ماكين يبدأ من العراق جولة في الشرق الأوسط وأوروبا

الحزب الجمهوري يأمل أن يوضح تقدمه على منافسيه الديمقراطيين في السياسة الخارجية

TT

ضمن جولة من المقرر ان يعقد خلالها سلسلة من اللقاءات مع زعماء في دول منطقة الشرق الأوسط وأوروبا سيزور السناتور جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الاميركية المقبلة، العراق للوقوف بنفسه على أثر استراتيجية زيادة القوات الاميركية في العراق، وهو الاقتراح الذي أيده بقوة وتتوقف عليه طموحاته في الوصول إلى البيت الأبيض. ويرى محللون ان الزيارة تعتبر بمثابة إعداد خارجي لماكين وايضا خطوة تهدف إلى دعم موقفه لدى الناخبين الاميركيين على الصعيد الخارجي. بزيارته بغداد، يعود ماكين إلى المدينة التي أدت إلى تعثر حملته الرئاسية في مراحلها المبكرة واستعادتها النشاط في مرحلة لاحقة. وكان ماكين قد قال في نيو هامبشير الأسبوع الماضي انه سيستمع إلى قادة العراق والجنرالات الاميركيين بغرض صياغة السياسات ذات الصلة، إلا ان زيارته تدعم الرسالة التي ظل يرددها خلال حملته: «إننا نحقق نجاحا في العراق». كما انه كان قد أكد مرارا ان استراتيجية زيادة القوات حققت النجاح المطلوب، وقال أيضا الشهر الماضي انه إذا لم ينجح في إقناع الاميركيين بنجاح الحرب فإنه سيخسر. شخصية ماكين مِألوفة في الخارج، إلا ان قادة إسرائيل والأردن وفرنسا وبريطانيا سيلقون نظرة جديدة على مجمل طروحاته، بوصفه رئيسا محتملا للولايات المتحدة، وسيحاولون التوصل إلى معرفة ما إذا ستكون سياساته مماثلة لسياسات جورج بوش. وقد وعد ماكين باتخاذ خطوة إزاء مشكلة الاحتباس الحراري وتحدث بلهجة مختلفة عن بوش فيما يتعلق بمسألة التعذيب، الأمر الذي سيطمئن كثيرا من الأوروبيين بعد شعورهم بالقلق إزاء هاتين القضيتين. إلا انه بقي أكثر تشددا من بوش تجاه كوريا الشمالية وإيران، كما ان تأييد ماكين القوي لحرب العراق معروف لدى الجانب الأوروبي. وقال جيم شتاينبيرغ، مدير كلية ليندون جونسون للشؤون العامة التابعة لجامعة تكساس، ان القادة الذين سيلتقيهم ماكين خلال زيارته سيحاولون ان يعرفوا منه ما سيفعله عندما يصبح رئيسا للولايات المتحدة. وأضاف شتاينبيرغ قائلا ان ماكين لم يعد سيناتورا فحسب وإنما اصبح الآن مرشحا للرئاسة عن الحزب الجمهوري. ومن المتوقع ان يواجه ماكين، وهو عسكري اميركي سابق، أسئلة قاسية حول خطابه المتشدد تجاه بعض الدول. وقال وولتر ميد، الزميل بمجلس العلاقات الخارجية الاميركي، ان الاميركيين وسكان دول منطقة الشرق الأوسط أدركوا ان ماكين لا يرغب في حرب أخرى، وهذه في حد ذاتها خطوة مهمة. ويقود ماكين الوفد بصفته عضوا كبيرا في مجلس الشيوخ في بعثة تقصي حقائق، وليس كمرشح لمنصب الرئاسة. ولن يسافر معه أي من المساعدين السياسيين، كما انه تعهد بعدم مناقشة الحملة. وينوي ماكين عقد حملة جمع تبرعات في لندن يوم الثلاثاء وستدفع الحملة نفقات المساعدين الذين يشاركون في الحملة.

ويعتقد الاستراتيجيون ان صورة ماكين وهو يقف بجوار قادة العالم في العواصم العالمية ستدعم واحدة من أهم نظريات الحملة: وهي ان ماكين وحده يملك الخبرة والعلاقات في مجال السياسة الخارجية ليصبح رئيسا. ويأمل الجمهوريون في ان تؤدي الجولة الى توضيح «الهوة» بين ماكين ومنافسيه في الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وباراك اوباما. وكانت رحلة ماكين للخارج مقررة بعد الانتخابات التمهيدية الكبرى التي عقدت في 4 فبراير (شباط) الماضي، إلا انه اجّلها بسبب الانتخابات. وبعد انتهاء هذه المهمة واستمرار المنافسة في الحزب الديمقراطي قرر ماكين أن يبلغ مستشاريه انه ينوي القيام بالجولة.

وستبدأ الزيارة بالعراق، ولكن لأسباب أمنية، لم يقدم مكتب السناتور تفاصيل زيارته. وقال ماكين ان أعضاء مجلس الشيوخ سيلتقون مع المسؤولين العسكريين الاميركيين وقادة العراق في محاولة لتقييم نجاح زيادة القوات بأنفسهم.

تجدر الإشارة إلى ان نتائج دعم ماكين لزيادة القوات جاء بنتيجة متناقضة خلال حملة الانتخابات. ففي أوائل العام 2007، جعل استمرار العنف في العراق دعمه لتلك السياسة تصرفا ساذجا. وخلال زيارته الأخيرة للبلاد قبل عام تقريبا جرت السخرية منه لقوله ان سوقا عراقيا اصبح امنا خلال جولته تحت حراسة عسكرية ضخمة.

وفي الآونة الأخيرة، دعم نجاح زيادة القوات العسكرية ترشيحه. فقراره بالقيام بجولة «لا استسلام» في الصيف الماضي جعلته يبدو شخصية متبصرة. ومن المقرر ان يلتقي ماكين في القدس رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت ورئيسي الوزراء السابقين بنيامين ناتنياهو وايهود بارك. وفي لندن، سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، وفي باريس الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي.

وبالنسبة لمضيفيه الأجانب يعتبر ماكين شخصية معروفة وغامضة في آن واحد. فقد ذكر جون بولتون السفير الاميركي السابق في الأمم المتحدة في عهد بوش «لديه الكثير من المعاملات مع القادة الأجانب. ويعرفون انه يتمتع بشخصية جادة. ويعرفون انه يعرف ما يتحدث عنه. هذه الرحلة فرصة له لتجديد بعض العلاقات القديمة. إلا ان بعض تعليقات الصحف الفرنسية في باريس ولندن والقدس أثارت تساؤلات حول من الذي سيصبح رئيسا: ماكين المعتدل الذي يؤيد التجارة الحرة والجهود الرامية لمواجهة ظاهرة الدفء الحراري، أو الرئيس المحافظ، الذي تعهد بعدم السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية.

* خدمة «واشنطن بوست»ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»