زعماء التبت يخشون من وقوع «مذبحة» بعد إنذار حكومة الصين للمتظاهرين

كوندوليزا رايس تدعو بكين إلى الحوار مع الدالاي لاما

معارض من التبت يعبر عن احتجاجاته باسلوبه الخاص امس (رويترز)
TT

قالت حكومة التبت في المنفى في الهند امس إنها تخشى وقوع مذبحة هائلة محتملة لأبناء التبت بعدما منحت الحكومة الصينية المتظاهرين مهلة للاستسلام قبل منتصف الليل (امس) ولذلك ناشدت المجتمع الدولي بصورة ملحة للتدخل. وقالت إدارة التبت المركزية أيضا في بيان إنها تريد أن يرسل مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة في الحال لجنة لتقصي الحقائق إلى التبت لمنع المزيد من تردي الوضع. وتتمركز حكومة التبت في المنفى ببلدة دارامسالا شمال الهند ولا تعترف بها أية حكومة. وذكر بيان صادر عن حكومة التبت في المنفى أن «الوضع الراهن في التبت خطير للغاية. نشعر بالقلق الشديد حيث أنه من المحتمل بشدة وقوع مذبحة هائلة لأبناء التبت بعد هذه المهلة». وذكر البيان «تناشد إدارة التبت المركزية بصورة ملحة المجتمع الدولي بما في ذلك الامم المتحدة والحكومات والمجالس النيابية وجماعات حقوق الانسان والمنظمات المؤيدة للتبت بأن يحثوا القيادة الصينية بشكل فعال على وقف هذا القمع فورا وإطلاق سراح جميع المعتقلين وتقديم رعاية طبية في الحال لجميع المصابين».

ومن ناحية أخرى قامت مجموعات لاجئي التبت في أنحاء الهند بمظاهرات امس أيضا للمطالبة بالتدخل الدولي مع اقتراب انتهاء المهلة التى حددتها الصين «للاستسلام».

وكان 1000 لاجئ من التبت على الاقل قد احتشدوا خارج نصب «جانتار مانتار» التذكاري بوسط نيودلهي للاعراب عن تضامنهم مع المتظاهرين في التبت وسلموا خطابا لمكتب الامم المتحدة في المدينة لمطالبة الامين العام للمنظمة بان كي مون بالتدخل ومطالبة الحكومة الصينية بوقف «القمع غير الانساني للتبتيين في التبت» وإطلاق سراح المعتقلين.

واحتشدت مجموعات صغيرة أيضا من المتظاهرين خارج السفارة الصينية ورددوا شعارات مناهضة للصين ولكنهم اعتقلوا أو قامت الشرطة بتفريقهم. ومن المقرر أن يتجمع لاجئو التبت ومؤيدوهم على اضواء الشموع طوال الليل في بومباي العاصمة الاقتصادية للهند. وفي دارامسالا التي يقيم بها أيضا الدالاي لاما الزعيم الروحي للتبت أدانت خمس منظمات تبتية غير حكومية في مؤتمر صحافي «حملة القمع العنيفة» التي قامت بها السلطات الصينية. وقال نجاوانج ويبر رئيس حركة «جوتشوسوم» للسجناء السياسيين السابقين من التبت «نخشى وقوع الاسوأ للإخوة والاخوات من أبناء التبت حيث أغلقت السلطات الصينية لاسا ونشرت أفرادا من الشرطة المسلحة وقوات في أنحاء البلاد». وقال إن هناك تقارير حول احتمال مقتل المئات وعمليات تفتيش من منزل إلى منزل واعتقالات اعتباطية وضرب في الشوارع.

من جهتها دعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس امس الصين الى بدء حوار مع الدالاي لاما الزعيم الروحي لبوذيي التيبت المقيم في المنفى من اجل وضع حد للمظاهرات العنيفة الجارية في التيبت.

وقالت رايس للصحافيين في الطائرة التي كانت تقلها الى موسكو «الواقع اننا دعونا الصينيين طوال سنوات عدة لايجاد وسيلة للتكلم مع الدالاي لاما الذي يعتبر مرجعا، وهو ليس انفصاليا، وايجاد طريقة لاشراكه وحمله على توظيف وزنه المعنوي في حل مستديم وافضل لموضوع التيبت». وتابعت «آمل ان يجدوا وسيلة للقيام بذلك الان»، وقالت «سأطرح هذه المسألة مع وزير الخارجية يانغ» جيشي.

وكانت الصين قد دعت امس التيبتيين الضالعين في مظاهرات مناهضة للصين الى الاستسلام بسرعة مشددة على انها لم تستخدم القوة في تفريق هذه التظاهرات وحملت مثيري اعمال الشغب مسؤولية مقتل 13 شخصا. وفيما سعت الصين لاظهار انها مارست ضبط النفس في ردها، قال قادة تيبتيون في المنفى ان حوالي مائة شخص وقد يكون «المئات» قد قتلوا في القمع الصيني للمظاهرات في لاسا ومنطقة الهملايا.

وسجل انتشار امني كثيف في العاصمة التيبتية لضمان عدم تكرار اعمال العنف التي وقعت الجمعة هناك كما يبدو.

لكن قوات الامن كانت تحاول الاثنين في اماكن اخرى انهاء موجة من الاحتجاجات المناهضة لبكين في غرب الصين حيث عدد كبير من السكان التيبتيين. واثر الدعوات الدولية للصين لضبط النفس وتقارير بان بعض الرياضيين قد يقاطعون الالعاب الاولمبية في بكين بسبب اعمال العنف، حمل مسؤول في حكومة التيبت المتظاهرين المسؤولية. وقال كيانغبا بونسونغ في معرض تقديمه اول حصيلة رسمية للاحتجاجات في لاسا «لقد قتلوا او احرقوا 13 مدنيا ابرياء» مضيفا ان القوات الصينية لم تطلق النار على المتظاهرين. واوضح «خلال العملية، لم تستخدم قوات الامن اسلحة قاتلة»، مضيفا «يمكنني ان اقول لكم بصفتي مسؤولا انه لم يتم استخدام اسلحة على الاطلاق. ان جيش التحرير الشعبي لم يكن ضالعا على الاطلاق في التعامل مع الحادث».

وقال ناشطون ان الشرطة الصينية اطلقت النار على حشد في سيشوان ما ادى الى مقتل ثمانية اشخاص. وقالت الحملة الدولية من اجل التيبت ان طالبا يبلغ الخامسة عشرة من العمر كان في عداد القتلى الثمانية. وبين الاحتجاجات الاخرى في غرب الصين، تقدم رهبان مسيرات شملت الاف الاشخاص في محيط دير لابرانغ، احد ابرز معالم البوذية التيبتية، في اقليم غانسو. وبدأت المظاهرات في لاسا في مطلع الاسبوع الماضي تزامنا مع ذكرى انتفاضة فاشلة ضد الحكم الصيني عام 1959. والدالاي لاما الذي غادر التيبت بعد انتفاضة عام 1959 تحدث الاحد من منفاه في الهند منتقدا «نظام الرعب» الصيني في التيبت. وقال رئيس وزراء التيبت في المنفى سامدونغ رينبوش امس ان حوالي مائة شخص قضوا في قمع المظاهرات الاخيرة، فيما اشار البرلمان في المنفى الى سقوط مئات القتلى. وقد منعت الصين الصحافيين الاجانب من دخول لاسا وطردت السياح ما جعل من المتعذر تحديد ما يحصل من احداث بدقة. لكن احد سكان لاسا قال لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف امس ان المدينة لا تزال تشهد توترا كبيرا. وقال رجل يدعى جيا ان «الوضع خطير والناس خائفون. الدبابات في الشوارع والناس هنا لا يغادرون منازلهم لان الحكومة طلبت منا ابقاء ابوابنا مغلقة». وحددت السلطات الصينية مهلة تنتهي في منتصف ليل الاثنين للتيبتيين الضالعين في اعمال العنف للاستسلام وحذرت الناس الذين يقومون بايوائهم من انهم سيعاقبون.

وقال كيانغبا «هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم خطيرة سيتم التعامل معهم بقسوة» وحث التيبتيين على الابلاغ عن بعضهم البعض. واوضح «اذا ما استسلموا فسيعاملون برأفة. واذا قدموا معلومات عن اشخاص آخرين شاركوا في الاضطرابات سيعاملون ايضا بمزيد من الرأفة».

وكان نائب رئيس اللجنة الاولمبية الدولية توماس باخ قد قال في مقابلة صحافية ان عددا من ابرز الرياضيين يفكرون في مقاطعة دورة الالعاب الاولمبية الصيفية في بكين في اغسطس (اب) المقبل بسبب اعمال العنف. وقال الالماني باخ لصحيفة «بيلد ام سونتاغ» اول من امس ان «بعض النجوم الرياضيين يشعرون بانزعاج حين يفكرون بالالعاب الاولمبية. حتى ان بعضهم يفكرون بالغاء مشاركتهم». وقال الدالاي لاما ان الالعاب الاولمبية يجب ان تنظم لكن يجب تذكير الصين «بان تكون مضيفا جيدا». من جهة أخرى، ذكر مسؤول امس ان الصين أوقفت إصدار تصاريح إلى الاجانب للسفر إلى إقليم التبت الصيني الذي يتمتع بحكم ذاتي فيما زعمت جماعة منفية من التبت أن اعتقالات واسعة وقعت في العاصمة لاسا وذلك قبل انقضاء مهلة من المقرر أن يسلم المتظاهرون أنفسهم بعدها إلى الشرطة في العاصمة.

وقال تشيانجبا بونكوج رئيس حكومة الاقليم للصحافيين في بكين إن مسؤولين منعوا إصدار تصاريح سفر للتبت على خلفية مخاوف أمنية، ويذكر ان مثل تلك التصاريح غير ضرورية للسفر لأية منطقة أخرى في الصين.

ونقلت وسائل إعلام حكومية عن جو جيناهاو رئيس مكتب الشؤون الخارجية بالاقليم قوله: «نطلب كذلك من السياح الاجانب المتواجدين في التبت مغادرة (الاقليم) خلال الايام المقبلة». وقالت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» الالمانية إن موظفي منظمات غير حكومية دولية تلقوا أوامر بمغادرة مدينة لاسا عاصمة إقليم التبت امس مما أثار مخاوف من أن تشدد القوات من حملتها الضارية ضد المتظاهرين فور انقضاء المهلة النهائية الممنوحة لهم لتسليم أنفسهم بحلول منتصف الليل. وذكر مركز حقوق الانسان والديمقراطية في التبت ومقره الهند امس أن قوات الشرطة غير النظامية اعتقلت بالفعل مئات من سكان التبت خلال عطلة الاسبوع في مدينة لاسا.

وتردد أن الشرطة اعتقلت جميع السجناء السياسيين السابقين وأجرت عمليات تفتيش من منزل إلى منزل حيث ركزت على شبان الاقليم. وقال تشيانجبا بونكوج إن 13 شخصا قتلوا منذ اندلاع أعمال الشغب في مدينة لاسا يوم الجمعة الماضي ورفض التقارير التي أصدرتها حكومة التبت في المنفى تؤكد فيها وفاة 80 شخصا على الاقل في المدينة. وقالت عاملة صينية في فندق دولي إن اصدقاءها في لاسا أبلغوها بأن الشرطة تقوم بفحص بطاقات الهوية من منزل إلى منزل. وأفاد عدد من جماعات مواطني التبت في المنفى بوقوع عدد من الاحتجاجات الجديدة في أديرة بلدات أخرى في مناطق التبت في الصين.