اللبنانيون يستبقون الحرب ويتخذون إجراءات احترازية

البعض أعدّ جوازات السفر للهرب من ضربة إسرائيلية.. وآخرون يرون في الجنوب «الأمان» إذا اندلعت

مجندات من الوحدة الاسبانية في القوات الدولية المعززة العاملة في الجنوب (يونيفيل) يتبضعن في سوق الأحد التي تقام كل اسبوعين داخل معسكر الوحدة الاسبانية في بلدة بلاط الجنوبية وذلك لتفادي ذهاب الجنود الدوليين الى الأسواق العادية حيث يصعب تأمين سلامتهم (تصوير: خالد الغربي)
TT

يعيش اللبنانيون ساعاتهم على وقع أخبار «الحرب المحتملة». يتذكرون أيام حرب يوليو (تموز) 2006 القاسية، ويخططون لما قد يقومون به في حال عادت المدافع لتقصف من جديد. هذه الحرب أو «القدر المحتم» كما يصفها الكثير من الناس لم تتضح هويتها في أوساط اللبنانيين ما اذا كانت أهلية أو لبنانية ـ اسرائيلية، وان رجّحت كفة الثانية بعد الأحداث الاخيرة التي عصفت بلبنان من وصول البوارج الأميركية الى قبالة الشاطئ اللبناني، مرورا بعملية اغتيال القائد في حزب الله عماد مغنية، وصولا الى عملية القدس التي نفّذتها مجموعة عماد مغنية في فلسطين المحتلة. هذه الحالة العامة ترمي بثقلها النفسي والمعنوي بشكل خاص على أبناء الجنوب، حيث تتركز تحضيرات حزب الله الذي أتم «استعداداته الدفاعية» لمواجهة أي خطوة قد يقوم بها الجيش الاسرائيلي، الذي أعلن بدوره جهوزيته العسكرية للحرب. اذ تحولّت هذه الاشارات وما يرافقها من خطابات سياسية الى أدلّة قاطعة لا تشير الا الى أمر ما يحضّر في الكواليس وفي العلن. ولاستباق «هذا الحدث» لجأ أهالي مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت التي لطالما كانت الهدف الأبرز للقصف الاسرائيلي، الى اتخاذ خطوات احترازية وتدابير وقائية مختلفة. وفي هذا الاطار، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطلب على جوازات السفر في مدينة صور تضاعف ثلاث مرات منذ خطاب أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله بعد اغتيال مغنية. وفي مدينة بعلبك قدرت مصادر الأمن العام اللبناني أن نسبة استصدار الجوازات ارتفعت بنسبة 30 في المائة تقريبا. «أعصابي لم تعد تحتمل أن أعيش حربا ثانية، فقرّرت الرحيل».. هكذا تعبّر رلى مكحّل ابنة الجنوب عن الحالة التي وصلت إليها ودفعتها الى حزم أمتعتها ومغادرة لبنان برفقة ابنتها وحفيدها الى لندن، حيث تعيش أختها «علّها تمر هذه الفترة بسلام لنعود بعدها الى لبنان». ولا تنفي الأطراف السياسية اللبنانية موجة الخوف التي تسيطر على اللبنانيين. اذ أشارت كتلة التحرير والتنمية برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيانها الى «ان التحليلات التي كثرت أخيرا في شأن الأوضاع في المنطقة لا سيما في الجنوب والبقاع مملؤة بالمغالطات والمبالغات...». كما أعلن تكتّل التغيير والإصلاح برئاسة النائب ميشال عون أن «الكلام الذي نسمعه هذه الفترة عن حرب يصب كلّه في خانة التهويل». وكشف النائب وليد جنبلاط أن «اهل الجنوب يعدون جوازات السفر بالمئات استعدادا للمغادرة». وسأل عن المعلومات التي تحدّثت عن مغادرة أهل الجنوب القاطنين في الضاحية الجنوبية بالآلاف وسعيهم الى استئجار المنازل في مناطق أخرى.

هالة قبيسي التي تسكن في حارة حريك (الضاحية الجنوبية) اختصرت المسافة واستأجرت بيتا في منطقة بحمدون في جبل لبنان. وتقول «اذا وقعت الحرب سنجد مأوى جاهزا لنا». وتضيف «الحرب النفسية التي نعيشها جعلتنا في بادئ الأمر نميل الى اتخاذ قرار الانتقال الى رأس النبع في بيروت. لكن أقرباءنا في الجنوب ساهموا في تغيير رأينا باعتبار أن الجنوب هو الجهة الوحيدة الآمنة في حال وقعت الحرب الأهلية». يؤكد علي من بلدة أنصار الجنوبية حالة القلق التي يعيشها أبناء بلدته من امكانية وقوع حرب اسرائيلية. ويقول «يعبر الجميع عن أمنيتهم في المغادرة. وأقدم الميسورون منهم على استئجار بيوت في مكان آمن ولا سيما في المناطق المسيحية». ويضيف «حتى هؤلاء لم يجرؤوا على التوجه الى الجبل أو غيره من المناطق ذات الصبغة السنية أو الدرزية نظرا للخلافات السياسية المتجذرة في أوساط المجتمع اللبناني. واتجهوا بشكل أكبر نحو الأردن وسورية، حيث استأجر بعضهم منازل وأقفلوها تحسبا لأي طارئ أو أسكنوا فيها أشخاصا بانتظار ما سيحدث في المستقبل القريب».