انتخابات إيران: براغماتيو المحافظين يربحون.. ومحافظو الإصلاحيين يخسرون

متكي يحضر القمة العربية بدعوة رسمية من سورية

إيرانيون في أحد شوارع طهران أمس (أ. ف. ب)
TT

أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الإيرانية ميلاً في الشارع الإيراني إلى التيارات الأكثر اعتدالا وبراغماتية، ففيما حقق التيار المحافظ «البراغماتي» بزعامة علي لاريجاني، مسؤول الملف النووي الإيراني سابقا، فوزا كبيرا عبر قائمته «الائتلاف الموسع للمحافظين» إذ فاز بنحو 60 في المائة من أعضائها، أخفق في المقابل حزب «اعتماد ملي» الإصلاحي «المحافظ نسبيا» في الحصول على أي مقعد في طهران، وذلك بالرغم من عدم إقصاء الكثير من مرشحيه من قبل مجلس صيانة الدستور، كما حدث مع باقي القوائم الإصلاحية. فيما حقق الإصلاحيون من جبهة المشاركة التي يتزعمها محمد خاتمي فوزا لا غبار عليه نظرا للظروف التي مروا بها. وكان ملحوظا أن الإصلاحيين حققوا نتائج جيدة في المدن الصغيرة. وأكدت النتائج شبه النهائية لانتخابات البرلمان الإيراني فوز المحافظين بغالبية مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدا.

ووفقا لآخر النتائج، فإن المحافظين حصدوا حتى الآن 163 مقعدا، فيما حصد الإصلاحيون 45 مقعدا، غير أن المفارقة تعود إلى أن سبب نجاح التيار المحافظ في الحصول على هذه النتيجة الكبيرة يعود إلى حزب «الائتلاف الموسع للمحافظين» بزعامة علي لاريجاني، الذي فاز من قائمة حزبه نحو 60 في المائة من مرشحيها البالغ عددهم نحو 240 مرشحا. ويعتقد على نطاق ان تقسيم المحافظين الى فريقين أحدهما «محافظ» والآخر «إصلاحي أو برغماتي» دعم موقف التيار المحافظ أكثر مما أضعفه. وفي هذا الصدد قال المفكر والصحافي الإيراني ماشاء الله شمس الواعظين لـ«الشرق الأوسط» ان فريق المحافظين «الإصلاحيين أو البرغماتيين» هو السبب الرئيسي وراء تلك النتيجة التي حققها المحافظون، غير انه يعتقد ان المحافظين الإصلاحيين أو البراغماتيين سيتجهون للتحالف مع الإصلاحيين في البرلمان للتأثير على سياسات حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، خصوصا سياساته الاقتصادية، مشيرا إلى الخلافات حول إدارة الاقتصاد والملف النووي التي نشبت بين لاريجاني وأحمدي نجاد. وشدد شمس الواعظين على ان الرابحين الأساسيين في هذه الانتخابات هم المحافظون البراغماتيون بزعامة لاريجاني، ومحمد قاليباق عمدة طهران، موضحا ان قائمتهم «الائتلاف الموسع للمحافظين»، فاز بنحو 60 في المائة من مرشحيها، وفازت القائمة المحسوبة على الرئيس الإيراني «الائتلاف الموحد للمحافظين» بنحو 50 في المائة من مرشحيها. وفي تعليقها على نتيجة الانتخابات كتبت صحيفة كيهان المحافظة على صفحتها الأولى «الشعب وضع مرة جديدة البرلمان في عهدة المدافعين عن مبادئ» الثورة. وهذا الفوز الكبير كان متوقعا في الحقيقة نظرا إلى عدم قبول ترشيح عدد كبير من المرشحين الإصلاحيين قبل الانتخابات. وكانت هذه الآلية نفسها أسهمت إلى حد كبير في فوز المحافظين في الانتخابات التشريعية التي جرت في العام 2004. غير ان الإصلاحيين لم يخرجوا خاليي الوفاض تماما حيث يأملون في الحصول حتى على 20 في المائة من المقاعد النيابية. وقال عبد الله ناصري المتحدث باسم ائتلاف الإصلاحيين «بالرغم من كل القيود نجحنا في التشويش على لعبة خصومنا». لكن في العاصمة التي يخصص لها ثلاثون مقعدا في البرلمان كان المحافظون هم الذين اجتازوا الدورة الأولى بدون صعوبات. فمع فرز نحو ثلثي البطاقات تبين ان المرشحين الـ14 الذين انتخبوا من الدورة الأولى هم جميعا من المحافظين.

وسيخوض 32 مرشحا لم تحسم نتيجتهم الدورة الثانية التي ستجرى في 18 أو 22 ابريل (نيسان) مما يترك فرصة أخرى أمام الإصلاحيين لتحقيق اختراق. وأكد ناصري ان تشكيله الإصلاحي «في وضع جيد» في العاصمة لخوض الدورة الثانية.

والاقتراع في طهران يعتبر أيضا بمثابة اختبار لتشكيلين محافظين متنافسين. ويتقاسم الائتلاف الموسع بزعامة لاريجاني معظم مرشحيه في البلاد مع الجبهة الموحدة بزعامة احمدي نجاد لكنه قرر منافسة الجبهة في العاصمة.

لكن النتائج الأولية تسجل خسارة الائتلاف في طهران بزعامة لاريجاني. فقد اقصي خمسة من المرشحين الرئيسيين من الدورة الأولى فيما انتقل مرشح واحد هو محمد خوششره بصعوبة إلى الدورة الثانية. في المقابل تم انتخاب أربعة مرشحين ينتمون إلى جناح احمدي نجاد ومسجلين على قائمة الجبهة الموحدة من الدورة الأولى فيما حقق ثلاثة آخرون موقعا جيدا للانتقال إلى الدورة الثانية. وخلافا للمحافظات حيث المواضيع المحلية تشكل أولوية، فان التصويت في العاصمة يعتبر سياسيا قبل أي شيء آخر. كما انه يسجل فشلا نسبيا لتشكيل رئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي وحزبه الإصلاحي «اعتماد ملي». فمع تقاسمه عددا كبيرا من المرشحين مع ائتلاف الإصلاحيين المدعوم من الرئيس السابق محمد خاتمي، فقد خاض منافسة معه في طهران. وخرج حزب اعتماد ملي بدون أي مقاعد في طهران، بالرغم من أنه حظي بمعاملة أفضل من ائتلاف الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور المكلف انتقاء المرشحين. وربما تكون نتائج كروبي تأثرت بالشكر العلني الذي وجهه إلى مجلس صيانة الدستور والانتقادات التي وجهها إلى أنصار خاتمي.

من جهته، قال الاتحاد الأوروبي ان الانتخابات الإيرانية التي أعلن المحافظون أمس الأحد فوزهم فيها لم تكن حرة ولا نزيهة. وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي في بيان «يعبر الاتحاد الأوروبي عن أسفه البالغ وخيبة أمله لمنع ما يزيد على ثلث الراغبين في ترشيح أنفسهم من خوض الانتخابات البرلمانية هذا العام»، وفقا لرويترز. وأضاف البيان بعد منع كثير من الإصلاحيين المعارضين للرئيس محمود احمدي نجاد من ترشيح أنفسهم في الانتخابات التي أجريت يوم الجمعة «ونتيجة لذلك لم تكن الانتخابات حرة ولا نزيهة».

ويأتي ذلك فيما أعلن رسميا في طهران ان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي سيشارك في القمة العربية التي ستنعقد أواخر هذا الشهر في دمشق، ويتوقع ان تهيمن على جدول أعمالها الأزمة السياسية في لبنان. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية علي حسيني للصحافيين «ان متكي مدعو وسيتوجه إلى دمشق»، لحضور القمة.