مبادرة إماراتية كادت أن تحول دون الحرب لولا «إجهاضها» في شرم الشيخ

قصة المهمة الروسية السرية في بغداد.. والمليار دولار التي «طلبها» صدام

يفجيني بريماكوف والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
TT

فيما كانت أميركا وبريطانيا تســـتكملان اســـتعداداتهما للاجتياح العسكري للعراق في فبراير (شباط) 2003، كانت هناك مساع دبلوماسية محمومة لتفادي الحرب ومبادرات كانت تدور كلها حول إقناع صدام حسين بالتنحي وتجنيب بلاده والمنطقة حربا لا تحمد عقباها.

ولعل من أبرز هذه المبادرات تلك التي أطلقها رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والتي كانت بمثابة «حبل نجاة» لصدام. وحسب مصادر اماراتية، فان المبادرة لقيت قبول الأطراف الأساسية، لكنها أجهضت في قمة شرم الشيخ العربية الطارئة التي عقدت في فبراير(شباط) وقبل أسابيع من الحرب التي بدأت في 20 مارس (آذار) 2003.

وكشفت مصادر إماراتية لـ«الشرق الأوسط» أن التفاوض كان يتم بعلم صدام الذي التقى شخصيا أطرافا إماراتية في لقاءات رتبها وسيط عراقي. وقال مصدر ان صدام بعد أن اطلع على تفاصيل المبادرة اختار سكرتيره الشخصي عبد حمود المحتجز حاليا لدى القوات الاميركية ممثلا شخصيا له في مناقشة مبادرة الشيخ زايد، وان الرئيس المخلوع اشترط لقبولها أن تأتي من القمة العربية الطارئة في شرم الشيخ؛ وهو ما لم يحدث بسبب اعتراض اطراف على توقيتها وبدعوى ان القمة لم تطلع عليها بوقت كاف. ونصت المبادرة على ان تنحي صدام وذهابه الى المنفى مقابل ضمانات بعدم ملاحقته وتوكيل شؤون العراق الى لجنة خبراء من الجامعة العربية والامم المتحدة تشرف على انتخابات عامة في العراق خلال ستة أشهر.

روسيا ايضا دخلت على خط الوساطات. ففي 22 فبراير (شباط) حط يفجيني بريماكوف في بغداد مبعوثا من الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين في مهمة وصفت بـ«السرية». وفي 16 ابريل (نيسان) كشف بريماكوف رئيس الوزراء الاسبق، لـ«الشرق الأوسط» ان مهمته كانت إقناع صدام بالتنحي. وقال انه التقى صدام على انفراد باستثناء المترجم بل ان ينضم اليهم نائب رئيس الوزراء العراقي في حينه طارق عزيز ورئيس البرلمان سعدون حمادي. وقال بريماكوف انه ابلغ صدام «بضرورة التنحي عن منصب الرئيس بوصفه الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تسفر عن انقاذ العراق». وأضاف بريماكوف انه في نهاية اللقاء «نهض صدام حسين من مقعده ليربت على كتفي مغادرا القاعة من دون تعليق».

وبالتزامن مع كل هذه التحركات، تحدثت تقارير عن ان صدام «ابدى استعداده للتوجه الى المنفى اذا استطاع ان يأخذ معه مليار دولار». وحسب مصادر اسبانية، فان هذا «الاستعداد» نوقش في اجتماع جرى في 22 فبراير 2003 بين الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسباني وقتذاك خوسيه ماريا أثنار في مزرعة الرئيس الاميركي في تكساس. وحسب وقائع الاجتماع التي نشرتها صحيفة «الباييس» الاسبانية، فان بوش وجد ان هذا السيناريو سيكون «افضل حل بالنسبة لنا»، لكنه مع ذلك توقع أن «يكون في بغداد في نهاية مارس» 2003. وحسب نفس المصدر، فان بوش وردا على سؤال من أثنار حول احتمال ان يذهب صدام الى المنفى، قال «أجل ان هذا محتمل، كما انه من المحتمل ان يجري اغتياله». وأضاف بوش انه في كل الأحوال لن يكون هناك «ضمان» بالنسبة لصدام.