المقدسي حوكم مع الزرقاوي وأبو قتادة في قضية «بيعة الإمام»

TT

أبو محمد عاصم بن محمد بن طاهر البرقاوي، المعروف باسم «المقدسي»، من قرية برقا من أعمال نابلس، تركها بعد ثلاث أو أربع سنين مع عائلته، متوجها إلى الكويت، حيث مكث فيها وأكمل دراسته الثانوية. ثم درس العلوم في جامعة الموصل بشمال العراق تحت رغبة والده. وهناك يسر له الاتصال بالعديد من الجماعات والحركات الأصولية.

والمقدسي (عصام البرقاوي)، يعد من أهم المنظرين لتيار «السلفية الجهادية»، كما يعتبر الاستاذ المباشر لزعيم تنظيم «القاعدة» في العراق الأصولي الأردني الآخر أبو مصعب الزرقاوي (أحمد الخلايلة). الذي قتل في غارة جوية اميركية في العراق في شهر يونيو (حزيران) من عام 2006. والمقدسي في الخمسينات عمره، مارس أدوارا مؤثرة في توجيه اتباع التيار التكفيري، ومنحهم التبرير الديني والفقهي للقيام بأعمال العنف الأصولي ضد الحكومات الإسلامية، كما أبدى مساندة قوية لكل الجماعات العسكرية الأصولية.

بُرئ من قبل في قضية عرفت بتفجيرات الألفية، والمرة الوحيدة التي حكم فيها كانت في قضية «بيعة الإمام»، مع مجموعة من السلفية الجهادية وأبرزهم أبو مصعب الزرقاوي، وعمر أبو عمر الملقب (ابو قتادة) المحتجز في بريطانيا.

ويقول مسؤولو مخابرات أمريكيون إن المقدسي منظر بارز للتيار الجهادي، لديه تأثير على الفكر الإسلامي لأبعد مما يصل إليه نشطاء بارزون آخرون مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. ووصفت دراسة أعدها مركز دراسات خاص تابع لأكاديمية وست بوينت العسكرية الأميركية عام 2006 المقدسي، وهو مثقف اسلامي علم نفسه بنفسه، بأنه أكثر المنظرين الإسلاميين الأحياء تأثيرا.

وتفيد مصادر قريبة من ملفه بأن المقدسي، الذي تؤجج منشوراته وموقعه الالكتروني، حماس أنصار الفكر المتشدد، اتجه لـ«التراجع عن أفكاره بعد مراجعة مع الذات».

وخلال وجوده طليقا، أدلى المقدسي بتصريحات معتدلة، شملت انتقاد التفجيرات التي استهدفت مساجد الشيعة والكنائس في العراق.

وراجت تكهنات آنذاك بوجود صفقة وراء إخلاء سبيله، إلا أن المخابرات العامة جددت توقيفه بعد عشرة أيام من الإفراج عنه. ويعتبر المقدسي المرجعية الروحية لعشرات التنظيمات المتشددة، بما في ذلك تنظيم القاعدة». وبحسب خبراء في شؤون الجماعات المتشددة، التقى المقدسي الزرقاوي لأول مرة في أفغانستان عام 1989. وعندما توجها إلى الأردن، دخلا السجن عام 1994 على خلفية إدانتهما في إطار تنظيم يطلق عليه «بيعة الإمام». وفي السجن انتزع الزرقاوي القيادة من المقدسي وروّج لأفكار تدعو لـ«البطش بالكفار، وعدم موالاة الحكومات الكافرة».

يذكر انه في 27 ديسمبر )كانون الأول) 2004 قضت محكمة أمن الدولة في الأردن بتبرئة المقدسي، وسعود محمد الخلايلة، قريب الزرقاوي، من تهمة القيام بأعمال إرهابية لعدم كفاية الدليل. وحسب بعض التقارير، فإن تعرف الزرقاوي على المقدسي، تم بعد عودته من افغانستان سنة 1989، وفي السجن تعرف الزرقاوي بشكل معمق الى المقدسي.

وفي السجن أيضا توسم المقدسي في الزرقاوي قوة الشخصية، فأوكل اليه «الإمارة». وقال المقدسي عنه في معرض رسالة شهيرة، عن رأيه في الزرقاوي: «عندما وليته أمر الإمارة، لم أتخل عنه، بل وقفت الى جانبه، وتوليت أمر خطابة الجمعة والأعياد وتدريس الشباب، ولم أكن أبخل على أبي مصعب بالمشورة والوقوف في صفه في وجه بعض المخالفين له». وفي حوار مطول للمقدسي، نشرته مجلة العصر الإنترنتية، تحدث المقدسي عن تيار الجهادية السلفية في الأردن وظروف نشأته، وذكر أن بداية التيار ولدت مع عودة الشباب الأردني من افغانستان، بعد حرب الخليج الثانية، وأن التيار اشتد بعدما خرج المعتقلون من السجن في نهاية التسعنيات، حيث لم «يقوقعوا هم أنفسهم» حسب تعبير المقدسي. وسافر إلى باكستان وأفغانستان مراراً، وتعرّف خلالها على إخوة كثر وجماعات كثيرة من أنحاء العالم الإسلامي، وشارك ببعض الأنشطة التدريسيّة والدعوية هناك.. وهناك كان أوّل طبعة لكتاب «ملّة إبراهيم» الذي كتبه في تلك الفترة. كما كانت له جولات ومواجهات مع بعض الغلاة تمخّضت عن بعض المصنّفات لعل من أهمها «الرسالة الثلاثينة في التحذير من الغلو في التكفير».