إسلام أباد: 342 من أعضاء البرلمان الباكستاني يؤدون اليمين وسط إجراءات أمنية مشددة اليوم

20 قتيلا بينهم عرب في هجوم صاروخي في جنوب وزيرستان

TT

وسط وضع مثير للمفارقة من الأمل الكبير والشك الكثير يؤدي 342 من أعضاء البرلمان الباكستاني المنتخب حديثا اليمين اليوم في اسلام اباد، حيث المخاوف من حدوث هجوم ارهابي، بينما تفرض قوات الأمن سيطرة مشددة على جميع الطرق والأزقة المؤدية الى مقر البرلمان وسط العاصمة الباكستانية.

وستتميز الجلسة الأولى للبرلمان، التي تستمر لمدة يومين بحفل اداء اليمين وانتخاب رئيس المجلس ونائبه. ووفقا للتقاليد فان الرئيس برويز مشرف سيحضر جلسة أخرى للبرلمان بعد يومين من انتخاب رئيس وزراء البلاد.

وأصدرت قوات الأمن بطاقات أمنية خاصة لأعضاء البرلمان الجدد تسمح لهم بالدخول الى مبنى البرلمان. وأبلغ مسؤول كبير في الشرطة صحيفة «الشرق الأوسط»، ان اجراءات أمنية مشددة ستتخذ حول مبنى البرلمان صباح هذا اليوم لضمان الأمن. وقبل يوم من انعقاد جلسة البرلمان الأولى جرى تفجير قنبلة في مطعم باسلام اباد، يقع على بعد كيلومترات قليلة من مبنى البرلمان.

وستشرع الجلسة الأولى للبرلمان بالعملية التي تؤدي الى تشكيل حكومة جديدة في باكستان سيقودها حزب الشعب الباكستاني والأحزاب الحليفة له، وبينها الرابطة الاسلامية (جماعة نواز شريف). وعلى الرغم من الضغوط المكثفة والمناورات السياسية، فان حزب الشعب الباكستاني ما يزال غير قادر على تقرير من سيكون مرشحه لمنصب رئيس الوزراء.

وتقول مصادر حزب الشعب الباكستاني ان رئيس الحزب آصف علي زرداري يواجه ضغطا كبيرا من داخل الحزب لكي يصبح رئيسا للوزراء، لأن هذا هو الطريق الوحيد لابقاء الحزب سليما. ويؤدي الخلاف حول ترشيح مخدوم أمين فهيم لمنصب رئيس الوزراء الى ظهور انقسامات داخلية في حزب الشعب الباكستاني.

وقالت السكرتيرة الاعلامية في حزب الشعب الباكستاني شيري رحمن انهم سيعلنون اسم مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء قبل يوم واحد فقط من انتخاب رئيس الوزراء. وقد ابدى الحزبان الرئيسيان في المعارضة، حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الاسلامية ـ جناح نواز، اللذان فازا على التوالي بـ121 مقعدا و91 مقعدا من اصل مقاعد البرلمان البالغ عددها 342، نيتهما في تشكيل حكومة ائتلافية. كما ان رئيسي الحزبين، آصف علي زرداري زوج رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو، التي اغتيلت في 27 ديسمبر (كانون الاول) ورئيس الوزراء السابق نواز شريف، لا يخفيان رغبتهما في العمل على اعادة القضاة الذين اقالهم مشرف في نوفمبر (تشرين الثاني) الى مناصبهم في مهلة الثلاثين يوما، التي تلي الجلسة الاولى للجمعية الوطنية. وفي حال اعادتهم الى مناصبهم سيدعى القضاة للبت في شرعية اعادة انتخاب رئيس الدولة. وفي هذا السياق رأى المحلل السياسي شفقة محمود، «ان مشرف يبذل كل ما بوسعه للبقاء في الحكم، فهو يحاول تفريق خصومه كما انه ماطل في الدعوة لانعقاد الجمعية الوطنية... لكن لا يمكن الا ان يخرج خاسرا من هذه المعركة».

واعتبر رسول بكش ريس استاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم الادارية في لاهور، «ان التطلعات الشعبية هي اليوم مرتفعة جدا، وتبدو باكستان على وشك الدخول في مرحلة انتقالية ديمقراطية جديدة. فالنواب الذين سيقسمون اليمين في 17 مارس (اذار) سيشكلون المجلس الاكثر تمثيلا واعتدالا وليبرالية منذ عام 1970». واضاف ان «مشرف ليس امامه اي فرصة للبقاء بعد مواجهة مع برلمان مستقل، في وقت خسر فيه سلاحه الرئيسي بتخليه عن اللباس العسكري. ولم يعد لدى مشرف سوى خيارين: إما الاستقالة او الهزيمة في معركة حامية مع البرلمان». في هذه الاثناء تتواصل المفاوضات حول هوية رئيس الوزراء المقبل المفترض ان ينبثق عن صفوف حزب الشعب الباكستاني. وقد رفض حزب الرابطة الاسلامية ـ جناح نواز ترشيح نائب رئيس حزب الشعب الباكستاني مخدوم امين فهيم لهذا المنصب بسبب اتصالات اجراها في الاسابيع الاخيرة مع الرئيس مشرف.

من جهة اخرى ذكرت مصادر امس أن 20 شخصا على الاقل قتلوا في هجوم صاروخي استهدف أحد المنازل في مدينة وانا الواقعة في منطقة جنوب وزيرستان القبلية الباكستانية امس.

ووقع الهجوم قرب منطقة شاه نواز خيل دهوج في اقليم وزيرستان الجنوبية على الحدود الافغانية. وقال عناية الله خان أحد سكان المنطقة لرويترز، هز الانفجار المنطقة بأكملها، ونقل نحو عشرة أشخاص الى المستشفى. وذكر بعض السكان ان المصابين من العرب. وأشارت قناة «جيو نيوز» التلفزيونية إلى أن الحادث الذي استهدف منزل أحد زعماء القبائل، أسفر أيضا عن إصابة العديد من الاشخاص الاخرين. ونقلت القناة الاخبارية عن شهود عيان قولهم إن الغارة التي تضمنت استخدام سبعة صواريخ استهدفت منزل الزعيم القبلى المعروف بنور الله. وجرى نقل المصابين إلى مستشفى قريب.

وقال الناطق باسم الجيش الباكستاني الجنرال اطهر عباس، انه تلقى تقارير تشير الى انفجار، لكن ليست لديه حصيلة حتى الان. واضاف «نحاول الحصول على مزيد من المعلومات حول هذا الانفجار». وقد اقام زعيم حركة طالبان الباكستانية بيت الله محسود، الذي تتهمه السلطات باغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو في 27 ديسمبر (كانون الاول)، مقر قيادته في جنوب وزيرستان لكن في منطقة غير تلك التي سقط فيها الصاروخ، كما افاد مسؤولون امنيون.

ويشتبه في ان عناصر «القاعدة» وطالبان اعادوا تشكيل صفوفهم في المناطق القبلية في باكستان، فيما تحث واشنطن باستمرار اسلام اباد على قبول تدخل محدد الاهداف للجيش الاميركي، وهو ما ترفضه علنا اسلام اباد. وتسقط صواريخ، على الارجح اميركية، بانتظام على اهداف محددة في المناطق القبلية الباكستانية، لكن اسلام اباد تنفي على الدوام حصول هذه النيران». من ناحية اخرى صرح مسؤول ان شرطة اسلام اباد اعتقلت اكثر من 200 شخص امس، بعد مرور يوم على مقتل سيدة تركية واصابة احد عشر اخرين، من بينهم ثمانية اجانب، فى انفجار. وصرح قائد الشرطة شهيد نديم بالوش بان من بين المعتقلين طلاب مدارس دينية من المشتبه فى ان لهم صلات بمنظمات متطرفة محظورة، فضلا عن لاجئين أفغان.

وصرح بالوش لوكالة الانباء الالمانية ان وكالة التحقيقات الاتحادية سوف تعمل مع شرطة اسلام اباد فى هذا التحقيق. وكان سكرتير وزارة الداخلية كمال شاه قد صرح في وقت سابق امس، بان الانفجار الذي وقع فى المطعم الايطالي لونا كابريس ليلة امس لم يكن هجوما انتحاريا، ولكنه نجم عن شحنة متفجرة تم وضعها في ما يبدو امام المطعم. وناشدت السفارة الاميركية الرعايا الاميركيين بان يحدوا من وجودهم في الحياة العامة، ويتجنبوا المناطق التي يتجمع فيها الغربيون. واكدت المتحدثة باسم السفارة الاميركية كاي مايفيل ان «هناك اميركيين رسميين واميركيين من القطاع الخاص اصيبوا»، ولكنها قالت انها لا تستطيع ان تقدم ارقاما في هذا الصدد. وصرح متحدث باسم مستشفى بولي كلينيك التي تم نقل معظم الجرحى اليها، ان من بين الجرحى خمسة اميركيين ويابانيا وكنديا وبريطانيا.

وصرح المتحدث باسم الرئيس برويز مشرف بان الرئيس مشرف ادان الانفجار، وقال انه لا يمكن ان يكسر تصميم الحكومة على مكافحة الارهاب. ونجم الانفجار الذي وقع اول من امس عن قنبلة، ولكن تم شن معظم الانفجارات التى وقعت أخيرا من قبل مهاجمين انتحاريين.

وشهدت باكستان اكثر من 60 هجوما انتحاريا، قتل خلالها اكثر من الف شخص علي مدار الخمسة عشر شهرا الماضية. ووقعت الهجمات الاخيرة في لاهور، ولكن معظم الهجمات وقعت في المناطق القبلية المضطربة في اقليم الحدود الشمال الغربي. يذكر ان المناطق القبلية الباكستانية تعد ملاذات آمنة لمسلحي «القاعدة» ومقاتلي طالبان الذين يشنون هجمات عبر الحدود على القوات الدولية داخل أفغانستان.