شاوول: حققت إنجازاً بجعل المعارضة تنتقل من الشارع إلى الدولة كنعان: ما كتب يعاقب عليه القانون وما حصل يحتاج لنقد ذاتي

دعوى النائب عون على الشاعر شاوول تقحم الثقافة في السياسة

TT

اختلط «حابل» السياسة بـ«نابل» الثقافة في لبنان نتيجة الدعوى التي رفعها رئيس تكتل «التغيير الإصلاح» العماد ميشال عون على الشاعر والكاتب في صحيفة «المستقبل» بول شاوول على خلفية مقال كتبه بعنوان «8 آذار يعلنون لبنان بلداً معادياً». المقال «الشديد اللهجة» حيال المعارضة بكل تلاوينها وأطرافها والنظام السوري تضمن مواقف حادة ضد عون وعبارات صنفت «بذيئة«. واستتبعت بالدعوى القضائية التي بدأت أولى جلساتها الثلاثاء الماضي (11 مارس) لتؤجل الى منتصف إبريل (نيسان) المقبل. لكن ردود فعل الإعلاميين والمثقفين ـ ليس في لبنان فحسب وانما في عدد من العواصم العربية ـ جعلت القضية كرة ثلج ودفعت بمكتب العماد عون الى الاعتراض على بيان حمل عنوان «المثقفون والمفكرون يتضامنون مع بول شاوول» وجمع العديد من التواقيع، وذلك عبر بيان مضاد دعا فيه الموقعين الى قراءة مقال شاوول الذي لم يلتزم «الرد على الكلمة بالكلمة وعلى الفكر بالفكر»، وانما نسف هذا المبدأ لأن «بعض من يدعي الثقافة أقدم على الشتم والعواء. وعند ذلك لا يعود أمامنا الا اللجوء الى القضاء«. كما دعا بيان عون المثقفين الموقعين الى «الاطلاع على ما كتبه شاوول ومن ثم اتخاذ الموقف الذي يرونه مناسبا سواء بتجديد تضامنهم مع الكاتب او سحب هذا التضامن واستنكار لغة الشتم في التخاطب بين البشر».

النائب ابراهيم كنعان (تكتل التغيير والإصلاح) قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المأخذ ليس ان بول شاوول كتب وأن عون راجع القضاء بمسألة تتعلق بكرامته وسمعته وحقوقه الشرعية. هناك كلام مهين يتخطى كل المبادئ الاخلاقية والقانونية، ليس في لبنان فحسب وانما في العالم. وأنا كمحامٍ أعرف جيدا ان ما كُتب يعاقب عليه القانون». واعتبر ان الدعم الذي قدمه المثقفون الى شاوول من خلال توقيعهم على البيان يخوِّل الناس تجاوز قانون المطبوعات ويلغيه. وقال: «لا أعتقد أن أحداً في العالم يشاركهم الرأي. وفي حين ذهب ميشال عون الى القضاء، وهو الزعيم الوطني الكبير، ذهب بول شاوول الى التهويل. واعتبر ان المثقفين وكر دبابير، وليس من مصلحة أحد مقاضاتهم اذا أخطأوا. وما حصل يخرج عن إطار القانون، لا سيما عندما يعتبر البعض ان الاحتكام الى القانون مناف لحرية التعبير. من هنا عندما تم التهجم على الجنرال عون ذهب الى القضاء حيث الحصانة الأكبر لحرية التعبير. الى أين يريد المثقفون أن نذهب؟ الى شريعة الغاب؟ واين تصان حرية التعبير اذا لم يصنها القضاء؟ الحريص على حرية التعبير يعرف ان ما قام به عون هو أكبر حماية لها». ورفض اعتبار الخلفية السياسية او الاعلامية كافية بالنسبة الى المثقفين لتأييد بول شاوول مقابل دعوى عون عليه. وقال: «ما حصل كان خطأ كبيرا ويحتاج الى نقد ذاتي».

اما الشاعر بول شاوول فقال: «نحن من أشد المطالبين بدولة المؤسسات وبسلطة القضاء. نحن في عز القضاء العضومي (نسبة الى وزير العدل والمدعي العام التمييزي السابق خلال الوجود السوري في لبنان القاضي عدنان عضوم) كنا نهاجم الوصاية السورية والجنرالات الاربعة (اللواء علي الحاج واللواء جميل السيد والعميد مصطفى حمدان والعميد ريمون عازار الموقوفين في قضية اغتيال رفيق الحريري) للدفاع عن (النائب) ميشال عون. واليوم انا مع القضاء اللبناني في أي حكم يصدر بشأن هذه القضية».

واعتبر انه حقق إنجازاً من خلال دفع عون الى رفع دعوى قضائية ضده. وقال: «نحن جعلنا فريق المعارضة ينتقل من الشارع ومن حرق الدواليب واحتلال الساحات العامة الى الدولة. المفيد في الامر أن عون يعترف بالقضاء في حين انه لا يعترف بالاكثرية او بمجلس الوزراء. ولا يهتم بشلل المجلس النيابي الذي تسبب به هو وفريقه السياسي».

ونفى ان يكون هدفه من مقاله هذا وغيره من المقالات التهجم على عون بصفة شخصية. وقال: «نحن نعيش في سياق عام. لا أستطيع أن أنزع كلماتي من سياقها العام. خطاب عون كان دائما زاخرا بالشتائم والتوصيفات المهينة فقد وصف جمهور 14 آذار بالغنم ووصف نواب الأكثرية بأبناء آوى والقطط وبعبارات من تحت الزنار وما الى ذلك من مكونات قاموس السباب، إضافة الى التعرض للبطريرك نصر الله صفير والرئيس فؤاد السنيورة وبعبارات لا علاقة لها بالأدب. وكذلك دأب على الغاء الناس وشتم الصحافيين وجها لوجه عندما لا يعجبه السؤال. هذا الجو الذي اوجدوه هو الدافع الى مثل هذه الكتابة». أما عضو الهيئة المركزية في «التيار الوطني الحر» سيمون أبي رميا فقال: «بكل صدق افهم النقد الذي يوجه الى الجنرال. ولا مانع من ان يلجأ الى القضاء كل من يشعر ان في كلام عون ما يمس بكرامته. من هذه الرؤية نحن لم نعتبر ان ما كتبه شاوول هو تحليل لموقف سياسي وإنما هو كلام استعمل ضد ممثل الامة. ولم يكن هناك أي موجب للانحدار الى هذا المستوى من التشبيه». الا أن شاوول يرد بالاصرار على انه انتقد كل من يعتبره جديرا بالانتقاد. وقال: «انتقدت حزب الله وعدداً كبيراً من رموز المعارضة. وانتقاد عون يأتي في سياق هذه المنظومة وليس في سياق شخصي. واعتبر ان لكل كاتب اسلوبه، مشيراً الى انه ليس محللاً سياسيا ولا يكتب مقالا محايدا، انما هو شاعر ولكتابته هوية خاصة ومختلفة. وحرص أبي رميا على الفصل بين حرية التعبير ومستوى التعبير ومسؤوليته، وقال: «حرية التعبير مقدسة، لكنها أيضا تعني مسؤولية التعبير. وأضاف: «الإشكال مع اعلام المستقبل ليس الانتقادات التي توجه الى الجنرال عون في إطار الكباش السياسي وتبقى مقبولة، انما في التعابير البذيئة لا سيما اذا صدرت عن كاتب نحترمه ونتابع كتاباته». في المقابل، يؤكد شاوول انه لم يكن البادئ بالهجوم وانما كان هدفاً لحملة منظمة. فهو صنف «عميلا صهيونيا» على أحد المواقع الالكترونية ولمدة اسبوعين تعرض الى كل انواع الهجوم لأنه كتب مقالا نقديا ضد «حزب الله».