أمير الكويت يحل البرلمان ويدعو لانتخابات مبكرة بعد شهرين

الوزير المحيلبي لـ«الشرق الأوسط»: نتمنى أن يكون نقد المرشحين للحكومة موضوعيا

جاسم الخرافي يتحدث الى الصحافة أمس (أ. ف. ب)
TT

حل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمس البرلمان، لينهي بذلك الأزمة السياسية التي نشبت بين السلطتين التشريعية والتنفيذية منذ منتصف الأسبوع الحالي.

وأرجع أمير الكويت قراره بحل البرلمان إلى «حماية الوحدة الوطنية، باعتبارها السياج الواقي للوطن والمواطنين، من مظاهر الانحراف والتجاوزات التي حدثت على الحدود الدستورية المستقرة، والواجبة الاتباع بين السلطات العامة في الدولة».

وتضمن مرسوم الحل الذي أذيع مساء، الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة في السابع عشر من مايو (ايار) المقبل، وهي الثانية في عهد الشيخ صباح منذ توليه مقاليد الحكم قبل عامين، وقبل أن يكمل البرلمان عامه الثاني.

وأضاف «كما سيتم تكليف الجهات المعنية لاستكمال كافة الاجراءات اللازمة لعملية الانتخاب لتمكين الناخبين والناخبات من ممارسة واجبهم الوطني بسهولة ويسر».

وكان الشيخ صباح الأحمد قد استقبل ظهر أمس ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس البرلمان جاسم الخرافي ورئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، واستمع منهم الى خلفيات الأزمة السياسية الأخيرة، قبل أن يتخذ قراره بحل البرلمان.

وشهدت الكويت منتصف الأسبوع الجاري أزمة سياسية بعد تقديم الوزراء استقالة جماعية، احتجاجا على عدم تعاون النواب في البرلمان، وتدخلهم في صلاحيات عملهم، ما أدى إلى خلل في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانحراف في مفهوم التمثيل البرلماني، وتفشي مظاهر التجاذب والتأزيم، وتجاوز الأصول البرلمانية، كما جاء في خطاب استقالتهم.

من جانبه، أكد رئيس البرلمان المنحل جاسم الخرافي أن «الكويت وشعبها في أيد أمينة، وهي أيدي أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وأي قرار يتخذه سيكون محل تقدير واحترام من قبل الجميع».

وأضاف للصحافيين، بعد لقائه الشيخ صباح ظهر أمس «تشرفت بلقاء الأمير، وتناولنا الأوضاع التي تشهدها البلاد، واستمعت إلى توجيهاته بهذا الشأن».

وطلب إعفاءه من الحديث عن تفاصيل ما دار في الاجتماع، «فما دار تناول فحوى رسالة الاستقالة التي قدمها الوزراء إلى رئيس الحكومة، التي نقلها إلى ولي العهد ومن ثم نقلت إلى الشيخ صباح».

وتعد الحكومة الحالية التي تشكلت في مارس (اذار) من العام الماضي، وأُجري عليها تعديل موسع في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، الثالثة للشيخ ناصر المحمد منذ عامين، بعد اختياره من قبل الشيخ صباح الأحمد رئيسا للوزراء، في فبراير (شباط) 2006.

وفي اتصال هاتفي مع وزير المواصلات الكويتي عبد الله المحيلبي أعلن أن «الوزراء أقدموا على الاستقالة مقتنعين بما جاء فيها من أسباب، فنحن نعمل وفقا لنهج إصلاحي، وهدفنا المحافظة على المكتسبات الدستورية، وتعديل أي اعوجاج يحصل، حتى لا تتكرر الأخطاء».

وحول احتمال ارتفاع سقف النقد خلال الحملات الانتخابية المقبلة، بين الوزير المستقيل المحيلبي في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» أن «هناك توقعا بأن يرتفع سقف النقد خلال الحملة الانتخابية المقبلة، لكننا سنثبت صحة وجهة نظرنا، ونتمنى أن تتضمن الانتقادات حلولا نستطيع تنفيذها، لا أن تكون فقط لأجل المعارضة والتجني والتجريح بالأشخاص».

وشدد المحيلبي على أن «الحكومة ستتقبل أي نقد يصب في إطار المصلحة الوطنية، ونحن نؤمن بالرأي الآخر متى ما كان موضوعيا، ومقتنعون بأنه مهما ارتفعت وتيرة الخلافات، فهناك ولي أمر نرجع اليه جميعا، ورأي الأمير سيكون هو الفيصل دائما».

ونفى المحيلبي وجود أي توجه يقضي بالتضييق على المرشحين للانتخابات المقبلة، سواء بتعطيل تمرير ما سيقدمونه من معاملات أو مظالم، مشددا على أن «الحكومة دائما تكون في صف المواطن متى ما كان على حق، وأبوابها مفتوحة للجميع».

وفي ردود فعل متقاربة حمل نواب البرلمان المنحل الحكومة مسؤولية قرار الحل، مشددين على أن الاحتكام للدستور أمر يرضيهم، وقرار أمير البلاد محل قبول منهم جميعا، كونه صدر عن «أبو السلطات الثلاث».

ورأى نائب رئيس البرلمان الدكتور محمد البصيري أن «حل البرلمان بشكل دستوري أمر نرتضيه في حال احتقان العلاقة بين السلطتين، لكننا نأسف لأن تصل العلاقة بين السلطتين إلى هذا الحد، وإن كنت أحمل المسؤولية للحكومة في ما يتعلق بترددها وعدم تعاونها وسعة صدرها في كثير من الصلاحيات الممنوحة للنواب».

وأكد البصيري «نحن الآن سنعود إلى الشارع الكويتي لنحتكم إليه ليقول كلمته، وليكشف لنا على من تقع المسؤولية، علينا أم على الحكومة، وأعتقد أن الشعب الكويتي واع ومثقف ومحاسب شديد». وأضاف أن «فترة الانتخابات فرصة جيدة للنواب والمرشحين لكي يبينوا حقيقة ما حصل، وأتمنى أن يأتي برلمان جديد، يحمل رؤية الشارع الكويتي وتطلعاته، ثم بعد ذلك تشكل حكومة وفقا للدستور بعد قراءة نتائج الانتخابات، وآمل في أن يأتي المستقبل بالمزيد من التعاون بين السلطتين».

وأشار البصيري إلى أن «الحكومة تجنت على البرلمان، وحاولت تغطية ضعفها بإلقاء الكرة في ملعب البرلمان، وتحميله مسؤولية إعاقة التعاون بين السلطتين، متناسية أنه كان يمد يد التعاون مع الحكومة، وأن الكتل البرلمانية تعهدت لسمو أمير البلاد بتقديم المزيد من الانجازات».

يذكر أن أيا من حكومات الشيخ ناصر الثلاث لم تكمل عاما من عمرها، فقد استقالت حكومته الأولى بعد أن دفعت لحل البرلمان صيف 2006، ولم تكمل حكومته الثانية تسعة أشهر، بعد أن استقالت إثر استجواب وزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبد الله، فيما أجرى الشيخ ناصر في أكتوبر الماضي تعديلا موسعا طال ثلث الحقائب التي كان قد أعلنها في مارس الماضي. وبقرار الحل أمس يكون البرلمان الكويتي قد حُل خمس مرات، ثلاث منها بشكل دستوري استلزمت الدعوة لانتخابات مبكرة أعوام 1999 و2006 و2008، فيما عُلق العمل بالدستور وألغي البرلمان بشكل غير دستوري عامي 1976 و1986.