مستشار البشير لملف دارفور: الحركات المسلحة مشغولة بصراعاتها الداخلية وليس بالسلام

عبد الله علي مسار قال لـ«الشرق الأوسط»: قادة المعارضة التشادية موجودون في السودان كأفراد وليس عسكريا

TT

استبعد مستشار الرئيس السوداني عبد الله علي مسار قيام الجولة الثانية من المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور القريب العاجل، وحمل الحركات المسلحة في الاقليم المضطرب مسؤولية التعطيل الحاصل طوال هذه المدة. وقال: «الفصائل مشغولة بصراعاتها القبلية والشخصية وليس بالسلام في دارفور»، ومضى: «لذلك لا احد يدري متى ستعقد الجولة الجديدة».

وأكد مسار في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» ان الحكومة جاهزة اليوم قبل غد للدخول في الجولة الجديدة من المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الافريقي والامم المتحدة. وفي اتجاه اخر، قال ان السودان وتشاد، باتا الان اكثر استعداد لتسوية التوترات والخلافات بينهما، نظرا لنشوء ظروف جديدة في المنطقة تتمثل في نشر القوات الافريقية الاممية المعروفة باسم «يوناميد» لحفظ السلام في دارفور، ونشر القوات الاوربية المعروفة بـ«يوفور» في شرق تشاد لحماية النازحين السودانيين في تشاد.

وحسب مسار، وهو من بين فريق الحكومة السودانية الذي يدير ملف دارفور، فان اتفاق انهاء التوتر بين السودان وتشاد الذي وقعه الرئيسان السوداني عمر البشير والتشادي ادريس ديبي في اطار اعمال القمة الاسلامية في العاصمة السنغالية داكار الاسبوع الماضي قابل للتنفيذ، «فقط يحتاج الامر الى التزام من الطرفين»، وقال ان «الاتفاق هو امتداد لاتفاقات طرابلس بين الرئيسين تحت رعاية الزعيم الليبي معمر القذافي، وباريس تحت رعاية الرئيس الفرنسي السباق جاك شراك، واتفاق الرياض على هامش القمة العربية في الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله». وطبقا لمسار فان من اهم بنود الاتفاق انشاء الية من خمس دول لمتابعة تنفيذه عبر اجتماعات شهرية.

ويعتقد مسار، الذي شارك في اجتماعات الرياض التي انهت باتفاق الرياض بين الرئيسين البشير وديبي، ان من عوامل نجاح تنفيذ الاتفاق سعي الحكومة التشادية لحل مشاكلها الداخلية مع المعارضة التشادية «لان المشكلة تبدو واضحة وحلها مهم لعملية الاستقرار بين البلدين»، وقال مسار ان الحكومة التشادية من ناحية اخرى لابد ان تلتزم وتوقف نشاط المعارضة السودانية المسلحة داخل اراضيها، وقال: انها موجودة هناك وتنطلق من هناك الى داخل السودان.

ونفى مسار اي وجود عسكري للمعارضة التشادية في السودان، وقال: «هم الان داخل تشاد والحكومة التشادية تعرف اين يوجد معارضوها». وعن وجود قيادات المعارضة التشادية في المدن السودانية خاصة العاصمة الخرطوم، قال مسار «نحن لا نتحدث عن افراد نحن نقول بعدم وجود قوات تتبع للمعارضة التشادية داخل السودان»، وشدد: «لن نسمح لأية قوات بالتحرك او الوجود داخل اراضينا».

وقال مستشار الرئيس السوداني: حدودنا مقفولة تماما امام اي نوع من النشاط العسكري ضد تشاد، والدليل هو وقوع الصدام بين القوات السودانية المرابطة على الحدود مع مجموعة من قوات يوفور اخيرا ما نتج عنه مقتل الجندي الفرنسي واصابة اخرين، فضلا عن مقتل الرعاة الذين حاولوا انقاذ الجندي قبل موته في العراء البعيد على الحدود. واستدرك مسار «ولكن لدينا معلومات اكيدة بان الحركات المتمردة من دارفور تتحرك في اي مكان في تشاد بل تعمل على حماية النظام التشادي ومن بين تلك الحركات حركة العدل والمساواة المسلحة».

وحول ضمانات التزام الطرفين بتنفيذ الاتفاق، قال مسار ان «السودان وتشاد الان على استعداد اكبر لقبول اي تسوية للتوترات بينهما»، واضاف: ان «نشر القوات الاوروبية يوفور شرق تشاد لحماية اللاجئين السودانيين، ونشر القوات الافريقية الاممية يوناميد لحفظ السلام في دارفور يحتمان على الدولتين العمل سويا لانهاء التوترات وبالتالي يعني ذلك التعجيل بانهاء وجود تلك القوات على اراضيهما لسنوات طويلة، كما انه من الضروري ان يعمل الطرفان بشكل مشترك لتحييد القوتين اليوفور ويوناميد».

وعن اسباب عدم تنفيذ الاتفاقات السابقة رغم زخمها الاقليمي والدولي والثنائي، قال مسار ان «عدم الثقة بين البلدين والشكوك هي السبب.. فقد وصل التوتر في بعض الاحيان حد التلويح بالحرب، كما ان التداخل القبلي في الدولتين اللتين بينهما نحو 26 قبيلة مشتركة من الاسباب، التي جعلت من السهل ان تحدث الخروقات هنا وهناك وتحسب فيما بعد ضد الاتفاقات».

وحول موعد الجولة الثانية من مفاوضات دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور، قال مستشار الرئيس السوداني ان «المواعيد غير معروفة للحكومة او الحركات او الوسطاء»، وحمل الحركات المسلحة مسؤولية عدم مواصلة المفاوضات منذ الجولة الاولى التي جرت في سرت الليبية في سبتمبر (ايلول) الماضي، وتساءل مسار اين هي الحركات الان، وقال: انها الان تتشقق وتتناحر بعضها البعض، واضاف: «هي السبب في كل هذا التاخير»، ومضى ان حركات دارفور ليس بينها رابط فكري او سياسي مشترك يسمح لها بخوض عملية السلام برؤية موحدة تنتهي الى اتفاق سلام.

وقال مسار ان حركة عبد الواحد محمد نور تقول شيئا لتاتي حركة العدل والمساواة وتفعل شيئا مغايرا. وحسب مسار فان «قضايا دارفور واضحة ولكن هذه الحركات لم تخرج اصلا لحلها بقدر ما خرجت لحل مشاكل قبلية او قضايا شخصية»، ولم يخض في تقاضيلها.

ويرى مسار ان الاوضاع في دارفور صالحة الان لاجراء الانتخابات العامة ضمن باقي مناطق انحاء القطر خلال العام 2008 حسب اتفاق السلام بين الشمال والجنوب الموقع عام 2005. وطبقا لمستشار الرئيس البشير، فان كل الدلائل تشير الى ان الانتخابات ستقوم في موعدها المحدد في الاتفاق. واشار الى ان «التاجيل لن يتم الا برضا الطرفين وهما حتى الان لا يرغبان فيه».