أودينغا لـ«الشرق الأوسط»: موافقتي على تقاسم السلطة مع الرئيس لمصلحة البلاد بعد موجة العنف

قال إن الناس في كينيا فخورون بأوباما مثل تأثر النمساويين بشوارزنيغر

رايلا أودينغا
TT

بعد يوم من تسلمه مهامه رسميا كرئيس وزراء لكينيا، أعلن زعيم المعارضة رايلا أودينغا في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «الحاجة والضرورة هما اللتان جمعتاه بالرئيس مواي كيباكي». وأكد أودينغا أن موافقته على تقاسم السلطة مع الرئيس هو أمر «يصب في مصلحة البلاد».

ووافق أودينغا على تسلم منصب رئيس الحكومة الكينية بعد مفاوضات مضنية مع كيباكي عبر الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي أنان، لايقاف أعمال العنف الدموية التي عصفت بالبلاد واستمرت أكثر من شهر وأدت الى مقتل نحو ألف شخص وتشريد الآلاف. وعلى الرغم من أن اودينغا شدد على ضرورة «استمرار الشراكة» بينه وبين كيباكي «من اجل كينيا»، الا انه اعترف بأن هناك الكثير من الجراح التي يجب تضميدها. وقال: «هناك الكثير من التوتر... ومسؤوليتنا تكمن في ضمان دمل الجراح في أقصر وقت ممكن».

وأكد أودينغا بأن من أولويات حكومته ادخال إصلاحات شاملة وجذرية على النظام القضائي، مشيرا الى ان «الفساد سرطان ينهش كينيا ويحتاج الى عملية جراحية لإزالته». وقال ان الاصلاحات القضائية لن تكون مجرد اقالة قاض أو اثنين من منصبهما، بل عملية اصلاح شاملة.

* يبدو ما بينك وبين الرئيس اقرب الى شراكة معقدة. هل تعتقد ان يدوم شهر العسل طويلا بينكم؟ ـ يقولون ان السياسة تجمع بين أناس من مختلف الحقول. الناس يدخلون في شراكات ليس بدافع الحب وإنما بسبب ما تقتضيه الضرورة، وأعتقد ان هذا هو ما حدث في كينيا. فالحاجة والضرورة هما اللتان كانتا السبب في جمعنا لأن ذلك يصب في مصلحة البلد، لذا اعتقد ان استمرار هذه الشراكة من أجل البلد مسؤولية ملقاة على عاتقنا.

* هل تثق وكيباكي في بعضكما بعضا، وهل بوسعكما بناء الثقة؟ ـ نعم. عملنا مع بعضنا البعض من قبل. كنا في المعارضة في السابق ووصلنا الى الحكومة سويا، وكنت مسؤول حملته في الانتخابات السابقة. عندما اصيب خاطبت أنا كل الندوات الانتخابية. كما اننا عملنا بصورة جيدة وايجابية سويا، واختلفنا في وقت لاحق بشأن الدستور وافترقنا. لذا، ليس هناك سبب يمنعنا من العمل سويا اليوم. فما دام كل من نيلسون مانديلا وديكلارك قد تمكنا من العمل سوية، لا أرى مانعا من ان يعمل ريلا اودينغا ومواي كيباكي سويا.

* لكنك مع رسالة السلام هذه تواجه الكثير من المشاكل حاليا. المشكلة الرئيسية تتمثل في إعادة الذين اخرجوا من ديارهم بالقوة. كيف ستتمكن من القيام بهذه المهمة؟ ـ هذا هو التحدي ويتطلب التعامل معه على اعتباره حالة طارئة.. مرحلة إعادة البناء تشكل تحديا حقيقيا. نحن في حاجة الى توفير الموارد اللازمة لإعادة الإعمار لإعادة توطين النازحين. ونحتاج ايضا الى تحقيق المصالحة بين جماعات السكان التي حاربت بعضها بعضا وحرقت مساكن بعضها بعضا، الأمر الذي أودى بحياة البعض. هناك الكثير من التوتر والاستقطاب بين هذه الجماعات، وتكمن مسؤوليتنا في ضمان دمل الجراح في أقصر وقت ممكن.

* هناك نوعان من الضحايا. اولئك الذين اخرجوا من ديارهم عنوة، والـ 1200 شخص الذين لقوا حتفهم. كيف ستعوضون هؤلاء؟ ـ نحن لا نتحدث فقط عن الذين يقيمون الآن في معسكرات النازحين، وإنما نتحدث عن الذين فقدوا المعيل الذي يوفر لهم لقمة العيش. هناك أطفال أصبحوا يتامى ونساء أصبحن أرامل، وهؤلاء في حاجة الى رعاية لأن بعضهم ليس في المعسكرات ولا يملكون أي شيء. وهناك ايضا جرحى لا يزال بعضهم في المستشفيات يتلقى العلاج، ويقدر عددهم بالآلاف. فإذا افترضنا ان عدد القتلى 1500، فإن عدد الجرحى يقدر بثلاثة أضعاف هذا العدد. تكاليف العلاج مرتفعة في المستشفيات في نيروبي ومومباسا وناكورنو وناكورنو والدورات وكيسومو. ظللنا نسدد تكاليف العلاج وهي تكلفة عالية.

* عندما تقول «نحن»، هل تقصد حزبكم ام تقصد الحكومة؟ ـ اقصد الحزب.

*حزبكم؟ ـ نعم. تحملنا تسديد تكاليف العلاج لبعض المستشفيات لعلاج اشخاص اصيبوا بالشلل من جراء التعرض لإطلاق النار وهؤلاء يحتاجون الى رعابة طبية ضرورية. سنعيد تشييد المنازل التي هدمت. وثمة حاجة ايضا الى مساعدة سكان المناطق التي شهدت نزوحا في حراثة الأرض وغرس البذور، خصوصا ان هذا الوقت يصادف الموسم الزراعي.

* كينيا فقدت 90 بالمائة من السياح بسبب أعمال العنف. ـ كنت في منطقة الساحل خلال عطلة نهاية الاسبوع وكان هناك 20 سائحا في الفندق الذي كنت انزل فيه وهو يتسع لـ 400 شخص... خلال هذه الفترة عادة ما تزدحم فنادق ماليندي بالسياح بنسبة تتراوح بين 80 و90 بالمائة من طاقتها. اما الآن فإن هذه النسبة لا تتعدى 5 بالمائة، الأمر الذي اضطر بعض الفنادق الى الإغلاق وأدى ايضا الى تسريح الكثير من العاملين فيها. نحن في حاجة إلى بذل جهود بهدف مساعدة قطاع السياحة على الخروج من وضعه الراهن.

* كيف ستنجحون في ذلك؟ هل تنعم كينيا بالأمن حاليا؟ ـ هذا هو السبب الذي دفعني إلى إطلاق مناشدة عندما ذهبت في الآونة الأخيرة الى مومباسا اكدت خلالها ان كينيا مستعدة الآن لاستقبال السياح مجددا. قابلني السفير الصيني في اليوم التالي بعد ان رأى صورتي في صحيفة وقال لي ان أبلغ حكومته بأنه بات بوسع السياح السفر الى كينيا. في الوقت الذي كنا نتحدث خلاله كان هناك وفد في برلين لحضور اسبوع السياحة. ضم الوفد عضوين من حزبنا، وكان في الواقع وفدا مشتركا هدفه بذل جهد مشترك لإعادة النشاط السياحي في كينيا الى سابق عهده.

* كانت هناك انتخابات في ديسمبر الماضي زعمت انك فزت فيها وان حزبك كان في المقدمة ثم اندلعت بعد ذلك أعمال العنف. حدث شيء مماثل بين آل غور وبوش، ماذا كان سيحدث اذا قرر آل غور ان يفعل ما فعلته انت؟ ـ الظروف هنا مختلفة. صحيح انه كانت هناك بعض التجاوزات في الانتخابات. حتى لجنة الانتخابات اعترفت بذلك ورئيس اللجنة أكد هذه المسألة، وعندما سئل عما اذا كان كيباكي هو الفائز، أجاب قائلا بأنه ليس متأكدا. ـ في حالة بوش احيلت القضية الى محاكم فلوريدا. وأميركا معروفة بتاريخها الطويل في النظام القضائي ومحاكمها تحظى بالاحترام. في نهاية الأمر قبل آل غور قرار المحكمة وأكد انه لا ينوي الذهاب الى أبعد من ذلك. في حالة قضيتنا كان لدينا خيار الذهاب الى المحكمة ولكن بالنظر الى ما ظهر حتى قبل إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس كان كبير القضاة في مقر الرئاسة قبل يوم من الإعلان يوم 29 ديسمبر ويوم 30 ديسمبر كان هناك لمدة 5 ساعات.

* هل تقصد أن النظام القضائي ليس جديرا بالثقة؟ ـ من وجهة نظرنا كان جزءا من آليات التلاعب في الانتخابات، وهذا هو السبب في اننا كنا ندرك اننا لن نحظى بأي استماع عادل أمام المحكمة.

* هل القاضي المقصود لايزال يعمل؟ ـ انه رئيس القضاء.

* حتى الآن؟ ـ قلت في ذلك الوقت ان المثول امام محكمة لا يعدو ان يكون مثل استئناف ماعز امام محكمة ضباع وتتوقع العدل رغم ذلك.

* هل ستحاولون إقالته ؟ ـ سندخل إصلاحات على النظام القضائي، وهو امر اكثر اتساعا من مجرد إقالة هذا القاضي او ذاك. فالرئيس لا يستطيع إقالة القاضي من منصبه، إذ ينبغي أولا ان يأمر بتشكيل محكمة للتحقيق حول مسلك القاضي او القضاة قبل إقالتهم. ما نريد ان نفعله ليس تعقبا او ملاحقة وإنما عملية إصلاح للنظام القضائي على نحو فاعل، ذلك ان هناك شعورا بأن القضاء يفتقر الى الاستجابة الى احتياجات البلد. اصحاب المال والأعمال يشكون من امتداد فترات التقاضي، الأمر الذي أدى الى خشية وتردد المستثمرين. لذا نحن في حاجة الى نظام قضائي يتمتع بالكفاءة وقادر على التعامل مع القضايا بالسرعة المطلوبة على نحو يمكننا من اجتذاب المزيد من المستثمرين... في بعض الأحيان تكون الديمقراطية باهظة في مراحل معينة ولا أعرف كم ستستغرق هذه المرحلة. اذا أردنا ان ننفذ اصلاحات دستورية جديدة متى نقوم بذلك؟ فنحن نعدّ لاعادة صياغة الدستور وبالتالي سيكون لنا دستور جديدا.

* متى سيحدث هذا في اعتقادكم ـ قلنا في غضون عام. كما قال الرئيس نعتقد انه يمكن أن ينجز ذلك. فلدينا في الوقت الحالي مسودة للدستور جاهزة والمسألة هي مسألة الاتفاق على بعض القضايا المختلف عليها ثم نستطيع أخذها الى الاستفتاء الشعبي.

* ما رأيك بالفساد ؟

ـ حسنا، الفساد سرطان في هذا البلد يحتاج الى عملية جراحية لإزالته.

* ما رأيك بهيلاري كلينتون؟

ـ امرأة عظيمة بآفاق عظيمة وتحمل أمتعة زوجة رئيس سابق.

* إذن هل بيل كلينتون متاع ؟

ـ أجل.

* الرئيس الباكستاني برويز مشرف؟

ـ دكتاتور عسكري تحول الى ديمقراطي رغما عنه.

* هل تجده ديمقراطيا ؟

ـ رغما عنه، أولا بسبب الظروف التي ترغمه على قبول ارادة الشعب.

* رئيس زيمبابوي روبرت موغابي؟

ـ يسبب إحراجا كبيرا للقارة الأفريقية. بليغ في خطاباته ولكنه متناقض في اطار ادارة شؤون البلاد.

* الرئيس الاميركي جورج بوش؟

ـ رئيس قوي، متدخل في وقت يستدعي التعاون في العالم. ممثل قوي للمصالح الأميركية.

* الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي؟

ـ أممي في السياسة مع شيء من الدعابة. انه أكثر شبها برئيس أفريقي.

* باراك أوباما ؟ فهو ابن المنطقة.

ـ أنيق ومتطلع ويمكن أن يكون برأيي واحدا من أعظم رؤساء الولايات المتحدة.

* اذن فأنت تدعمه ؟

ـ ليس بسبب أي نوع من العلاقة البيولوجية بيننا.

* ولكنكما من المكان نفسه؟

ـ أجل ولكنه اميركي وليس كينيا ونحن لا ندعمه لذلك السبب فقد كان بيل كلينتون المفضل دائما بالنسبة لي، وقد كنت أعني بطلا عندما قلت متاعا، أي ان الناس يقولون انها زوجة الرئيس.

* اذن فهي لا تؤخذ على محمل الجد ؟

ـ اجل ذلك ما أعنيه عندما قلت متاعا ولكن كلينتون سيكون بطلي على الدوام وهو أميركي.

* الناس هنا فخورون جدا بباراك أوباما...

ـ كما أن النمساويين كانوا متأثرين جدا بأرنولد شوارتزنيغر. وقد قام بجمع تبرعات في النمسا ولكنه بالطبع أميركي. ولهذا أعتقد أن ذلك في الواقع هو الشيء ذاته الذي يحدث هنا.