثاق في قمة دكار».

وحول النقاط التي لا تزال عالقة، أشار الوزير الى مسألة العضوية ومعايير الانضمام الى المنظمة والموقف من مبدأ تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وايضا تحديث عمل المنظمة باتجاه اعتماد نظام الاغلبية في التصويت على القرارات بدلا من الاجماع. وفي حال تم التوافق على النقاط المقترحة وتجاوز الخلافات المتبقية فان الميثاق الجديد سيتم تبنيه رسميا في القمة. وقال احسان اوغلو في مؤتمر صحافي إن الميثاق الجديد يعتمد لغة الامم المتحدة اذ يعكس الحداثة والتسامح في الاسلام ويركز على التنمية والتضامن بين الدول الاعضاء في المنظمة، حسب ما نقلت وكالة رويترز.

وأضاف ان الهدف من التعديلات هو مساعدة المنظمة على ان تكون اكثر فاعلية وتعزيز روح المبادرة ودورها في اطار العولمة وفي مجتمع مسلم دولي بما يشمل الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا.

وتتضمن الصيغة الجديدة للوثيقة التي يعود تاريخها الى العام 1972 ايضا التوجه الى تعزيز التعاون والمساعدة بين الدول الغنية وتلك الفقيرة في المنظمة.

وكانت المنظمة قد تعرضت لانتقادات من جانب بعض اعضائها حول عجزها عن حل بعض الخلافات، فضلا عن حصر تدخلها في تأمين التمويل او ادانة الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين.

ولا تزال هناك نقاط عالقة قبل اعتماد الصيغة الجديدة للميثاق وعلى رأسها النزاعات الإثنية الداخلية والنزاعات على الحدود بين الدول الاعضاء في المنظمة وجيرانها.

كذلك، تشدد باكستان على ان الوثيقة الجديدة يجب ان تفرض على الاعضاء المحتملين حل نزاعاتهم القائمة مع الدول الاعضاء في المنظمة قبل السماح لهم بالانضمام اليها، في إشارة الى النزاع القديم بينها وبين الهند حول اقليم كشمير.

وفي ما يتعلق بنظام التصويت، كانت هنالك ايضا اقتراحات بتعديل هذا النظام بما يتيح اتخاذ القرارات بغالبية الثلثين عوضا عن الاجماع المعتمد حاليا في آلية اتخاذ القرارات وما يرافق ذلك من صعوبة التوصل الى قرارات فعلية نظرا الى الاختلافات السياسية والثقافية بين الدول الاعضاء.

وشدد إحسان اوغلو على ما يواجهه المجتمع الاسلامي من تحدي التطرف من الداخل والخارج على حد سواء، ودعا الى احترام حرية التعبير والصحافة، الا انه اكد ان استغلال هذه الحرية لإهانة الاديان ليس امرا صائبا، في اشارة الى ازمة الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية قائلا «يجب ان لا نكون ضحية التطرف من الجانبين».

وبدأ وصول قادة الدول أو من يمثلهم الى العاصمة السنغالية وبينهم الرئيس التشادي إدريس ديبي ليوقع مع الرئيس السوداني عمر البشير اتفاقا جديدا للسلام بينهما بحضور الأمين العام للأمم، المتحدة بان كي مون، بعد وساطة سنغالية.

ومن الواصلين أيضا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ونائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والرئيس التركي عبد الله غول.

وتجري مشاورات مكثفة بين وفود الدول، خصوصا لتسوية خلافات قائمة بشأن الملف اللبناني والموقف من كوسوفو حيث يسعى الوفد الألباني في القمة الى الحصول على دعم أعضاء المنظمة لاستقلال كوسوفو المعلن الشهر الماضي «من دون نجاح كبير»، بحسب مصدر في احد الوفود الى القمة.

وسيكون الوضع في الشرق الأوسط، وخصوصا في قطاع غزة ولبنان، إضافة الى العراق وإيران، ابرز المواضيع السياسية التي يتناولها القادة. ولئن كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعراق والملف الايراني تحظى بشبه إجماع بشأنها، فان الملف الشائك يتمثل في الملف اللبناني.

وأعرب وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، عن ارتياحه للدعم السياسي الذي تلقاه بلاده من الدول الإسلامية، بيد أنه أكد أن «علينا أن نبذل المزيد من الجهود لمحاربة الإرهاب والتطرف».

في المقابل يمثل وجود رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع، والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، إضافة الى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، المتوقع مشاركتهم في القمة، فرصة للسعي الى حلحلة الأزمة اللبنانية.

من جانب اخر، اعتبر الائتلاف الرئيسي للمعارضة السنغالية ان القمة الحادية عشرة لمنظمة المؤتمر الاسلامي هي «كارثة اقتصادية ومالية للسنغال».

وقال عبد الله باتيلي احد المسؤولين في «جبهة سيغيل سنغال» (من اجل سنغال ناهضة) المعارضة في مؤتمر صحافي ان هذه القمة تعتبر «كارثة اقتصادية ومالية لبلادنا».

واضاف باتيلي بحضور ممثلين عن هذه الجبهة، التي تتألف من نحو عشرين حزبا معارضا، «لم نر ابدا في السابق قمة كلفت هذا المبلغ الكبير من المال. ان هذا المؤتمر سيؤدي الى افقار السنغال الذي سيغرق تحت الديون بسبب ممارسات الهيئة الوطنية لمنظمة المؤتمر الاسلامي».

ويترأس هذه الهيئة المكلفة تنظيم القمة الاسلامية كريم واد ابن الرئيس السنغالي وهي ملحقة مباشرة بالرئاسة. وقالت الوكالة ان مبلغ 140 مليار فرنك افريقي (نحو 213 مليون يورو) جمعت من دول عربية استخدم 53 بالمائة منها لصيانة الطرق وشق اخرى.

وحسب هذه الوكالة ايضا فان 533 مليون يورو دفعت لشركات وطنية ودولية لبناء فنادق لم ينته العمل بها بعد.

واتهم الزعيم المعارض السلطات بـ«دفع رشاوى وإعطاء تلزيمات لشركات من دون استدراج عروض» وهي المرة الثانية التي تعقد فيها القمة الاسلامية في دكار حيث كانت المرة الاولى عام 1991.

وكان الاجتماع الوزاري التحضيري لقمة منظمة المؤتمر الاسلامي قد وافق على عرض مصر استضافة القمة الاسلامية الثانية عشرة عام 2011 على أن تتولى مصر رئاسة القمة وقيادة أعمال المنظمة خلال الفترة 2011 الى 2014.

وفي القاهرة، اعلن حسام زكي المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية في بيان صحافي أن «استضافة مصر للقمة الاسلامية تأتي تعبيرا عن تقدير الدول الاسلامية للدور الذي تضطلع به مصر في منظمة المؤتمر الاسلامي ويعكس الدور الريادي الذي تلعبه مصر في الدفاع عن مصالح العالم الاسلامي ومقدراته».

وأضاف البيان أنه «على جانب آخر قرر الاجتماع الوزاري أن يسند إلى مصر استضافة وتنظيم المؤتمر الثاني للمرأة في إطار منظمة المؤتمر الاسلامي المقرر أن يعقد خلال عام 2008».

وقال المتحدث إن وزراء الخارجية وافقوا أيضا على مشروع القرار المصري حول ازدراء الأديان والتمييز ضد المسلمين. ويدين القرار المصري الذي رفع للقمة الاسلامية «جميع اشكال ازدراء الاديان وامتهان المقدسات والرموز الدينية ويطالب دول العالم بسن تشريعات تجرم ازدراء الاديان».

كما يدعو القرار مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة إلى إصدار «وثيقة قانونية دولية لتجريم ومنع ازدراء الاديان والتأكيد على أن الحق في التعبير عن الرأي يجب ألا يمارس بشكل ينطوي على الافتئات على حقوق وحريات الاخرين وازدراء مقدساتهم».