استراتيجية الحرب الأميركية.. فشل في شق حلقة صدام ونجاح في «تحييد» ضباط

مبالغ مالية لقيادات عسكرية.. وحرب إلكترونية سبقت الاجتياح البري

TT

قبيل شن العمليات البرية في 20 مارس (آذار) 2003 كانت استراتيجية الحرب الاميركية تركز على اقناع مسؤولين عسكريين ومدنيين عراقيين على الاستسلام، وخلق عمليات هروب ذات وزن مؤثر، تقوض النظام وتسقطه من دون الحاجة الى اجتياح بري. الا ان مسؤولي الاستخبارات الاميركيين استنتجوا ان المقربين من صدام لن يتخلوا عنه.

وهذا ما جرى فعلا، اذ بدل ان تصادف القوات الاميركية، وهي تشق طريقها من الجنوب نحو الشمال، عمليات استسلام جماعية فانها وجدت نفسها في غمار معركة تلو أخرى. وفيما لجأت القوات الاميركية الى اسلوب الحرب الدعائية والالكترونية، بارسال رسائل عبر الهواتف الجوالة والفاكسات والبث الاذاعي، لاقناع كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين بالانشقاق، ظلت الحلقة المقربة من صدام متماسكة، لاسيما ان جهاز استخبارات صدام كان يراقب بدقة كل الاتصالات.

وقال مسؤول استخبارات اميركي في حينه، ان أكبر إغراء للقيادات العراقية كان «الوعد بعدم قتلهم»، لكنه لم يستبعد عرض مبالغ عليهم وهذا ما تم، اذا صرح تومي فرانكس قائد القيادة الوسطى الاميركية بعد استقالته في مايو (أيار) 2003 في مقابلة مع نشرة «ديفينس ويكلي» (الدفاع الأسبوعي) انه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقي اثناء الحملة الأميركية وحصار بغداد للتخلي عن مراكزهم القيادية في الجيش العراقي.

وامضت الاستخبارات الأميركية سنوات عديدة في تحليل الشخصيات القيادية العراقية، بحثا عن نقاط الضعف او علامات على عدم الولاء. وفي الأسابيع التي سبقت الحرب كثف مسؤولو البنتاغون ووزارة الخارجية الاميركية جهودهم للوصول الى الشخصيات القيادية في نظام صدام، من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل الالكترونية، اضافة الى توظيف خطابات الرئيس جورج بوش. كما القي وبشكل متواصل أكثر من 25 مليون منشور عبر الطائرات، إضافة الى بث إذاعي باللغة العربية عبر خمس موجات.

وتعرض البنتاغون لانتقادات بسبب اعتماده على تقييمات استخبارية مفرطة في التفاؤل، كان مصدرها الأساسي مجموعات المعارضة العراقية حينذاك، اوهمته بأنه سيكون هناك استسلام جماعي للقوات العراقية، وان العراقيين سيستقبلون القوات الأميركية «المحررة» بالزهور. من جانبهم، دافع مسؤولو الاستخبارات عن تقييماتهم وقال أحدهم ان وكالات الاستخبارات «لم تكن مفرطة في التفاؤل.. كان هناك نقاش ايجابي حول كل القضايا، من سيبقى مع النظام؟ من سيهرب؟ ومن سيقاتل». واضاف ان «صقور» الادارة لم يكونوا مستعدين للاستماع الى التقييمات المتشائمة.

وفيما يتعلق بـ«تحييد» قادة الوحدات العسكرية العراقية، أقر ضابط سابق برتبة عقيد في جيش صدام بأنه كان لرسائل الفاكس والبريد الالكتروني الموجهة الى القيادات العسكرية اثر كبير، على معنويات كبار الضباط. وقال العقيد الذي كانت قواته متمركزة في العمارة، ان التفكير في الانصراف الى المنازل سرعان ما راودهم.