النمسا ترفض تهديدات «القاعدة» بقتل سائحيها وتطلب مساعدة دول أوروبية

التنظيم طالب بفدية وإطلاق سجناء بالجزائر وتونس

المستشار النمساوي غوزينباور يتحدث إلى الصحافيين خلال وصوله للقمة الأوروبية ببروكسل أمس (رويترز)
TT

رفضت النمسا التفاوض مع تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي» الذي هدد بقتل سائحين نمساويين قال إنه اختطفهما من تونس الشهر الماضي، في موعد أقصاه ليل هذا اليوم، وطلبت مساعدة أجهزة استخباراتية أوروبية لتحرير الرهينتين. وأفادت مصادر متطابقة بأن التنظيم المسلح نقل الليلة قبل الماضية، رسالة صوتية الكترونية، من الخاطفين، تمهل فيها النمسا ثلاثة أيام، للتدخل من أجل إطلاق سراح سجناء «القاعدة» بالجزائر وتونس، وإلا قتل السائحان ولفغانغ ابنر، 51 عاما، وصديقته اندريا كلوبير، 43 عاما.

وطلب المستشار النمساوي الفرد غوزينباور أمس مساعدة أجهزة استخبارات في الدول الاخرى الاعضاء في الاتحاد الاوروبي لتحرير السائحين. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للصحافيين في ختام القمة الاوروبية ببروكسل إن «المستشار طلب منا تضامن أوروبا، تضامن اوروبا السياسي، فضلا عن تعاون كل اجهزتنا». واضاف «فرنسا تشعر بانها معنية بشكل خاص من خلال المديرية العامة للاجهزة الخارجية (اجهزة الاستخبارات الفرنسية) وقلت له ان بإمكانه الاعتماد على دعمنا الكامل». وبدوره، قال وزير الخارجية السلوفيني ديميتري روبيل الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي إن الاتحاد اعرب عن «تضامنه» مع النمسا. واضاف: «نطلب من كل الحكومات التي يمكنها القيام بشيء لتغيير الوضع والافراج عن الرهائن ان تفعل كل ما في وسعها».

وكان المستشار النمساوي قد رفض صباح أمس أية فكرة للتفاوض مع «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» من أجل الافراج عن الرهينتين، داعيا الى اطلاق سراحهما فورا و«من دون شروط». وقال غوسنبوير للصحافيين عند وصوله الى القمة الاوروبية ببروكسل ان «النمسا لا تتفاوض مع ارهابيين. لا ننوي تلبية مطالب (الخاطفين). نطالب بإفراج الرهينتين فورا وبدون شروط».

وكان تنظيم «القاعدة» قد قال في بيان نشره الليلة قبل الماضية على الانترنت، إن عناصر التنظيم «اشترطوا إطلاق سراح بعض أسرانا المعتقلين لدى تونس والجزائر، مقابل إطلاق سراح الرهينتين»، مشيراً إلى أنه «تم تسليم قائمة بأسماء أسرانا للجهة المفاوضة»، ما يعني، حسب البيان، أن التنظيم انطلق في مفاوضات بغرض إنهاء أزمة الرهائن. ونفت مصادر جزائرية مطلعة أن تكون الأجهزة الجزائرية قد دخلت في اتصال مع الجماعة الخاطفة.

وذكر البيان أن «المجاهدين يمهلون السلطات النمساوية ثلاثة أيام للاستجابة لمطالبهم ابتداء من الساعة الثانية عشرة ليلا يوم الخميس 13 مارس (آذار) 2008». وبذلك، تنتهي المهلة منتصف ليلة اليوم. وإن كان التنظيم المسلح لا يذكر بوضوح أنه سيقتل الرهينتين، فإن الحديث عن مهلة زمنية محددة يحمل إشارات بأن سيقدم على ذلك، إذا لم تتعاط الدول المعنية بالأزمة مع مطالبه إيجابيا. وأرسلت المطالب وقائمة بأسماء السجناء المطلوب الافراج عنهم الى فيينا من خلال وسطاء لم يكشف عن هويتهم.

وقال مصدر أمني جزائري قريب من القضية إن المساجين الذين يطالب التنظيم بإطلاق سراحهم هم على الأرجح القيادي البارز عماري صايفي الشهير بـ«عبد الرزاق البارا»، وسمير سعيود (المعروف بمصعب) المعتقلان بالجزائر العاصمة حاليا. أما عن المعتقلين بتونس، فيقصد بهم ـ حسب المصدر ـ مجموعة من السلفيين التونسيين ألقي القبض عليهم نهاية العام الماضي، بعد عودة بعضهم من معاقل التدريب على السلاح بالجزائر، لفتح جبهة قتال بتونس حسب الرواية الرسمية، وقد حكم على بعضهم بالإعدام في الآونة الأخيرة.

واشتهر صايفي بحادثة اختطاف 32 سائحا أوروبيا، بينهم نمساوي وأغلبهم ألمان، بصحراء الجزائر عام 2003، انتهت بالإفراج عنهم. وتردد أن التنظيم تلقى حينها فدية ألمانية قيمتها 5 ملايين يورو. أما «مصعب» فقد عرف بتجنيد مغاربيين في صفوف التنظيم.

وقال بيان «القاعدة» إن النمسا «مسؤولة عن حياة الرهينتين في حال انقضاء المدة وعدم الاستجابة لمطالبنا». وتابع: «نقول لهم، كما تهمكم سلامة مواطنيكم فإنه يهمنا فكاك أسر إخواننا في سجون تونس الخضراء والجزائر البيضاء، بدعم من الدول الغربية». ودعا البيان عائلتي الرهينتين والرأي العام في النمسا «بأن يضغطوا على دولتهم لتلبية مطالب» المسلحين «حفاظا على حياة السائحين، كما ندعو السياح الغربيين لأن يتجنبوا زيارة دول المغرب العربي وقد أعذر من أنذر». وأرفق التنظيم بيانه بست صور يظهر فيها السائحان مرتديين ملابس صحراويين وسط عدد كبير من عناصر «القاعدة» يقودهم «عبد الحميد أبو زيد»، حسب ما جاء في الصورة الأولى. وظهر الرهينة إبنر في أحدى الصور جالسا وحاملا كتابا يرجح أنه نسخة من القرآن الكريم، وبجنبه أشخاص مسلحون ملثمون في بيئة صحراوية. وظهر في صورة أخرى يتصفح، رفقة ستة مسلحين، خريطة.

وفي فيينا، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط» إن خاطفي السائحين طلبوا فدية مالية مقابل الإفراج عنهما، إضافة الى مطلبها بتدخل الحكومة النمساوية لإطلاق سراح سجناء «القاعدة» بتونس والجزائر.

ووصفت وزيرة الخارجية النمساوية اوسولا بلاسنك، من بروكسل، المطالب التي قدمها الخاطفون بأنها سياسية لا تدخل ضمن صلاحيات ومهام الحكومة النمساوية. وأكدت في ذات الوقت أن بلادها ستبذل كل ما في مقدورها لإنقاذ الرهينتين وعودتهما سالمين.

من ناحية أخرى، أكد الناطق باسم الخارجية النمساوية، رودلف غوليا، لـ«الشرق الاوسط» أمس، أن مسؤولاً نمساوياً رفيعاً من المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، غادر البلاد باتجاه شمال افريقيا، رافضاً تحديد وجهته بالضبط.

من جانبه عبر بيرنارد ابنر، ابن النمساوي المخطوف، عن غبطته لرؤية صور والده وصديقته التي أرفقها الخاطفون في بيان التهديد الليلة قبل الماضية. وعبر ابنر الابن، عن اقتناعه بأن الحكومة النمساوية لن تألو جهدا للإفراج عن والده وصديقته. وأكد أنه يفضل إنهاء الأزمة بدفع فدية مالية.