ملف أسلحة الدمار الشامل.. مثار جدل سياسي في لندن وينتظر تحقيقاً علنياً

تضمن ادعاء بقدرة بغداد على إطلاق صاروخ نووي في ظرف 45 دقيقة

TT

من أبرز المبررات التي استخدمت لشن الحرب على العراق عام 2003 المخاوف من استخدام نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، اسلحة نووية ضد معارضيه. وفي الاشهر الساخنة قبل نشوب الحرب، ظهرت تقارير كثيرة حول امكانات العراق العسكرية والنووية، أبرزها «ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية» الذي أصدرته الحكومة البريطانية في سبتمبر (ايلول) 2002 يعرض أسباب تأييد حكومة رئيس الوزراء البريطاني حينها توني بلير للولايات المتحدة في خوض الحرب. وتضمن التقرير تفاصيل مختلفة عن «التهديد العراقي»، ولكن كان ابرزها ادعاء ان «لدى العراق خططاً عسكرية لاستخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، بما فيها ضد شعبه من الشيعة، وبعض هذه الاسلحة يمكن اطلاقها بعد 45 دقيقة من اعطاء الامر». وأصبحت عبارة الـ«45 دقيقة» من اشهر العبارات التي مثلت اولا الخطرَ المفترضَ من العراق آنذاك على السلم العالمي، وثانياً الانتقادات لأجهزة الامن الاميركية والبريطانية للمبالغة في التهديد الذي يشكله العراق، مما دفع الى الحرب. وما زالت مجموعات معارضة للحرب؛ وعلى رأسها «تحالف اوقفوا الحرب» العالمي، تطالب باجراء تحقيق عام وشامل في اسباب الحرب، وخاصة وضع الملف المشهور الذي ظهر لاحقاً انه ليس مبنياً فقط على تقييم اجهزة الاستخبارات والعلماء، بل تدخل فيه مكتب بلير ومسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية جون ويليامز. وبمناسبة مرور 5 اعوام على الحرب في العراق، تعالت الاصوات المعارضة للحرب مجدداً لإجراء تحقيق شامل في لندن، مما جعل رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون يعلن اول من امس عن استعداده لإجراء مثل هذا التحقيق في وقت لاحق. وتعتبر هذه خطوة مهمة وتحولا في موقف الحكومة البريطانية التي كانت ترفض تحت رئاسة بلير فتح تحقيق شامل في اسباب الحرب. ونقلت صحيفة «ذا اندبندنت» عن رئيس الوزراء براون قوله ان «الوقت سيأتي حين سيكون من الملائم اجراء تحقيق». وأضاف في رسالة موجهة الى ساندر كاتوالا، امين عام مؤسسة «فابيان» المقربة من حزب العمال الحاكم، ان «هناك حاجة لتعلم كل الدروس الممكنة من العمليات العسكرية في العراق والمرحلة التي لحقتها». وجاءت الرسالة رداً على مطالبة كاتوالا باحياء الذكرى الخامسة للحرب باجراء التحقيق. ولكن براون لفت الى ان الوقت لم يحن بعد، اذ أن الوضع في العراق ما زال «حساساً»، وان «كل جهود الحكومة والقوات المسلحة موجهة لدعم الشعب العراقي وحكومته، وهم يعملون على مستقبل مبنيٍّ على المصالحة والديمقراطية والازدهار والأمن». يُذكر ان لجاناً بريطانية عدة أجرت حتى الآن 4 تحقيقات في قضية الملف حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، أولها أجرته لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني في يوليو (تموز) 2003 وبرأ مساعد توني بلير الإعلامي أليستر كامبل من المبالغة في الملف. كما أجرت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان تحقيقاً في الملف وبرأت كامبل محدداً، ولكنها خلصت الى ان الملف «كان غير متوازن عام 2003». وادت وفاة العالم البريطاني، ديفيد كيلي، الى تحقيق مستقل في يناير(كانون الثاني) 2004 بعدما اثيرت شكوك حول وفاة كيلي الذي شكك في الملف، إلا ان التحقيق وجد ان وفاته كانت حادثة، وبرأ الحكومة مجدداً، ولكن كان تحقيق «باتلر» الذي أجرته لجنة مستقلة في يوليو(تموز) 2004 أكثر انتقاداً في تدقيقها في المعلومات الاستخباراتية البريطانية حول اسلحة الدمار الشامل العراقية. واعتبرت ان الاستخبارات فشلت في التأكد من مصادرها. ولكنها برأت ايضاً الحكومة، معتبرة ان أخطاء حكومة بلير كانت حسنة النيات.