فرنسا: هزيمة اليمين بالانتخابات البلدية تضع ساركوزي في وضع سياسي حرج

TT

منح الناخبون الفرنسيون اليسار انتصارا باهرا على لوائح اليمين الحاكم في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية التي جرت أول من أمس. وبعد عشرة أشهر فقط على وصوله الى قصر الأليزيه، وفي أول اختبار انتخابي له، مني الرئيس نيكولا ساركوزي بهزيمة سياسية واضحة، رغم الطابع المحلي للانتخابات. والسؤال المركزي المطروح اليوم هو: ما هي النتائج التي سيستخلصها ساركوزي من هذه الهزيمة لاستعادة المبادرة والإسراع في قلب صفحة الانتخابات التي أضعفت مواقعه، وأعادت اليسار بقوة الى قلب اللعبة السياسية. وجاءت نتائج الدورة الثانية لتقوي الاتجاه الذي أشارت اليه الدورة الأولى من استقواء اليسار وانحسار الدعم الشعبي لليمين. وفي محصلة النتائج، فإن اللوائح اليسارية حصدت 49.34 بالمائة من أصوات الناخبين بينما حصلت لوائح اليمين الحاكم على 47.55 بالمائة، من الأصوات فيما بلغت نسبة الممتنعين عن التصويت سقفا غير مسبوق. وبموجب هذه النتائج، فإن اليسار الفرنسي، والاشتراكيين على وجه الخصوص، سيطروا على المدن الفرنسية الرئيسية، بما فيها العاصمة، ولم تفلت منهم سوى مدينة مارسيليا المتوسطية التي احتفظ بها اليمين بفارق ضئيل من الأصوات. وكسب اليسار مدنا أساسية مثل تولوز التي كان يديرها اليمين منذ 38 عاما وهي رابع المدن الفرنسية، وستراسبورغ المدينة «الأوروبية» بامتياز إذ أنها تستضيف البرلمان الأوروبي. ونجح اليسار في انتزاع 38 مدينة جديدة يزيد عدد سكانها على 30 ألف نسمة بينها 36 مدينة من اليمين. وفي هذه الفئة الأساسية من المدن التي يبلغ مجموعها 314 مدينة، فإن حصة اليسار تصل الآن الى 183 مدينة بينما تراجعت حصة اليمين الى 124 مدينة. ومن بين المدن الكبرى الـ37 التي يزيد سكانها على 100 ألف نسمة، فإن اليسار اصبح يسيطر على 25 مدينة بينما تراجعت حصة اليمين الى 12 مدينة فقط. وبسبب ذلك، تبدو لائحة المدن التي عاد اليسار اليها طويلة، لا بل إن اليسار فاز بمدن لم يتمكن منها بتاتا في الماضي ومنها مدينة ميتز (شرق فرنسا) التي يديرها اليمين منذ تأسيس النظام الانتخابي الحالي (صوت لكل مواطن) في العام 1848. كذلك سيطر الاشتراكيون على مدينة «كان» التي يحكمها اليمين منذ مائة عام. وبسبب تقلص شعبية اليمين، فإن عددا من الوزراء دفعوا الثمن انتخابيا. فقد مني أربعة منهم بالهزيمة وهم كزافيه داركوس وزير التعليم، وكريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد، وكريستين ألبانيل وزيرة الثقافة، وياما راد وزيرة حقوق الإنسان، فيما تفادى أربعة آخرون مصير زملائهم ومنهم رشيدة داتي وزيرة العدل، وهي من أصول مغاربية وترشحت عن الدائرة السابعة البورجوازية في باريس وهي دائرة أعطت ساركوزي أكثر من 70 بالمائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.

ومثلما هو متوقع سعت الحكومة واليمين الى التخفيف من وقع الهزيمة ومن أهمية هذه النتائج بالتركيز على «طابعها المحلي».